تأخر الرئيس السيسى فى تغيير الحكومة لكنه تدارك الأمر عندما وصلت درجة الثقة فى الحكومة إلى درجات متدنية كانت ستصيب شعبية الرئيس.. ورغم أن قرار تكليف م.شريف إسماعيل بتشكيل الحكومة لم يجد صدى شعبياً حتى الآن، لكن مازال نجاح الرجل فى وزارة البترول دون شو إعلامى يمنح الأمل عند البعض فى النجاح، مع أن رئاسة الجمهورية لم تتحدث حتى الآن عن حيثيات اختياره، لكن العاملين فى قطاع البترول يرون فيه شخصية جادة.. قادراً على اتخاذ القرار، حيث وقع 65 اتفاقية للتنقيب كان من ناتجها كشف الغاز.. يعمل فى أكثر من مجال: العلاقات الدولية - الاقتصاد - الخدمات.. كما أنى أعرف عن رئيس الوزراء الجديد أنه يجيد العمل فى منظومة، فقد حضر إلى ندوة «المصرى اليوم» منذ أسبوعين بفريق عمل متكامل من قيادات الوزارة، وكان يجيد توزيع الكلمات بينهم ببساطة وثقة تعكس قدرته على الأداء الجماعى.
لكن هذه المزايا وحدها لن تُمكّن رئيس الوزراء الجديد من تعويض المساحة التى شغلها م. إبراهيم محلب بسهولة، خاصة أن محلب جعل منصب رئيس الوزراء ذا نكهة شعبية، فكثير من المواطنين البسطاء يعرفونه ويحبونه ويتعاطفون معه، كما أن «محلب» اشتبك فى كل المجالات ومع جميع الأطراف من الرياضة إلى الفن وحتى الأحزاب والاقتصاد والعلاقات الدولية، وكان طاقة جبارة منتشرة فى جميع ربوع الوطن، أما سلبيات عهد محلب، فقد كتبتُها مرات وفى غنى عن تكرارها وسيحسب له أنه رفض فى آخر اجتماع للحكومة تقديم بلاغات للنائب العام ضدى مع عدد آخر من منتقديه، بناءً على اقتراح من بعض وزرائه غير المسيسين، ومما لا شك فيه أن إحدى أبرز سلبيات محلب اختياراته التى أدت إلى ما نحن فيه، لكن سيظل الرجل علامة للوطنية والإخلاص والتفانى فى خدمة الوطن.. وكان الرئيس محقاً فى الاستعانة به بجواره للاستفادة من طاقته وخبرته فى مجالات أخرى.
يجب على م. شريف إسماعيل اختيار نائب رئيس وزراء دون حقيبة، وظيفته التواصل مع الفئات المختلفة، والاشتباك والتفاعل مع القضايا الهامشية التى تملأ مصر فى خلال هذه المرحلة الحرجة، خاصة أن سمات رئيس الوزراء الجديد لن تساعده فى أداء هذا الدور، كما يجب إعادة اختيار وزير للإعلام حتى تشكيل المؤسسات التى نص عليها الدستور، بالإضافة إلى اختيار وزيرين جديدين للمشروعات الصغيرة والمصريين فى الخارج، كما وعد الرئيس من قبل.
اختيارات إسماعيل ستحدد مدى نجاحه، والفرصة كبيرة أمامه، خاصة أن الأجهزة تراجع أسماء وزراء منذ أشهر عديدة، والساحة الآن أصبحت أكثر تنويراً والرقابة البرلمانية غائبة والرئيس يمنح ثقة كبيرة لحكومته ويحميهم بشعبيته وقت اللزوم.. والأهم هو التزام رئيس الوزراء المكلف بإعلان التشكيل فى أسرع وقت، لأن هذا الأمر يعكس انطباعاً بالجاهزية والرؤية معاً.
كانت إحدى سمات وزراء المرحلة الانتقالية اعتقادهم الدائم أنهم يقدمون تضحيات لقبولهم المهمة، وبالتالى يرفضون أى نقد، ولا ينظرون إلى السلبيات، بل يرون الإنجازات فقط، ويطالبون الشعب بأن يسير وراءهم.. وبالتالى يجب على م. شريف إسماعيل استبعاد هؤلاء، فمنصب الوزير فى مصر يحتاج إلى فدائيين أصحاب رؤية، يشعرون بالمواطنين وبمشاكلهم، ويمثلون إضافة لرئيس الجمهورية وليس عبئاً عليه، ويشكلون فريق عمل هدفه الأول والأخير: مصر بلا فساد أو مجاملات أو أياد مرتعشة.
سيظل «محلب» هو رئيس الوزراء الأكثر شعبية منذ عهد د. كمال الجنزورى.. وسيدخل م. شريف إسماعيل اختباراً جديداً ولن يسعفه الوقت، فأمامه حوالى 70 يوماً فقط لإثبات جدارته أمام البرلمان المنتظر، وبالتالى عليه الدخول إلى غرفة العمليات سريعاً بفريق كفء ومتناغم وجرىء، لأن الأوضاع لا تحتمل الثبات أو التجريب.. والبلد لن يتقدم بالنوايا الحسنة!!