الغدة الدرقية من أم كلثوم إلى «أوبرا»

كتب: اخبار الأحد 06-09-2015 10:31

اختيار صعب وضعت فيه كوكب الشرق أم كلثوم بسبب الغدة الدرقية: هل تحتمل الإجهاد والعرق والتوتر والهزال ورفرفة القلب وتحتفظ بقيثارة حنجرتها الساحرة.. أم تضحى بالمجد والفن والنغم وتصمت أو تحشرج لتحتفظ بصحتها وحيويتها؟!

اختارت أم كلثوم الفن.. احتملت آلام ومتاعب الغدة الدرقية وإفراط هرمونها الذى يحرق وقود حيويتها رويداً رويداً فى الأربعينيات.. اكتشفت إصابتها بتضخم الغدة الدرقية.. بدأت تلاحظ جحوظ العينين وارتعاشة اليدين وغزارة العرق وهزال الجسم والتعب من أقل مجهود وتساقط الشعر.. بدأت الأنظار تتجه الى أمريكا وتحديداً مستشفى البحرية الأمريكية الشهير.. كان بمثابة طوق النجاة لإنقاذ أشهر مطربة فى الشرق ألأوسط بعدما فحصها الطبيب الأمريكى وعرف أنها بهذه الشهرة الطاغية.. خاف من إجراء العملية.. شرح لها خطراً من الممكن أن تتعرض له ولو بنسبة واحد فى المائة.. العصب الذى يغذى الأحبال الصوتية للحنجرة يمر بل يغوص فى نسيج الغدة الدرقية ويخترقها.. ومن الممكن أن يلطشه أو يخدشه الجراح أثناء العملية فيتغير الصوت وتذهب رنته السحرية وأَلَقه الماسى وتفرده الخالد.. كان قرارها الرفض بلا مناقشة.. خاضت تجربة العلاجات الأخرى الأقل حسماً مثل اليود المشع الذى كان قد اكتشفه الطبيب الأمريكى سول هيرتز وجربه على البشر قبلها بمدة بسيطة.. احتملت النظارة السوداء لإخفاء جحوظ عينيها.. صادقت وصاحبت رفيقها (المنديل) لتجفيف نافورة العرق.. عادت أم كلثوم من تلك الرحلة العلاجية دون إجراء الجراحة واستقبلت استقبالاً شعبياً وفنياً على مستوى الملوك والأمراء، اجتمع الأدباء والشعراء والصحفيون لتهنئتها بالحفاظ على كنزها الثمين.. كان بمثابة حفل زفاف لحنجرة كوكب الشرق على مصر (تاج الشرق).. ألقى العقاد قصيدة مطلعها «هلل الشرق بالدعاء... كوكب الشرق فى السماء»..

أما الشاعر عزيز أباظة فأنشد قائلاً:

ما أنت إلا اعتذار الدهر قربه
لكل عان ومظلوم ومكلوم

ما أنت إلا ابتسام الله جاد به
ورحمة الله عمت كل محروم

تبارى الكاتب الكبير توفيق دياب مع إبراهيم ناجى وسعيد عبده وغيرهم فى الاحتفاء بشفاء كوكب الشرق، وهى فى الحقيقة كانت تعانى، لكنها كانت راضية قانعة بأنها من الممكن أن تضحى بأى شىء حتى صحتها فى سبيل الفن.