السجن عام لمن أطاعت الله وخالفت القانون

مي عزام الأحد 06-09-2015 04:40

منذ شهرين لم يكن أحد يسمع شيء عن كيم ديفيز، فهي سيدة عاملة عادية مثل ملايين النساء الأمريكيات، لا يوجد بها ما يلفت النظر، متوسطة الجمال ممتلئة القوام، شعرها الطويل تتركه مهملا وراء ظهرها، ترتدى نظارة طبية، بسيطة الملابس محتشمة المظهر.

بدأ اسم كيم يتردد في الإعلام الأمريكى بعد أن قدم اثنين من المواطنين شكوى تم تحويلها إلى المحاكمة على إثرها، حيث اتهمت بأنها تعرقل تنفيذ قرار المحكمة الأمريكية العليا بجواز زواج المثليين في جميع الولايات الأمريكية.

تبدأ حكاية كيم ديفيز، حينما دخل الثنائي ديفيد مور وديفيد أرمولد إلى مكتب استخراج تراخيص الزواج بمقاطعة روان الريفية، التابعة لولاية كنتاكي الجنوبية، وهو المكتب الذي تترأسه كيم باعتبارها كاتبة حكومية منتخبة، في أول مرة كان جواب كيم بأن المكتب لن يصدر تراخيص للزواج اليوم، في اليوم التالى حضر الثنائي مرة أخرى وكانت الإجابة مماثلة وفى المرة الثالثة صارحتهما كيم ديفيز بأنها لن تستخرج لهما ترخيص زواج ولن تسمح بذلك في مكتبها لأن ذلك مخالف لتعاليم الرب، ولقد سجل الثنائي ذلك وتقدما بشكوى في حق الموظفة الحكومية التي تنتمي للحزب الديموقراطي الحاكم.

تم محاكمة ديفيز أول مرة في المحكمة الفيدرالية الابتدائية ثم استأنفت الحكم حتى وصلت للمحكمة العليا، وكان الحكم النهائي يوم الخميس الماضي 3 سبتمبر.

احتلت كيم ديفيز عناوين الأخبار في أمريكا وتصدرت الأخبار في عدد من البلدان، الحكم الذي سيصدر بحقها حكم نهائي غير قابل للاستئناف ملزم التطبيق.

أمام القاضي ديفيد بونينج، وقفت كيم ديفيز، لتواجه الاتهام قائلة بثقة وحزم: «لن أخون ضميرى من أجل قانون واشنطن، ولن أنحنى لغير الرب، أفضل السجن على عصيان تعاليمه»، قدم لها قاضى المحكمة العليا طوق نجاة، اقترح عليها أن تظل على اعتقادها وتعطى لنوابها تفويض إصدار التراخيص ولكنها رفضت هذا الاقتراح أيضا، وأمام إصرارها على رفض الإذعان لقانون البلاد أيد القاضى ديفيد بونينج حكم السجن الذي سبق وأصدرته المحكمة الفيدرالية ومحكمة الاستئناف، السجن لمدة عام وأنهى كلمته قائلا: أنا أيضا متدين ولكن منذ أن حلفت اليمين لأصبح قاضيا، تغلب هذا القسم على أهوائي الشخصية، على الموظف العام أن يتخلى عن قناعاته الشخصية ويمتثل لقانون البلاد.

كيم ديفيز التى سرقت الأضواء من المشاهير هذا الأسبوع، سيدة أمريكية عادية في التاسعة والأربعين من عمرها، تعمل كاتبة حكومية في مقاطعة روان منذ 25 عام، طوال ربع قرن لم يسمع عنها أحد شيئا، فهى تعمل في دأب وصمت ولم تسعَ يوما للشهرة ولم يعرف عنها التمرد.

ظلت كيم وحتى الخامسة والأربعين من عمرها أي قبل أربع سنوات، تعيش مثل غيرها من الأمريكيات، لها علاقات غرامية خارج الزواج، أنجبت منها أطفال بالاضافة إلى زيجاتها الثلاثة الفاشلة، فهى على حد قول معارضيها ليست الشخصية المثالية المتدينة لكي تنصب من نفسها راعى للأخلاق وتعاليم المسيح، ولكن كيم ردت على هذه الاتهامات قائلة: أنا فعلا غير مثالية، ولكنننى ولدت من جديد منذ 4 سنوات، حين ذهبت إلى الكنيسة الإنجيلية، واستمعت إلى عظة يوم الأحد وتخللت نصائح يسوع قلبي ولم يعد هناك من يحتله غيره، منذ ذلك الحين تغيرت حياتي تماما، وأصبح هدفي الأول في الحياة طاعة الرب والالتزام بتعاليمه.

موقف كيم كان له مؤيدين ومعارضين بطول البلاد وعرضها، احتشد المئات منهم أمام قاعة المحكمة بآشلاند، المؤيدون وهم متدينون رفعوا شعار «يسوع هو المنقذ.. مثلى الجنس هم الخطيئة»، وشعار آخر مأخوذ من الإنجيل: «يجب علينا أن نطيع الله أكثر من البشر»، المعارضون كان أغلبهم مثليين من الرجال والنساء رفعوا شعار «انتصار الحب» بعد إعلان حكم المحكمة، كما كان من بينهم مقتنعون بأن الموظف الحكومي يقبض راتبه من دافعى الضرائب والمثليين من بينهم، وعليه أن ينفذ القانون ويحترمه وأن كان لايستطيع أن يفعل ذلك ويقوم بواجبه على أكمل وجه، ويخدم المواطنين جميعا بدون تمييز فعليه أن يتنحى أو يستقيل.

جايسون بورتر، قس في الكنيسة المعمدانية في آشلاند، علق على الحكم قائلا: «إنه حكم لسحق قرارات الناس وأنماط الحياة الطبيعية»، كما أعرب عن قلقه في أنه إذا تم السماح للناس على مواصلة القيام بكل ما يريدون بحجة الدفاع عن الحرية الشخصية فسوف يفتح هذا الباب على مصراعيه وربما نجد من ينادى بتعدد الزوجات!!!

أما محامى كيم ديفيز فعلق على الحكم قائلا: «قد تسجن خلف القضبان، ولكن ضميرها لا يزال حرا طليقا» وأضاف أنها تحب الله، ولا تستطيع أن تعصي ضميرها فهل هذا جرم كما أن الدستور الأمريكي يسمح بحرية الدين والاعتقاد.

أما المدعي العام الفيدرالي فقال: حان الوقت لديفيز للامتثال للقانون، المسؤولون الحكوميون أحرار في الاختلاف مع القانون، ولكن عليهم أن لا يعصوه.

وزير العدل الأمريكي كيري هارفي قال في بيانه: «قدمت كاتبة مقاطعة روان موقفها من خلال نظام المحاكم الفيدرالية حتى وصلت إلى المحكمة العليا في الولايات المتحدة والآن وبعد صدور الحكم النهائى حان الوقت للكاتبة الحكومية ومقاطعة روان لتنفيذ القانون.

في مقاطعة روان حيث بدأت الأزمة، أعلن نائب كيم ديفيز أن المكتب منذ الغد «الجمعة» سيقدم خدماته للجميع وطبقا للقانون .

الكل قال كلمته، وخرج في مظاهرات للتعبير عن رأيه ورفعوا الشعارات وتحدثوا في القنوات واختلفوا لكن في النهاية امتثل الجميع لحكم المحكمة، أختلف شخصيا مع هذا القانون الذي لايوافق قناعاتى ومعتقداتى الدينية، ولكن اتفق مع مقولة قاضى المحكمة العليا: منذ أن حلفت اليمين لأصبح قاضيا، تغلب هذا القسم على أهوائي الشخصية، على الموظف العام أن يتخلى عن قناعاته الشخصية ويمتثل لقانون البلاد.

ektebly@hotmail.com