هل نقبل توبة محمد فهمى؟

داليا زيادة الخميس 03-09-2015 21:49

«لقد أسأت الاختيار بالعمل فى قناة الجزيرة الإنجليزية، ولم أرد استغلال جنسيتى الكندية فى محاكمة خلية الماريوت، وأثق من براءتى فى قضية خلية الماريوت يوم 29 أغسطس». هكذا تحدث محمد فهمى، صحفى الجزيرة المتهم فى قضية الماريوت فى أحد البرامج الفضائية قبل أيام قليلة من الحكم عليه بثلاث سنوات سجنا مشددا.

أعلن محمد فهمى توبته عن ذنب اقترفه بدافع البحث عن لقمة العيش بشرف عبر ممارسته لمهنته كصحفى، اعتذر مراراً وتكراراً وتعهد بفضح الجزيرة التى استغلته، وكان يتطلع لأن تكون هذه التوبة هى مخرج النجاة بالنسبة له، على الأقل فى أعين المصريين أهله الذين لا يريد أن ينظروا إليه على أنه خائن أو إرهابى. وأنا مصدقة محمد فهمى.

أنا مصدقة محمد فهمى، ومصدقة أنه ضحية وتم التلاعب به واستغلاله، ربما أصابه الطمع فى لحظة دفعته للعمل مع قناة الجزيرة لأنها تدفع أجورا باهظة للصحفيين لم يكن بمقدوره الحصول عليها فى أى مكان آخر. لكن هذا الطمع المشروع فى كسب أكبر، من خلال ممارسة المهنة التى يحترفها، لا يجعل منه بأى حال خائنا أو إرهابيا. علاقة محمد فهمى بالجزيرة كانت علاقة عمل وكان دوره مقتصرا على كونه صحفيا وليس له يد أو تدخل – حسبما أثبت دفاعه – فى أى مواد فيلمية تمت صناعتها للإساءة لمصر فى هذا الوقت وروجتها قناة الجزيرة وغيرها بهدف التحريض.

أنا مصدقة أن محمد فهمى مخلص تماماً فى حبه لمصر، وهو فى نظرى أخلص بكثير من بعض المحللين والخبراء والنشطاء الذين لهثوا وراء المكافآت الضخمة التى كانت تدفعها الجزيرة لتغريهم بالظهور على قنواتها بعد ثورة 30 يونيو، فى وقت كانت الجزيرة تهدد فيه الأمن القومى وتتخذ موقفا عدائيا صريحا ضد مصر، رغم عدم حاجتهم لتلك الأموال لأن هذا ليس مصدر عيشهم الرئيسى.

أنا مصدقة أن محمد فهمى ليس إرهابيا وليس إخوانيا ويكره الإخوان ويعمل ضدهم مثل ملايين المصريين بدءاً من مشاركته فى ثورة 30 يونيو وانتهاء بحربه التى أعلنها واضحة وصريحة ضد قناة الجزيرة وفضحها وفضح قيادات الإخوان الذين سجن معهم لفترة باعتباره إرهابياً مثلهم.

محمد فهمى ضحية وليس جانيا، ضحية ظروف وضحية بعض الذين استغلوا قضيته عالمياً لتشويه مصر، خصوصاً تلك المنظمات التى تدعى أنها تدافع عن حقوق الإنسان وهى فى الحقيقة تسىء استغلال حقوق الإنسان كمبدأ لتخفى أهدافا سياسية لا تخدم سوى الإرهاب وقوى الشر، لو أن هذه المنظمات حقاً تهتم لأمر محمد فهمى لصمتت خيرا لها ولنا وله، بدلاً من أن تستغل القضية لخدمة أهدافها، فكل مرة تخرج فيها هذه المنظمات علينا ببيان تفقد محمد وزملاءه تعاطف كثيرين وتصمه بوصمة عار ليس له يد فيها.

أخيراً وجب التنبيه على أن كلامى هذا ليس تعليقا على حكم قضائى صدر بناء على أدلة واستقرت إليه المحكمة بعد أشهر طويلة من التحقيق، ولا أقصد من كلامى أيضاً المطالبة بالعفو الرئاسى عن محمد فهمى، لأنى أؤيد سيادة القانون المطلقة وأرفض تدخل أى سلطة فى قرارات القضاء، لكن كمواطنة مصرية تابعت القضية عن قرب من أول دقيقة وحتى حكم الإدانة، أرفض أن يظهر محمد فهمى كخائن أو إرهابى أو حتى معاون للإرهابيين فى أعين الشعب المصرى. أشياء ما حدثت بالخطأ جعلت محمد فهمى يدفع ثمن ذنب ليس بذنبه، ويجب أن يكون هناك طريقة ما لتقبل اعتذاره واحتوائه. كيف أو من يقوم بتصحيح الوضع لا أعرف. لكن حتماً هناك حل!

daliaziada@gmail.com