وماذا لو ترشّح عزّ؟!

أيمن الجندي السبت 12-09-2015 21:04

أستغرب جدا من هؤلاء الذين تملّكهم الغضب بسبب ترشح أحمد عز للبرلمان! وبصرف النظر عما سيحدث في الأيام القادمة، وهل سيقبلون أوراقه أم سيرفضونها، فإننى لا أفهم لماذا يعتبرون عودته شيئا مؤسفا!

يا سلام! يتحدثون كأن جميع الأمور على ما يرام، فقط هذا الشرير المتسلل الذي يريد أن يخرّب مكاسب شعب طال به الظلم حتى ثار على من ظلمه! وفجّر ثورة أبهر بها العالم. ما زلت عاطفيا للأسف ويخشع قلبى كلما تذكرت ذلك المصرى الذي تفحّص جواز سفره موظفٌ أمريكى! كنا وقتها في عز أيام الثورة، وكان أوباما يدعو الشباب الأمريكى أن يتخذوا من الشباب المصرى قدوة! وكان ميدان التحرير ساحة صلاة، تتنزل فيه الملائكة فعلا وليس مجازا. وأى عجب أن تتنزل الملائكة على قوم تراحموا بينهم، يرفعون لله صلاة مليونية، تهدف كل صلاة إلى تحقيق مراد الله في خلق آدم، يصحّحون ظلما طال، حتى يصبحوا أهلاً أن يباهى الله بهم ملائكته.

وإذا بالموظف الأمريكى يعلن في الميكروفون: «يبدو أن هناك مصريا ها هنا. لذلك أرجوكم أن تشاركونى الاحتفاء بثورتهم العظيمة».

نعم يبدو أننى عاطفى أحمق، إذ ما زالت عيناى تدمعان كلما سمعت- بأذن الخيال- صوت العابرين في المطار وهم يصفّقون للشاب المصرى!

ثم جاء بعدها المتاجرون بالدين والمحتكرون للوطنية. وبالشعارات الرنّانة الطنانّة سلبوا من الشعب، ليس فقط العيش الكريم، وإنما حق الحياة أصلا.

................................

أحمد عز بعد أربع سنوات يترشح للبرلمان! ما المشكلة؟ هل حققت الثورة أهدافها في العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية؟

لقد كنا نشكو من الغلاء في عهد مبارك؟ فماذا عن الغلاء الآن؟ ألسنا كلنا نحلم أن تعود الأسعار القهقرى؟ وماذا عن الحرية؟ ماذا عن آلاف المسجونين خلف القضبان يرفعون إلى الله في عتمة الزنازين شكايتهم؟ عن تقارير جمعيات حقوق الإنسان والدول الديمقراطية الغربية التي تؤكد كلها أن شيئا ليس على ما يرام يحدث في هذا البلد؟

ماذا عن العدالة الاجتماعية؟ وقرار تحديد الحد الأقصى قد تم تجاوزه على أعين الجميع دون وجود أدنى مشكلة؟ وأين الشفافية في الأجور وكلها من دماء هذا الشعب المطحون؟ أليس من حقنا أن نعرف أجر كل موظف عام، سواء كان هذا الموظف رئيسا أو وزيرا أو قاضيا أو ضابطا! ألا يحدث هذا في كل العالم باستثنائنا؟

..............

بعد ذلك كله تنتحبون لأن أحمد عز قدم أوراقه؟ ما المشكلة في ترشح أحمد عز؟ أرجوكم أخبرونى!ّ هل مصر بخير وهذا الشرير المتسلل يريد أن يفسد فرحتنا؟ اليست أحوالنا فعلا أسوأ من قبل 25 يناير؟ أليس تظاهركم بالضيق من عودته ليس أكثر من «اشتغالات» منكم؟

أنا لا أقول إن عهد مبارك كان جيدا فهو المؤسس لكل فساد جاء بعده. ولكن السيئ يوجد دائما ما هو أسوأ منه. وبالمقارنة مع الوضع الحالى فإن الأمن كان أكثر استتبابا، وحرية الرأى مكفولة، والدماء مصونة غالبا، وكان الاحتياطى النقدى دسما، ونسبة النمو عالية وإن افتقرت إلى عدالة التوزيع. والأهم من كل ما سبق أن الشعب كان وقتها على قلب رجل واحد.

عن نفسى أرحب بترشح عزّ لأننى أحب أن أسمى الأشياء بأسمائها. وهؤلاء الذين يتظاهرون بالصدمة فإننى أحسدهم على قدرتهم على خداع أنفسهم.

مصر تغيرت بالفعل ولكن إلى الأسوأ.

elguindy62@hotmail.com