«أكل الغلابة فى خطر» لم تعد جملة مجازية تصف حال أكلات المصريين، خاصة الفقراء منهم، فقد أكد مركز البحوث الزراعية أن 1500 مادة كيماوية تدخل فى صناعة مواد تعبئة الأغذية، بعضها له تأثيرات سامة.
ليس مركز البحوث الزراعية وحده، فداخل ملف «المصرى اليوم»، يؤكد الدكتور حسين منصور، مسؤول «سلامة الغذاء فى مصر»، أن 80% من الأغذية المصرية تنتجها مصانع «بير سلم».
ويضم الملف دراسات علمية حديثة تحذر من احتواء أكلات شعبية شهيرة على مواد مسرطنة وأخرى تصيب بالفشل الكبدى والكلوى، وتشمل القائمة الفول والطعمية والكشرى، والحلل والأوانى المصنوعة من الألومنيوم والميلامين، بالإضافة إلى الألبان.
ووسط هذه البقعة السوداء، أثبت تحليل عينة لحوم قدمتها الجريدة من «حودة الجزار» إلى مركز بحوث الحيوان أن «اللحمة» مطابقة للمواصفات.
حذرت الدكتورة مروة عبدالكريم شعيب، باحثة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، بمركز البحوث الزراعية- من مخاطر تناول الكشرى والطعمية والفول المدمس، لاحتوائها على مواد سامة تتسبب فى الإصابة بالفشل الكلوى والسرطان وأمراض الكبد، وألزهامير، بسبب طريقة الطبخ، أو بسبب أوانى التعبئة.
وقالت عبدالكريم إن الكشرى تحديدًا يتسبب فى كثير من الأمراض نتيجة تناوله، وهو غير مطهى جيدًا، موضحة أن الخطورة تكمن فى المواد الخام وطريقة غسل الأطباق والأوانى التى يتم فيها إعداد وجبة الكشرى، وقد يتم استخدام أدوات محملة ببقايا المبيدات والبويات والمواد الصناعية التى تسبب الأمراض.
وأضافت شعيب أن الصلصة تصنع من أردأ أنواع الطماطم، وقد تكون غير مغسولة، ويتم غليها فى زيت باستخدام أوانٍ ألومنيوم، تتفاعل معها وتكوّن موادّ ضارة بالصحة، بخلاف الزيت والصلصة والطماطم المعصورة، ولا نعرف مصدر الزيت الذى يصل لمرحلة الغليان، وهو ما يشكل خطورة ثانية.
وتابعت: «تحمير البصل يؤدى إلى تكون مادة الإكريلامايد التى سبق أن حذرت الولايات المتحدة الأمريكية منها، ودفعت مليار دولار لمكافحة هذه المادة المسببة بشكل أساسى للسرطان»، موضحة أنه فى بعض المطاعم كلما ازدادت قتامة اللون البنى للبصل ازدادت المادة تأثيرًا وتفاعلًا بين الأمينية والسكريات، ومواد أخرى مثل مادة النشا، أى أن الخطورة قادمة من أكثر من عنصر فى علبة أو طبق الكشرى، سواء من البصل أو الصلصة أو حتى المياه.
وأكدت شعيب خطورة تداول الفول المدمس الساخن فى الأكياس البلاستيك لما لها من أثر سيئ على الكبد، مشيرة إلى أن الدراسات العلمية تؤكد أن تعبئة الفول وهو ساخن على درجة 100 درجة مئوية فى أكياس من البلاستيك خفيف الكثافة لمدة 30 دقيقة قد يؤدى إلى انتقال العديد من المركبات الكيميائية العضوية المعروفة بتأثيراتها السامة إلى الفول.
وكشفت أن الدراسات العلمية التى أعدها المعهد توصلت إلى أن هذه المركبات لها القدرة على إحداث تأثيرات سامة تتمثل فى فشل بعض مكونات خلايا الكبد عن أداء وظائفها المنوطه بها، مشيرة إلى أن هذا السلوك المتبع على نطاق واسع فى نقل الفول المدمس، قد يؤدى حتميا إلى وجود متبقيات من مادة البلاستيك، أو نواتج تكسيره فى دم الإنسان، والتى قد تكون إحدى الأسباب المهمة فى إصابته بأخطر الأمراض.
أوضحت الباحثة فى تكنولوجيا الأغذية أن استخدام بعض الإضافات الغذائية، مثل الشطة والطحينة والليمون والكاتشب ومهروس البصل والثوم وإضافتها للفول المدمس المعبأ فى أكياس البلاستيك قلل من المخاطر، ولكن بدرجة قليلة تتراوح بين 4% إلى 7%. وأضافت أنه فيما يتعلق بـ3 أكلات شعبية شهيرة هى الطعمية والبطاطس والباذنجان المقلى، يوجد بينها عامل مشترك فى الخطورة، وهو عملية القلى ومادة الإكريلاميد الضارة التى تتكون من تفاعل الحمض الأمينى الإسبرجين مع السكريات المختزلة عند درجة حرارة 180 درجة، بالإضافة لخطورة الزيت الناتج من تكرار عملية القلى وأيضا عملية البيع فى ورق الجرائد والكراسات وما يترتب عليه من احتمالية وجود مادة الرصاص الضارة، وتلك العادات السيئة التى يقوم بها أصحاب المطاعم وخاصة فى القرى- تؤدى حتما للعديد من الأمراض ومنها «الأنيميا- الفشل الكلوى- السرطان». وقالت الدكتورة نصرة أحمد محمد، الباحثة فى معهد تكنولوجيا الأغذية، إن الأطعمة الشعبية، مثل الطعمية والكشرى والفول والبطاطس المحمرة والبصارة والمش والقرنبيط المحمر والباذنجان المقلى والمخلل، تتميز بارتفاع قيمتها الغذائية وانخفاض سعرها بمقارنتها بأنواع أخرى من الأغذية، وأصبحت تقدم فى كل المطاعم حتى مطاعم الوجبات السريعة، لكنها حذرت من بعض السلبيات أثناء تناول هذه الأغذية خارج المنزل.
وأضافت أن طهى هذه الأغذية بتكرار استخدام زيت القلى يُسبب تلفه نتيجة تعرضه للضوء والأكسجين فى الوقت نفسه أثناء القلى، وبالتالى تتغير خصائصه من لون وطعم ورائحة، ويصبح الزيت تالفاً وغير صالح للاستهلاك، مستدركة: «تكرار القلى يعنى تكرار التأكسد وتكوين ما يسمى الشقوق الحرة، وهو الأكسجين النشط، والتى تحدث تفاعلات داخل جسم الإنسان مع عملية التمثيل الغذائى وحرق الطاقة، فتهاجم المادة الوراثية، وتتسبب فى سرطان الخلايا»، مؤكدة أن استخدام زيت القلى بصورة متكررة ينتج عنه إصابة الكثيرين بالأورام السرطانية. وتابعت أن جشع أصحاب المطاعم وصل إلى حد استخدامهم زيت بذرة الكتان رخيص الثمن فى طهى وقلى الأطعمة، على الرغم من أنه مخصص للاستخدامات الصناعية، مثل صناعة البويات، لأنه لا يتبخر أثناء عملية القلى شأن زيوت الطعام، كما يحدث فى الطعمية والبطاطس المقلية والمسقعة والقرنبيط والبصل المحمر الذى يقدم مع الكشرى والبصارة، حيث إن كل هذه الأنواع يتم تحميرها فى نفس الزيت.
وقالت: «برغم أن البحوث العلمية أثبتت وجود مادة كيميائية تسمى (بيتاكاروتين)، تضاف لزيت القلى لتغيير صفاته الفيزيائية كاللون والطعم والرائحة، لكن تظل الخطورة قائمة، حيث إن هذه المادة تجعل الزيت نقياً فقط، من حيث الشكل، بينما تظل عوامل خطورة التلوث كامنة.
وأضافت: للأسف أنه لم تعد محال الفول والفلافل وحدها التى تستخدم زيت القلى بطريقة تفقده فوائده الغذائية والصحية، بل تجعله يتحول إلى مادة ضارة وسامة، حيث توجد أسماء لامعة وشهيرة من سلاسل المطاعم الكبرى تشارك فى هذه الكارثة، لأن الدراسات الصحية شددت على عدم استخدام زيت الطعام إلا مرتين فقط على الأكثر، ويفضل مرة واحدة فقط، خاصة أن الأبحاث أكدت أن الأشخاص الذين يستخدمون الزيت نفسه فى عملية القلى أكثر من مرة يصابون بارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى أن تكرار هذه العملية يتسبب فى تكون مواد «هيدروكربونات» تضر الكبد لأنه المستقبل للدهون والسموم، وبالتالى يتسبب فى انتشار سرطان الكبد بمعدلات تفوق المعدلات العالمية.
وطالبت نصرة الجهات المختصة بتشديد الرقابة على المطاعم والتفتيش عليها للتأكد من سلامة الأطعمة المقلية التى تنتجها للبيع (مثل مطاعم الفلافل والوجبات السريعة)، خاصة أنه لا توجد فى المطاعم أجهزة لقياس صلاحية الزيوت. وشددت على أن دور الجهاز الرقابى هو التفتيش والرقابة على زيوت القلى وإرشاد العاملين فيها، أما سلاسل المطاعم، فتوجد بها أنظمة داخلية لقياس صلاحية زيوت القلى، حيث تقوم هذه المطاعم بالتخلص من الزيوت غير الصالحة بالتنسيق مع إدارة البيئة والنفايات.
لقراءة بقية موضوعات الملف اضغط على العناوين: