أحد عشر مشهداً

إبراهيم الجارحي الأحد 06-09-2015 23:43

مشاهد متقطعة بغير ترتيب زمني مرت أمام عيني وأنا ألاحق ردود الفعل على صورة الطفل السوري إيلان كردي التي تصدرت صحف العالم، وكانت مناسبة للجلد الذاتي أو الجلد المتبادل تحت عنوان «الضمير العالمي» الذي أيقظته صورة إيلان بالتحديد ولم توقظه صور القتل والسحل وتقطيع الأوصال والحرق والبيع في أسواق الرقيق التي تلتقط في سوريا وتتداولها الصحف على استحياء وحذر:

المشهد الأول:

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تربت على كتف الطفلة الفلسطينية ريم، بينما تبكي ريم بالدمع الهتون مسترحمة القلب الألماني الحديدي لمد فترة إقامتها ووالدها في ألمانيا، وميركل ترد ببرود أن ألمانيا لا يمكنها أن تقبل كل طالبي اللجوء.

المشهد الثاني:

الصوت ينبعث من مكبرات الصوت في محطة قطار برلين مؤكدا لللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحرب في بلادهم، ومن جفاف الاستقبال في تركيا والمجر، أنهم وصلوا إلى بر الأمان.

المشهد الثالث:

موظفة في الخارجية الكندية تختم بالرفض للمرة الثانية على طلب اللجوء الذي قدمه والد الطفل السوري الذي أبكت صورة جثته التي جرفتها الأمواج إلى الشاطئ، إيلان كردي.. ويتلقى النبأ المؤسف فيقرر الهروب على ظهر قارب متهالك من قوارب الموت من تركيا إلى اليونان.

المشهد الرابع:

القوات التركية تحاصر بلدة عين العرب في منطقة كوباني الكردية بينما ترتكب جماعة داعش التي تدعمها تركيا مجازرها في البلدة وتصلب وتحرق أطفالا في عمر الطفل إيلان كردي ولا يبكي العالم عليهم ولا تتصدر صور جثثهم واجهات الجارديان ونيويورك تايمز.

المشهد الخامس:

أبوحاتم السوري، صاحب محل الشاورما بجوار منزلي، يرفع لافتة كبيرة يشكر فيها الشعب المصري على حسن الاستقبال وحسن الضيافة، ويعتذر لهم عن اللوم الذي يوزع مجانا على وسائل التواصل الاجتماعي بدعوى تخاذل العرب عن استضافة اللاجئين السوريين.

المشهد السادس:

جثة الطفل إيلان كردي ترقد على الشاطئ التركي ووجهها إلى الرمال، بينما يتلقى رجل الإنقاذ التركي الإرشادات من المصورين كي يقف في المكان المناسب والمؤثر بما يكفي.. ولا يقترب رجل الإنقاذ من إيلان إلا بعد أن تتم مهمة التصوير بالكامل.

المشهد السابع:

دستة على الأقل من كتاب الرأي المصريين ينشرون مقالا بنفس المعنى عن الصور التي حركت ضمير الإنسانية.. صورة الطفل الذي يقتله الجوع في جنوب السودان بينما ينتظر طائر جارح إلى جواره موته بفارغ الصبر.. صورة الطفلة الفيتنامية التي تجري عارية بعد أن أحرقتها نيران النابالم التي ألقتها القوات الفيتنامية الجنوبية الموالية لأمريكا.. إلخ.. وإلى جوارها صورة إيلان.

المشهد الثامن:

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي فر إيلان وأسرته المنكوبة من أرضه إلى مياهه الإقليمية حتى لقي إيلان حتفه على شاطئ من شواطئ بلاده، يدعو العالم إلى مزيد من التدخل في سوريا، ويطالب بمزيد من الحسم لحل القضية السورية.

المشهد التاسع:

بيتر بوكليتش، العضو البارز بحزب الاستقلال البريطاني الداعي إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمعارض للهجرة بطبيعة الحال، ينشر تغريدة على تويتر يقول فيها إن الطفل إيلان كردي يبدو في الصورة في صحة جيدة، ويبدو أنه يرتدي ملابس جيدة، وإنه مات بسبب طمع أسرته في حياة أفضل في أوروبا.

المشهد العاشر:

قوات الأمن التركية تستخدم قنابل الغاز والرصاص المطاطي ومدافع المياه للسيطرة على احتجاجات للاجئين سوريين في مخيمات هاكاري بجنوب تركيا تظاهروا بسبب سوء المعاملة ونقص المواد الغذائية المقدمة لهم في المخيم.. (درجة الحرارة حينها تحت الصفر بأربع درجات).

المشهد الحادي عشر:

ضمير الإنسانية يبدو هادئا مستكينا بينما مئات الآلاف من العراقيين يفرون، لاجئين ونازحين في كل بقاع الأرض، ويموت منهم أطفال كثيرون في عمر إيلان.