شوادر بيع اللحوم يتهافت عليها الفقراء لتلبية حاجتهم من بعض اللحوم أو مخلفاتها بدلًا من اللجوء إلى اللحوم التي تفوق قدراتهم المالية، فيكتفون بالنظر إليها في محال البيع، فجذبتهم الشوادر وشعارات محاربة الغلاء، وإن كان القليل منها لديه بقية من ضمير، ويشارك الفقراء همومهم إلا أن الدكتورة انشراح خليل، الأستاذ في صحة الأغذية بمعهد بحوث صحة الحيوان تقول إن الذبائح التي تذبح ببعض الشوادر، خاصة التي بمحيط مناطق المجازر العامة، لا تتبع أي اشتراطات صحية أو ممارسات تصنيعية، مشيرة إلى أنه توجد أختام على الذبائح رغم أنها ذبحت بالشارع.
وأضافت انشراح أن منظومة شوادر اللحوم تعاني من ممارسات سيئة لا تتناسب مع سلامة الغذاء، حيث يتم التعامل مع اللحوم بمعاملات سيئة، فنجد بعض العاملين بالشادر يدهسون بأحذيتهم اللحوم الملقاة على الأرض وهم يستخلصون من الذبيحة فضلاتها ليعبئونها في أوعية غير نظيفة، وآخرين يحطمون ما تبقى من الذبيحة من عظام ثم يلقونها في أجولة يرصونها بجوار اللحم لتجد فيهما الحشرات ملاذاً وفيراً.
وأوضحت أنه على الرغم من أن الشوادر تعتبر مقصد الغلابة لشراء اللحم ومخلفاته ولكن بمجرد أن تطأ قدمك بها تشعر وكأنك تريد أن تدير ظهرك وتعود من حيث أتيت، ولكنك سرعان ما تتذكر احتياجك اللحوم فلا تملك إلا أن تغمض عينيك مستاءً من الروائح الكريهة التي تتسلل لأنفك كلما اقتربت من الشادر.
ولفتت «خليل» إلى أن المتعاملين مع بعض الشوادر اعتادت أعينهم على تلك المشاهد، فلم يعودوا يأنفوا من الحشرات المنغمسة في اللحوم لتنال نصيبها من الطعام تاركة سمومها في اللحم لتنتقل إلى الإنسان بمجرد أن تنزل أمعاءه، فقط كل ما يهتم به الزبائن أسعار اللحوم، غير مبالين بتلال القمامة التي تحيط بالماشية وبرك مياه الصرف الصحي المختلطة بدماء الأضاحي، بعد أن غُسلت فيها الذبيحة لتزيح الدماء عن جسدها.
وأضافت أنه نظراً لعدم وجود الرقابة على بعض الشوادر نجد أن كل المواشي مباحة للذبح، الصغير منها والكبير في السن، الإناث والعشار، كما أن الذبح يتم في بعض الأحيان بالشارع هربًا من رقابة المجزر، ليتسنى ذبح المحظورات من الماشية المريضة أو غير الصالحة للذبح، مشيرة إلى أن معظم الماشية يتم ذبحها في ببعض الشوادر خارج المجازر المخصصة للذبح، وتتم عملية الذبح وسط أكوام من القمامة، مما يتسبب في حدوث مخاطر بيئية وصحية جسيمة، وما ينتج عنه من أمراض تصيب الإنسان، إضافة إلى أن انتشار اللحوم الفاسدة هو وجود الشوادر المنتشرة بالأسواق العشوائية والمناطق الشعبية.
وأكدت أنه لتجنب مخاطر تداول اللحوم في الشوادر غير المطابقة فيجب اتباع القواعد الصحية والبيئية التي تحكم عملية ذبح الماشية، والتي تتمثل في ضرورة التقيد باللوائح والقوانين المنظمة لذبح الحيوانات داخل المجازر وتحت إشراف الأطباء المتخصصين للتأكد من سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي من خلال الكشف على الحيوان قبل الذبح، ثم الكشف ثانية على الماشية بعد الذبح لضمان خلوها من الأمراض أو بقايا الهرمونات أو الأدوية، بحيث يتم إعدام المريض منها.
وطالبت أستاذ صحة الأغذية بدراسة الوضع الحالي بالشوادر المنتشرة على مستوى الجمهورية، والذي يشمل حالتها وتجهيزاتها وعمالتها ومدى إلمامهم باتباع الطرق الصحية المتعارف عليها ومدى صلاحيتها لعرض اللحوم والمعايير اللازمة التي تضمن سلامة اللحوم المعروضة بهذه الشوادر من نظافة الموقع وتوفر ثلاجات الحفظ وتعقيم الأدوات المستخدمة في تجهيز اللحوم.
وشددت على ضرورة اتخاذ القرار المناسب سواء بالاستمرار أو الإغلاق للمجازر وفقًا لمدى التزامها بمعايير الصحة العامة للمواطنين وسلامة اللحوم، ووضع معايير للمياه المستخدمة ومدى مطابقتها للاشتراطات الصحية وعدم تلوثها بالميكروبات المُمرِضة التي تنتقل للإنسان ووضع قواعد صحية صارمة لإقامة الشوادر.