مصطفى بكري: «برنامج السيسي» سيتعطل إذا لم يتم «تعديل الدستور»

كتب: عادل الدرجلي الأربعاء 16-09-2015 10:46

■ من وجهة نظرك.. ماذا كان يقصد الرئيس بأن الدستور وضع بنوايا حسنة؟

- كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يقصد القول بأن الدستور عندما تم وضعه أعطى مجلس النواب سلطات أكبر من سلطة الرئيس، وفى ظل الوضع الحالى الذي تمر به مصر وما عانته خلال المرحلة الماضية، ما أدى إلى خلخلة بعض المؤسسات، يستوجب الأمر إعادة بناء الدولة وفق أسس جدية وتحقيق الأمن والاستقرار، وفى هذه الحالة لا يمكن القول بأن البلاد باتت مستعدة لتطبيق دستور يهدف إلى النظام المختلط ويعطى البرلمان سلطات أكبر من سلطات الرئيس، وهو ما قد يدفع البلاد إلى مشاكل متعددة.

■ ما هذه المشاكل التي قد نقع فيها من تطبيق الدستور وفق هذا النظام؟

- على سبيل المثال، إذا أراد الرئيس تكليف رئيس حكومة جديد بتشكيل الوزارة، فلابد أن يعرض الأمر على البرلمان، فإذا رفض مجلس النواب رئيس الحكومة، فإن الرئيس يكلف وفقا للدستور الحالى حزب الأكثرية بتشكيل الحكومة، ثم يتم عرضها على البرلمان لأخذ الموافقة عليها فإذا وافق البرلمان، يقوم الرئيس بحل مجلس النواب، وهذا يضعنا أمام مخاطر.

■ ما هي هذه المخاطر؟

- المخاطر هنا تجعلنا نتساءل: ماذا إذا فاز حزب النور مثلا بالأكثرية، وبالتالى طبقا للدستور وفى حال رفض رئيس الحكومة المطروح من رئيس الجمهورية، يتم تكليف حزب الأكثرية بالتشكيل، فإذا نجح حزب النور في تشكيل الحكومة، هنا يمكن أن يوافق البرلمان على الحكومة حتى لا يتم حله، فهل يستطيع الرئيس التعامل مع حكومة بهذا الشكل؟ وما مصير المشروعات القومية التي يسعى الرئيس لتنفيذها؟ وكيف ستكون العلاقة التي يجب أن تربط الرئيس برئيس الوزراء؟ وإذا تم رفض حكومة حزب الأكثرية فإن الرئيس سوف يحل البرلمان بعد الفشل في تشكيل الحكومة طبقا للدستور الحالى.

■ ما تأثير ذلك على الوضع العام؟

- إن هذا لا يقود إلى الاستقرار نهائيا، بل ستكون له انعكاسات على الحياة الاجتماعية، وهذا يدعونا إلى مشاكل بلا حدود من شأنها تعطيل برنامج الرئيس ويهدد الاستقرار والتعايش.

■ هل مسألة تشكيل الحكومة فقط أبرز مشاكل الدستور من وجهة نظرك أم أن هناك مواد وأمورا أخرى؟

- هناك مشاكل أخرى، فمجلس النواب لديه سلطة سحب الثقة من الرئيس، فماذا يكون الوضع إذا تمكن حزب الأكثرية لو كان مختلفا مع الرئيس من أن يجمع أكثر من ثلثى الأعضاء، فهل معنى ذلك أن يتم سحب الثقة من الرئيس رغم كونه منتخبا بنسبة تخطت الـ97%، فهل هذا يقود إلى استقرار البلاد ونموها في الفترة المقبلة!

■ لكن الدستور تمت الموافقة عليه في لجنة الخمسين بنسبة 100% ومن بعدها أقر بتصويت 98%؟

- نعم.. لكن الدستور الحالى تمت الموافقة عليه وقت طرحه، لأسباب وظروف معينة، إلا أن حق مراجعته وتعديله طبقا لما ذكر فيه هو حق أصيل للبرلمان ذاته، وفقا لما نص عليه الدستور من مواد، ومن ثم عندما يتقدم العدد القانونى من نواب البرلمان البالغ ثلث النواب مطالبين بالتعديل لبعض المواد، فإن الغريب في هذا الأمر أن بعض النماذج من النخبة تردد الدعاية الإخوانية بأن رغبة التعديل في الدستور تتم لرغبة المطالبين بتعديل فترات حكم الرئيس لتزيد على فترتين.

■ ما ردك على هذه المطالبات وهؤلاء المطالبين؟

- الحديث عن تعديل فترات الرئيس وزيادتها على فترتين لن يوافق عليه أحد ولا يطالب به أحد، فالضمير الوطنى لن يقبل بتغيير فترات حكم الرئيس، ولا أعتقد أن الرئيس نفسه يمكن أن يقبل ذلك، فإن هذا يعد خيانة للشعب.

■ ما ردك على من يتحدث عن الرغبة في تعديل مدة الرئيس لتصبح 6 بدلا من 4 سنوات؟

- هذا الأمر غير وارد في الوقت الحالى، والمطلوب بل الوارد تغييره هو بعض المواد في الدستور الحالى، لإعادة التوازن بين السلطات، وأن يكون لرئيس الجمهورية الحق في اختيار الحكومة وعرضها على البرلمان فقط، دون النص على أنه في حال رفض الشخصية المطروحة من الرئيس يتم تكليف حزب الأكثرية بتشكيل الحكومة، لأن هذا يدخلنا في نفق مظلم.

■ إذن الرئيس عندما تحدث عن النوايا الحسنة في وضع الدستور كان يقصد ما تتحدث عنه أم كان يقصد أمورا أخرى؟

- الرئيس عندما قال إن الدستور وضع بنوايا حسنة، وإن النوايا الحسنة لا تصنع دولا، لم يكن يقصد التشكيك في الدستور الحالى أو الافتئات عليه، وإنما كان يقصد أن وضعه تم بنوايا حسنة لكن الأوضاع الحالية وتعرضنا للإرهاب والمخاطر التي تحيط بنا، كل هذا من شأنه أن يدفعنا إلى الرغبة في التوازن بين السلطات ولا يبقى دور الرئيس مقصورا على الدفاع والأمن والسياسة الخارجية، فإن الدستور يعطى رئيس الوزراء سلطات تنفيذية أعلى من سلطات الرئيس، بل يجعل الرئيس رقما غير فاعل في الجهاز التنفيذى.

■ ما المشكلة في توزيع السلطات بين الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس النواب؟

- هذا أمر غريب وغير فاعل في مصر، فالسلطات الموجودة في يد رئيس الجمهورية حاليا ستتقلص بعد تشكيل البرلمان، والتى من شأنها أن تعطل الرئيس عن التنمية وإقامة المشروعات الكبرى.

■ لماذا يتحدث الآن الرئيس عن الدستور.. هل بسبب قرب انتخابات مجلس النواب؟

- لم تكن هذه المرة هي الأولى التي يتحدث فيها الرئيس عن الدستور، فقد سبق أن تحدث في حفل إفطار بشهر رمضان الماضى، وكان حديثه بنفس المعنى، وأعتقد أن مجلس النواب المقبل سيكون معنياً بهذه التعديلات بما يحقق التوازن ويدعم مؤسسات الدولة.

■ هناك من يرى أن منح الصلاحيات الكاملة للرئيس يصنع مستبداً؟

- هذه ليست صناعة رئيس مستبد وإنما إعادة سلطات تم سلبها بمقتضى الدستور الجديد، فلن ينصلح الحال بدون عودة هذه السلطات إلى الرئيس، في بلد يمر بمرحلة خطيرة، فإن تعديل الدستور يفض الاشتباك وينهى الأزمات ولا يحول مصر إلى لبنان أو عراق آخر، ذلك أن لبنان لا تزال حتى الآن تعانى أزمات ومشاكل عديدة جراء النظام الذي يحكم أداءها، فهل مصر مهيأة الآن للنظام البرلمانى والمختلط، بالطبع «لا»، لذلك كان حديث الرئيس بأن الدستور صنع بحسن نية ومقصد جميل لكن لن يستطيع أن يحقق الاستقرار في البلاد.

■ هناك اتهامات بأن المؤيدين لحديث الرئيس كانوا يؤيدون جميع الرؤساء السابقين؟

- أي رؤساء أيدنا من قبل، فقد وقفنا من قبل في مجلس الشعب عام 2007 ضد تعديلات الدستور وقت حكم مبارك، لأننا أدركنا أن التعديلات التي تجرى في وقتها كان المقصود منها فتح الطريق أمام ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية، في غيبة من النواب المستقلين، وكذلك وقفنا ضد دستور الإخوان، ولو أراد أحد أن يجرى أي تغيير على مدة انتخاب الرئيس سنقف ضده بالمرصاد، فإن هذه النقطة خط أحمر، والرئيس لا يريد ذلك، لأنه تم استدعاؤه من الشعب فلا داعى للتزيد وادعاء الأكاذيب. وأتساءل لماذا ينزعج البعض؟.. فليترك الأمر للبرلمان.

■ وما تقييمك لأعضاء لجنة الخمسين؟

- مع احترامنا وتقديرنا لهم إلا أن اللجنة تعرضت، بل واستجابت، لابتزازات البعض ووافقت على بعض المواد بزعم إعادة التوازن للسلطات والعكس كان صحيحاً، فنحن في بلد يتعرض للتآمر والإرهاب ولابد أن نعطى للرئيس السلطة لإدارة البلاد، فقد تولى المجلس العسكرى حكم مصر 17 شهراً عقب ثورة 25 يناير، وظل يحكم بإعلان دستورى واحد ولم يلجأ إلى أي تعديلات تتيح مهلة للاستمرار، ولم يصدر أي إعلان دستورى يمكنه من البقاء، فلماذا المخاوف والتخوف؟ ثم إن البرلمان له سلطة أن يقبل أو يرفض حسب التعديلات المطروحة على الدستور وما هو هدفها، فلا تجوز مصادرة حق البرلمان القادم في التعديل أو رفضه، والرئيس السيسى تعود أن يتحدث بصراحة، فإذا كانت الموافقة على الدستور تمت في ظروف صعبة، فأعتقد أنه حان الوقت لإجراء تعديل يكون مرهوناً بإعادة التوازن إلى سلطات رئيس الجمهورية والسلطات الأخرى، ولا يجب تصوير الأمر على أنه محاولة لمد فترة الرئيس لأكثر من دورتين، لأن هذا لن يحدث.

■ هل يمكن أن تطرح قائمة «فى حب مصر» بعد فوزها في البرلمان طلبا بتعديل الدستور؟

- الأمر لم يطرح للمناقشة داخل القائمة، لكن قد نقوم بهذا أو يلجأ بعض الأعضاء للمطالبة بذلك.