بيقولك يا حمادة إن وسيط الرشوة لو فتن على زمايله فسيتحول إلى شاهد ملك، وهذا بالقانون على فكرة.. وبالقانون ستراه فى التليفزيون طالع عامل فيها البطل المناضل رغم أن القاصى والدانى وحتى الواد توتو الصغير يعلمون أنه فاسد من يومه!.. طب بذمتك يا حمادة أليست هذه المادة فى القانون هى أم الفساد؟.. وهل وسيط الرشوة سيتأدب ويلتزم لو فلت من العقاب؟.. هى العاهرة يا حمادة إذا اعتزلت بتشتغل إيه؟.. دكتورة؟!.. ثم متى تغير قانون العصابات وأصبح بالساهل كده إن حرامى يعترف على زمايله؟.. هل محمود المليجى عمره اعترف على فريد شوقى؟.. ولا حتى توفيق الدقن عملها.. هى الدنيا جرى فيها إيه؟.. فين أخلاق العصابات التى تربينا عليها؟.. خلاص، لم يعد هناك خير فى أى شىء حتى فى الحرامية والنصابين؟!.. لكن يبقى الشعب المصرى صاحب الحدس الذى لا يخطئ أبدا.. لقد استاء الرأى العام من حظر النشر الذى تم فرضه على قضية فساد وزارة الزراعة ولم يقتنع بما أشيع بأنه لمنع العبث بالأدلة، وشك أن هناك صفقات تتم لإخراج أشخاص بعينهم من الموضوع، وقد أثبت الرأى العام أنه بالفعل ما ينضحكش عليه.. وربما لهذا كانت تلك الطريقة السينمائية فى القبض على وزير الزراعة على طريقة «بص العصفورة» بينما الصفقات تتم فى الجهة الأخرى.. طريقة توقيف الوزير مسيئة ومهينة وأتساءل، ما ينفعش ننفصل من غير ما نجرح بعض؟.. لماذا استسهال العنف والإهانة؟.. المعادن الأصيلة تظهر وقت الانفصال وليس عندما نكون سمن على عسل.. فى أمريكا عام 2008 كان حاكم ولاية إلينوى يتحدث مع صديق مقرب له فقال له إنه على استعداد أن يبيع له منصبه فى الانتخابات القادمة لو دفع له ما يساويه.. ولأن التليفونات تحت الرقابة فقد أخذت هذه المحادثة عليه وتقرر التحقيق معه وعزله.. فى الساعة الثامنة من صباح أحد الأيام التالية اتصل بالحاكم شخص من مكتب التحقيقات الفيدرالى وأخبره أنه سيخضع للتحقيق بتهمة كذا وكذا وأن هناك سيارة سوداء تنتظره على باب منزله وليس مطلوبا منه سوى أن يرتدى بدلته ويركب السيارة فى هدوء.. ذهل حاكم إلينوى وأخبر محدثه أن الحديث كان هزارا فقط وأن صديقه هذا لن يترشح وليس له فى السياسة أصلا، فأجابه الضابط بأن الأمر منتهى وأن عليه الانصياع للأوامر وركوب السيارة فى هدوء بدلا من أن تدخل القوة الفيدرالية منزله وتقبض عليه أمام أبنائه.. ففعل الحاكم ما أُمر به وتم الأمر فى هدوء.. هذا هو ما أتحدث عنه.. لماذا اللجوء لعمل فضيحة فى ميدان التحرير ونحلق بالعربيات من هنا ومن هنا وشغل الكاوبوى هذا؟.. ألم يكن الأشيك أن يتم القبض عليه فى فناء مجلس الوزراء قبل خروجه للشارع؟.. ما ينفعش غضبنا يكون راقى ومتحضر؟.. هذا التصرف يجذّر الشعور بالحقد والشماتة المتفشيين بيننا.. بغض النظر عن استحقاق الوزير لكل هذا لكنى لا أحب سواد القلب، والأمم لا ترتقى بالحقد بل بالسمو والترفع.. وكله كوم يا حمادة ونوعية الرشاوى كوم تانى!.. حد يطلب رشوة ملابس يا شحاتين يا محدثين الفساد؟.. واشتراك بالنادى الأهلى وليس الجزيرة وتليفونات محمول!.. إيه المرتشين الجعانين دول؟.. هو الفساد لملم للدرجة دى؟!.. ألم أقل لك يا حمادة إن الدنيا لم يعد فيها خير!.. وتبقى الصدمة الكبرى التى أصابت الجميع فى فضيحة تصريح رئيس الوزراء بأنه قبل استقالة الوزير «بناء على توجيهات الرئيس».. إذن فرئيس الوزراء لم يكن لديه مانع من استبقاء الفاسد لولا توجيهات الرئيس!.. لا يتحرك رئيس الوزراء إلا عندما يأتيه اليقين من الرئيس، لذلك فهو لا يقيل أى محافظ أو مسؤول فاشل رغم تصاعد الشكوى منهم، لأنه لم تأته توجيهات الرئيس!.. يا ميلة بختك فى رئيس وزرائك يا حمادة!.. يصر على عقلية الموظف البعيدة كل البعد عن عقلية السياسى.. أما الصدمة الأكبر فهى فى السؤال الذى يطرحه الجميع: ألم يعيّن هذا الوزير وغيره ممن يشار لهم بالتورط بناء على ترشيحات الأجهزة؟.. فكيف لم يعرفوا مسبقا بأنهم لا يصلحون؟.. عموما يا حمادة، طالما هم الذين يرشحوهم وهم أيضا اللى بيفرقعوهم، يبقى الموضوع عائلى ويستحسن تلمّ لسانك ولا تنحشر بين البصلة وقشرتها!