أكدت السفيرة منى عمر، مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية والاتحاد الأفريقى، أن مصر «تمتلك استراتيجية واضحة» لمحاربة ظاهرة القرصنة أمام السواحل الصومالية.
وقالت فى حوار مع «المصرى اليوم»: مصر «أول دولة انتبهت لخطورة القرصنة»، مشددة على أن الحل العسكرى «لا يمثل الحل الأمثل» أو الدائم لظاهرة القرصنة، وقالت: «هذا الخيار يمكن أن يمثل حلاً مؤقتاً»، مؤكدة أن «حل المشكلة الصومالية بصفة عامة هو الأسلوب الأمثل لحل مشكلة القرصنة»، وفيما يلى نص الحوار:
■ الملف الأكثر سخونة على الساحة الأفريقية والدولية حالياً هو القرصنة على سواحل الصومال، فهل لدى مصر استراتيجية محددة لمواجهة هذه المشكلة؟
- فى البداية ليس صحيحاً ما يتردد عن أن مصر لا توجد لديها استراتيجية محددة لمواجهة مشكلة القرصنة على السواحل الصومالية، فنحن أول من انتبه لخطورة تلك المشكلة، وبدأنا فى وزارة الخارجية والوزارات المصرية المعنية، ببحث ودراسة الاستراتيجية الأنسب لمواجهة ظاهرة القرصنة أمام سواحل الصومال.
■ ما طبيعة هذه الاستراتيجية؟
- الاستراتيجية المصرية ترتكز على عدة محاور، على رأسها القيام بالاتصالات اللازمة مع جميع الدول والجهات الدولية المعنية بمكافحة ظاهرة القرصنة، للتعرف على رؤية تلك الدول وكيفية تحركها لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة. ومن وجهة نظرنا فى مصر، فإن الحل الحقيقى لظاهرة القرصنة هو حل المشكلة الصومالية بصفة عامة، فنحن نرى أن القرصنة على سواحل الصومال هى نتاج طبيعى لإهمال العالم سنوات طويلة للأوضاع المتردية فى الصومال.. والقاهرة معنية تماماً بحل المشكلة الصومالية، فالصومال بالنسبة لنا دولة عربية وأفريقية وإسلامية، فنحن شركاء بالفعل فى جميع الجهود الجارية لإجراء المصالحة والحوار بين الفرقاء الصوماليين.
ونحن على اتصال مستمر بجميع القوى الصومالية، وكذلك مع جميع القوى الإقليمية التى يمكن أن يكون لها دور فى حل الأزمة الصومالية، لمحاولة إيجاد مخرج لها.
■ شهدت القاهرة مؤخراً اجتماعاً تشاورياً للدول العربية المطلة على البحر الأحمر، لكنه لم يخرج بنتائج ملموسة لمحاربة «القرصنة»؟
- هذا الاجتماع لم يكن مطلوباً منه أن يخرج ببيان عن شكل من أشكال التحرك الفورى لمحاربة القرصنة أمام سواحل الصومال، فقد أعلن قبل عقد هذا الاجتماع أنه اجتماع تشاورى.
ونقوم حالياً فى وزارة الخارجية بعقد اجتماعات متواصلة مع الجهات المصرية المعنية، كما أننا مستمرون فى اتصالاتنا الإقليمية والدولية حول سبل مكافحة القرصنة أمام سواحل الصومال، ومن هذا المنطلق فنحن أعضاء فى جميع التكتلات التى تشكلت لمكافحة القرصنة.
■ مع تسليمنا بكل هذه الجهود التى تقوم بها مصر، لكن من الواضح أن القاهرة ترى أنه طالما أن أعمال القرصنة بعيدة عن البحر الأحمر فلن تكون هناك إجراءات وخطوات مصرية عملية لمكافحة هذه الظاهرة فهل هذا صحيح؟
- هذا الأمر غير صحيح، فنحن على وعى تام بأهمية خليج عدن ومضيق باب المندب للأمن القومى المصرى، ولقناة السويس، وبالتالى فإن مشكلة القرصنة تحتل أهمية بالغة فى السياسة الخارجية المصرية، فليس صحيحاً ما ذكرته أن هذا الموضوع بعيد عنا، فهو قريب جداً منا.
■ هل تعتقدين أن استخدام القوة العسكرية ونشر البوارج الحربية فى مياه خليج عدن هو الحل الأمثل لمكافحة ظاهرة القرصنة؟
- الحل العسكرى ليس بالحل الأمثل أو الدائم لظاهرة القرصنة، فهو يمكن أن يمثل حلاً مؤقتاً، فكما ذكرت من قبل، إن حل المشكلة الصومالية بصفة عامة يتمثل فى الأسلوب الأمثل لحل مشكلة القرصنة. فحل المشكلة الصومالية من شأنه أن تكون هناك حكومة قوية فى الصومال، وقادرة على مكافحة هذه الظاهرة على الأرض، وتكون قادرة على حماية سواحلها.
■ البعض يردد أن القضايا الأفريقية لم تعد تحتل مكاناً متميزاً فى أولويات السياسة الخارجية لمصر؟
- نحن لا ننكر أن الأحداث التى تقع على حدودنا الشرقية تشغلنا جميعاً، ليس فقط كمصريين وعرب، وإنما على مستوى العالم أجمع، فالوضع فى منطقة الشرق الأوسط يسيطر على السياسة الخارجية لكثير من دول العالم والمنطقة. وبالرغم من ذلك فلا صحة لما يتردد عن أن أفريقيا لم تعد تحتل أولوية بالنسبة للسياسة الخارجية لمصر، وهى أمور نستغربها.
فقد قمنا مؤخراً بعملية حصر للجولات التى قام بها مساعدو وزير الخارجية المصرى للشؤون الأفريقية السابقون، فوجدناها عدداً كبيراً جداً من الزيارات والجولات، كما أن هناك عدداً كبيراً من الخبراء المصريين عملوا ويعملون فى الدول الأفريقية فى إطار الصندوق الفنى لدعم التعاون مع أفريقيا، الذى بدأ أعماله منذ عام 1981، فهل كل هذا يعنى أننا غير مهتمين بأفريقيا؟!
الجهد المصرى يتركز حالياً على التعاون مع دول القارة المختلفة لتحقيق التنمية فى جميع جوانبها، فنحن فى حاجة إلى أن نبنى قارة قادرة على أن تقف فى مصاف القارات الأخرى، خاصة أن أفريقيا تمتلك من الإمكانيات التى تؤهلها لذلك. وفى رأيى من يهمل قضايا القارة الأفريقية، هو الإعلام المصرى الذى يعانى من حالة عجز فى إبراز الجهود المصرية الكبيرة فى القارة الأفريقية.