الواقع أشد كوميدية

خالد منتصر الثلاثاء 01-09-2015 21:27

وصلنى من السيناريست الكبير وكاتب العديد من المسلسلات والأفلام الكوميدية عاطف بشاى مقالاً حول ما كتبته تحت عنوان أنيميا الكوميديا وسرطان الروح. التعليق يستحق التأمل والتحليل، خاصة أنه صادر عن واحد من صناع الكوميديا التى يعترف بأنها تعانى من الانقراض نتيجة أن مسخرة الواقع وكوميديا الحياة أكثر من السخرية والكوميديا، ما يجعلها مستعصية على التجسيد فى المسرح أو السينما، يقول عاطف بشاى:

تعليقاً على ما كتبه «خالد منتصر» حول أزمة الكوميديا التى تعانى الجدب والانحسار فى زماننا الآن الذى يعز فيه الضحك، أرى أن سبب المعاناة الرئيسى هو أن المفارقة الكوميدية التى هى ركيزة الضحك وأهم شروطه أصبحت فى واقع ما يدور حولنا أقوى وأغرب مئات المرات من خيال كتاب الدراما، والأمثلة على ذلك لا تحصى ولا تعد، وإليكم بعض الأمثلة التى بتأملها يمكننا أن نضحك ونبكى:

** عاهرة معدمة تتفق مع خمسة من الشباب العاطلين على ممارسة الدعارة معهم مقابل عشرة جنيهات للفرد.. ويتم ذلك بالفعل بمنطقة مهجورة داخل (توك توك) أحدهم.. وبعد أن ينتهوا من النيل منها.. وحينما تطالبهم بالأجر المتفق عليه يرفضون الدفع.. تتشاجر معهم.. يضربونها ويشرعون بتهديدها بالقتل مستخدمين المطاوى.. العاهرة تهرع إلى قسم البوليس شاكية.. مطالبة بحقها المادى الذى اغتصبه الأشرار.. وكيل النيابة الذى يحقق فى الواقعة يأمر بضبط وإحضار «المتهمين الخمسة».. يتم القبض عليهم.. ويمثلون أمامه.. يعترفون بما حدث.. يأمرهم بدفع المبلغ المتفق عليه لها.. ثم يفرج عنهم جميعاً.

** قلة من المحبين فى «المنصورة».. استنسخوا فكرة وضع أقفال حديدية على الجسر بكوبرى طلخا كتبوا عليها أسماءهم وقذفوا بالمفاتيح فى النيل.. لتقوية علاقات الحب وترسيخها والحفاظ عليها.. على طريقة الحب الفرنسى وجسر «بون ديراز» الشهير بأقفال الحب للعشاق.. المفارقة الأولى أن العشاق المصريين أقدموا على تنفيذ تلك الفكرة فى الوقت الذى أعلنت فيه «فرنسا» إزالة أقفال العشاق الفرنسيين من على الجسر خوفاً من انهيار الكوبرى بسبب زيادة الأحمال.

المفارقة الثانية هى تلك اللمسة الرومانسية ذات الطابع السينمائى الشاعرى فى وقت أصبح فيه الحب من وجهة نظر شباب هذه الأيام «عبط» و«غباء» و«خيال مريض».. وأصبح التعبير عنه- إذا وجد- يتم بأسلوب فظ وألفاظ سوقية سواء فى الواقع أو على شاشة السينما من عينه «باحبك فشخ»!

** داخل حجرة عمليات أحد المستشفيات الخاصة.. وبينما المريض مسجى على سرير العمليات بلا حراك تحت تأثير البنج فى انتظار البدء فى إجراء العملية.. طبيبان تنشب بينهما مشادة حول الأحق منهما بإجراء العملية تتطور المشادة إلى معركة دامية بالمشارط الجراحية.. وفى مستشفى آخر.. وفى حجرة العناية المركزة تضع مديرة المستشفى كلبها المدلل المريض على أحد الأسرة وتعالجه بالمحاليل.

** تعدى بعض الأهالى بقرية «السجاعية»، التابعة لمركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، على عاطل مسجل خطر.. وسحلوه وأصابوه فى مناطق متفرقة من جسده، مستخدمين الأسلحة البيضاء والعصى.. وحاولوا ذبحه وتنفيذ «حد الحرابة» عليه.. لولا دخوله فى غيبوبة.. وتم ذلك بالطبع وسط غياب تام لرجال الشرطة.. يتزامن ذلك مع واقعة تهجير الأقباط من قراهم.. وإعادتهم بناء على قرارات مجالس عرفية.

** وزير الآثار يطلب من الشعب المصرى أن يتبرع لسداد الملايين التى طلبتها بريطانيا لإعادة تمثال «سخم كا» الفرعونى إلينا قبل أن تبيعه لسيدة قطرية.

Info@khaledmontaser.com