ثروة على جدار!

سليمان جودة الخميس 10-09-2015 21:43

مساء السبت الماضى، أخذت الدكتور زاهى حواس من يده، فى شارع من شوارع مدينة كورتونا الإيطالية الواقعة شمال روما بـ200 كيلومتر، ثم أشرتُ له إلى صورة معلقة على الحائط داخل محل!

كانت الصورة له، وهو يرتدى القبعة الشهيرة، وكانت إلى جوارها صورة أخرى لمنظر من مصر يضم الأهرامات والنيل، وكان المعنى أن محتوى الصورتين هو كل ما يعرفه المواطن الإيطالى، صاحب المحل، عن بلدنا، ثم كان المطلوب منا، ولايزال، أن نعرف كيف نحوِّل هذا المواطن من مجرد معجب بزاهى حواس، وببلده وآثاره، إلى سائح يزورنا وينفق عندنا المال!.. هو وغيره!

وإذا كانت وزارة السياحة قد اتفقت مؤخراً مع شركة عالمية، من أجل الدعاية لنا سياحياً، على مدى سنوات ثلاث قادمة، مقابل ملايين سوف تتقاضاها الشركة، فلا أحد يعرف ما إذا كان عمل شركة كهذه سوف يكون له عائد حقيقى على حجم نصيبنا من السياحة العالمية، أم لا؟!.. فهذا ما سوف نعرفه فى حينه، وهذا أيضاً ما يتعين على أهل الشأن فى السياحة أن يشرحوه للناس وبالتفصيل.. عليهم أن يشرحوا كم سوف تتقاضى الشركة إياها، وفى مقابل ماذا؟!.. وما الذى سوف نفعله إذا لم تتحقق «ماذا» هذه على يديها كشركة جئنا بها، ليكون نصيب البلد من كعكة السياحة عالمياً، مما يليق بنا، وببلد يملك إمكانات بلدنا؟!

الترويج السياحى صناعة لها أسس، وهو إذا لم يكن ترويجاً مضمون العائد، فأظن أنه لا لزوم له، وأظن أننا لانزال غير قادرين، سياحياً، على الاستفادة من شعبية رجل مثل «حواس» فى الولايات المتحدة، خصوصاً، ثم خارجها عموماً، ولانزال، بالدرجة ذاتها، غير قادرين على «توظيف» السيدة الفاضلة جيهان السادات ــ مثلاً ــ فى الاتجاه نفسه، وبشكل خاص فى الولايات المتحدة نفسها!

لقد كان أمريكان كثيرون يعلقون صور الرئيس السادات فى بيوتهم، وقت أن كان الرجل فى الحكم، ولقد وصل الإعجاب به، فى أيامها، إلى أن قيل إنه لو رشح نفسه فى الانتخابات الأمريكية، فسوف ينافس المرشح الأمريكى، وربما يكسب، ولم يكن ذلك كله إلا لأنه كان يعرف ماذا يريد، ثم يذهب إليه من أقصر طريق، ثم إنه كذلك كان يعرف كيف يخاطف العقل الأمريكى بما يفهمه، وكيف يقنعه، وكيف أيضاً يكسبه.

لقد بقينا، لفترة طويلة، نطلب «توظيف» عمر الشريف لصالحنا، لدى الأمريكان والأوروبيين، حتى رحل دون أن يوظفه أحد، وحتى تحوَّل الفنان الراحل، فى الآخر، إلى ثروة مهدرة، ولا نريد أن يتكرر الأمر مع الدكتور زاهى، ولا مع السيدة جيهان، أمد الله فى عمريهما، ولا مع غيرهما طبعاً، ونريد أن نطل على الرأى العام، فى الغرب عموماً، بوجوه يعرفها بيننا، وعنده استعداد لتصديق ما يقوله كل وجه منهم عنا!

صورة السادات التى كانت معلقة فى بيوت أمريكية هى رصيد لنا، فى انتظار مَنْ يعرف كيف يسحب منه لصالح البلد.. وكذلك صورة حواس على جدار المحل الإيطالى.. ولابد أن نتعلم كيف نتكلم مع الآخرين، بما يخدم ويعظم مصالحنا، كدولة، وأن نتوقف عن الكلام مع أنفسنا، لأنه كلام لا جدوى منه ولا فائدة!