برَجْماتية أحمد عز

عماد سيد أحمد الأربعاء 02-09-2015 21:26

استبقت بعض الأحزاب السياسية الأحداث وعلقت فشلها فى الانتخابات البرلمانية مقدماً على شماعة أحمد عز.. الأمر الذى يصيبنا بالدهشة، ويثبت أننا أمام حالة حزبية ميؤوس منها.

وقبل أيام، صرح أحد القيادات الحزبية: «أنا خايف على أحمد عز»، والسؤال: هل الخوف عليه أم الخوف منه؟

الثابت والمؤكد- قبلنا ذلك أو رفضناه- أن المهندس أحمد عز، رجل الأعمال المعروف، يتمتع بقدر كبير من الذكاء، وحقق نجاحات على المستوى المهنى.. وهو من القلائل الذين نالوا انتقادات أكثر من عنيفة طوال السنوات الماضية، وانقسم الناس حوله بشكل حاد إما مادحين له أو ساخطين عليه.

وعز كشخصية عامة لعب دورا سياسيا على مدى سنوات عدة انتهت بشكل إجبارى فى 25 يناير 2011، تشكلت صورته فى أذهان المصريين عبر وسائل الإعلام، وهى فى الأعم صورة سلبية، جراء الهجوم الضارى الموجه ضده بسبب وبدون سبب، وبمناسبة وبغير مناسبة.. وحتى هذه اللحظة، ورغم مرور ما يقرب من 5 سنوات على خروجه من العمل العام، فإنه مازال الكثير والكثير من غضب المصريين موجها لشخصه..

عرَّفنى على المهندس عز لأول مرة الكاتب الصحفى الراحل الأستاذ عبدالله كمال، رئيس تحرير «روزاليوسف»، حينما كنت أعمل معه فى مكتب جريدة الرأى العام الكويتية بالقاهرة، منذ أكثر من 11 سنة، وقبل أن أترك عملى بـ«الأهرام»، وأنتقل للعمل معه بشكل كامل فى روزاليوسف (الطبعة اليومية).

كانت كل انطباعاتى عن «عز» سلبية، وكنت أراه واثقاً من نفسه إلى حد الغرور، وخلال الفترة من 2004 حتى 2007، أتذكر أنه دارت 3 مناقشات مطولة، وعلى فترات متباعدة، بينى وبين الراحل عبدالله كمال الذى كان يرى فى «عز» رجل صناعة وطنيا.. لديه طموح سياسى مشروع، ومتأثر بالتجربة السياسية فى بريطانيا وبالحالة الحزبية هناك، وقال لى من ضمن ما قال الأستاذ عبدالله، فى أعقاب انتخابات 2005، وكنا على مقهى فيينا فى شارع قصر العينى- حسبما دونت فى مفكرتى: «إن أحمد عز يعتقد أن تقوية الأحزاب وإنعاش الحياة الحزبية يبدآن بإعادة تأهيل وإصلاح الحزب الوطنى.. وليس العكس».

المهندس عز جسَّد البرجماتية بكل أبعادها، وبفهم كامل وبلا مواربة، وأتصور أنه ربما تكون هذه ميزته وخطأه الأكبر فى الوقت ذاته، لأنه مقتنع بالحسابات الرياضية وبالأرقام ويطبقها فى كل شىء فى حياته حسبما أعتقد. ولم ينتبه إلى أنه من قادة «تيتانيك» التى لم يكن مقدرا لها أبدا أن تتجنب الاصطدام بجبل الثلج.. نتيجة حسابات خاطئة، متتالية، وقعوا فيها بشكل فردى وجماعى.

صحيح أن «تيتانيك» كانت السفينة الأكبر والأفضل فى زمانها، وكذلك كانت مجموعة لجنة السياسات وحكومة الدكتور نظيف الأكثر كفاءة والأفضل من بين كل الحكومات المصرية قبل 25 يناير وبعد 30 يونيو، ومع ذلك غرقت بمَن فيها.. والسبب حسابات عز وأصدقائه الخاطئة.. ومع ذلك نسعى جميعا لنعود إلى النقطة التى كنا عليها يوم 24 يناير، ولكن بدون رئاسة مدى الحياة، وانتخابات نيابية مزيفة!