اشمعنى دلوقتى يعنى؟.. ليه ساويرس بيعمل جزيرة للاجئين؟.. هل لأسباب انتخابية؟.. هل لكى يفوز حزبه بتشكيل الحكومة؟.. أليس هناك مصريون يحتاجون جزيرة ساويرس أكثر من كثير من اللاجئين؟.. خد عندك كلام من هذا النوع.. الفكرة تستحق التقدير لا السخرية.. تستحق التشجيع لا «سدة النفس».. الجزيرة رمز على قهر الإنسان.. هناك عرب ضيّعوا سوريا.. وهناك قوى كبرى فاجرة صنعت داعش!
شخصياً، أشد على يد المهندس نجيب.. أشجعه على فعل أى شىء لفضح من خرّبوا سوريا.. وأدعمه أيضاً لفضح من يقسّمون بلادنا ويمزقونها ألف قطعة.. لا تتوقفوا أمام الفكرة ساخرين.. لا تتحدثوا عن فكرة الجزيرة بطريقتكم.. انظروا كيف سينظر إليها الغرب؟.. الفكرة عبقرية.. فى قمة الإنسانية.. تمثل فى الوقت نفسه قمة العطاء.. فى الخارج يقدّرون ذلك.. أتحدث عن الإنسان.. ولا أتحدث عن الأنظمة الحاكمة!
الطفل إيلان أصبح رمزاً إنسانياً.. أوروبا فتحت أبوابها أمام اللاجئين.. عشرات الآلاف تنزح إلى هناك.. يفتحون لها الباب، ولا يتركونها تصارع الموت غرقاً.. صحف أوروبا تعرض صورة إيلان فى صدر صفحاتها.. صورة الطفل ستبقى رمزاً إنسانياً.. الشعوب شىء والحكومات شىء آخر.. لكن السؤال لن يموت: من دمر سوريا؟.. من مزقها؟.. لمصلحة من؟.. كيف كنا نتفرج فقط، حتى كانت «مأساة إيلان»؟!
تجاوب المهندس نجيب مع المأساة له قيمته.. من ناحية أنه اسم كبير، يستطيع أن يفعل شيئاً.. ومن ناحية أخرى أنه مصرى.. هذا التحرك إيجابى.. مساندة شعبية مصرية لشعب سوريا.. مساندة رمزية لكل المقهورين فى العالم.. الجزيرة ستبقى لتحكى المأساة للعالم.. صحيح أن مصر الرسمية استوعبت السوريين.. فتحت الباب.. لكن الشعب كان رد فعله أقوى.. حين يقابلهم أو يتعاطف معهم فى الشارع!
مهما كانت ردود فعل أوروبا ستبقى مصر.. والد الطفل إيلان نفسه قالها.. لا يجامل المصريين.. قال إن مصر أفضل دولة تعامل اللاجئين السوريين.. نعم نحن نقتسم معهم لقمة العيش.. لا نرى أنهم غرباء.. هم أبناء القطاع الشمالى.. هم أبناء العز.. إذا عزموك أو ضيّفوك أو باعوك.. يبيعون بكرم.. سوف تجدهم يعملون ولا يتسولون.. هم أهل تجارة.. ولا خوف عليهم من جوع، ولا هم يحزنون.. شدة وتزول!
الجزيرة ستبقى لتحكى: لماذا يهاجر أهل الجنوب؟.. لماذا يهاجر العرب أصحاب الثروات والنفط؟.. لماذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت؟.. لماذا جعلها الحكام العرب والأنظمة الفاسدة المستبدة أرض هجرة لا أرض جذب؟.. من خرّب سوريا تحديداً؟.. الأسد أم الأنظمة العربية بجامعتها المسكينة، أم كل هؤلاء؟.. لماذا صوروها على أنها ثورة، ثم تحولت إلى حرب تطهير؟.. من المستفيد الأول من إبادة سوريا الآن؟!
أنت أمام فكرة عبقرية حقيقة.. استقرار «ساويرس» على اسم «جزيرة إيلان» يعنى أنها ليست فكرة فى الهواء.. ويعنى أنك سوف ترى قريباً جزيرة بهذا الاسم على خريطة العالم.. وستكون مزاراً تاريخياً.. كان من الممكن أن يكتفى «ساويرس» بالدعم المعنوى، أو حتى بالصراخ مثلنا.. لكنه أرادها فكرة لا تموت!