شكراً على كل ما قدمتَ، كنتَ مخلصاً، باراً بأهلك ووطنك وشعبك، كنتَ عند حسن الظن، وستعود إلى بيتك محترما مقدرا موقرا، تحملتَ ما لم يتحمله بشر، وقدمتَ كل ما تملك من جهد وعرق وعطاء راضيا بكلمة طيبة، ودعوة طيبة.
شكراً، كنتَ رئيس وزراء بدرجة مواطن، المواطن إبراهيم محلب، اجتهدت ونجحت وأخفقت، حاولت ونلت شرف المحاولة، وحتى آخر لحظة كنت سخيا في العطاء، تبذل آخر قطرة عرق، هنيئا لك بحب الناس، لم أسمع في الجوار مع وداعك سوى كل كلمات طيبات في أثرك، وشكر تلهج به الناس، فقَرّ عينا.
شكراً، وأنت لا تملك لنا ضرا ولا نفعا، وكنت رئيس وزارة بالحسنى وزيادة، لم تضر أعداءك ولم تنفع أصدقاءك، ولم توقع إلا ما يمليه عليك ضميرك، وخرجت كما دخلت أول مرة مرفوع الرأس، التغيير سنة الحياة، ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك في ظرف قاس، وكنت «قدّ» المهمة «وقدود»، وقبلت الأمانة وسلمتها إلى أصحابها تامة، كشف حسابك بيمينك أبدا لا يشينك.
شكراً على شجاعتك وإقدامك واقتحامك، كان الطريق شاقا وعرا قاسيا مهلكا، لم تهن ولا لانت عزيمتك، لم تخش في حقك الدولة لومة لائم، نزلتَ الأسواق، واقتحمتَ العشوائيات، واقتربتَ من الناس، خاصمتَ النوم إلا قليلا، واكتفيتَ بقليل من الزاد، وتوفرت على مصالح العباد، وحركت المياه الراكدة، وانتظمت منظومة الخبز، وتحسنت منظومة التموين، واختفت ظاهرة الطوابير، معلوم تحريك عجلة الاقتصاد يحتاج إلى معجزة، وهذا ليس عصر المعجزات، والناس لا تصبر على طعام واحد.
شكراً، على تواضعك وبساطتك وحبك للناس، رئيس وزراء طيب وشغال، وتنادى عليك سيدة بسيطة يا محلب، وتلبى النداء كابن بار، محلب الذي قدم استقالة حكومته راضيا مرضيا نِعمَ المسؤول الذي يخطئ ويصيب، وإن أخطأ يعتذر، وكثيرا ما اعتذر، وقبّل الرؤوس، وطبطب على الظهور، وستذكره مريم الطيبة بكل خير، حتى مَن خرجوا عليه هاتفين برحيله في مصلحة الضرائب وصفهم بأنهم «شرفاء هذا الوطن».
شكراً، على قيادتك لسفينة خربة، قديمة، متهالكة، تقطعت منك الأنفاس، وتعرقت الأبدان، تحركت السفينة ولكن الجنادل والشلالات كانت تقطع عليكم خط المسير، وحدك، ونفر قليل من الوزراء، كنتَ تحارب طواحين الهواء، حملتَ الأمانة، بكل أمانة، وتقاعس نفر كثير، وفسد بعض قليل، ولم تدخر جهدا، وكان ما كان، وقدر الله، وأعلم أنك رجل مؤمن وراض بقدرك، الوزارة كانت قدرا قاسيا، ولكنه قدر المؤمنين بحق الوطن في الحياة، وحق المصريين في حياة طيبة.
شكرا، يقينا أديت الواجب وزيادة، المرحلة القادمة تختلف، والمطلوب مختلف، والسياسات حتما ستتغير، والأفكار لابد لها من عصف، ومرحلة البنية الأساسية التي كنتَ رجلها الأول تختلف عن مرحلة البناء القادمة، نجاحك تنفيذيا للأسف لم يواكبه نجاح سياسى، والمرحلة السياسية تحتاج إلى تغيير الدماء لا تغيير الوجوه، تحتاج إلى أفكار ربما لم تتوافر لدى مجلس وزرائك، وعزيمة لم تثبت في كثير منهم، ربما ليست مرحلتك، والمهمة القادمة لها رجال، تتطلب مواصفات خاصة، والدكتور شريف إسماعيل، المكلف من الرئيس، ربما رجل المرحلة، المرحلة الغازية التي تستقبل فيها مصر بشائر الخير من البحر المتوسط، وزارة تنقل مصر وتدخل بها إلى عصر الطاقة الرخيصة، وإطلاق طاقات الاستثمار، بعد فترة جفاف وإعسار.
شكراً، ولو كان من اللياقة السياسية ما يسمح بأن تعود إلى الوزارة وزيرا، لكانت وزارة سيناء تنتظركم، محلب ماكينة عفية لاتزال تعمل بكفاءة، ونحن في أمَسّ الحاجة إلى كفاءات، هل يأتى علينا زمن يتحول فيه رئيس الوزراء إلى وزير، هل يجود علينا الزمان برجال؟