السعودية: نعم للمساعدات.. لا لاستقبال اللاجئين (تقرير)

كتب: دويتشه فيله الثلاثاء 01-09-2015 11:17

تعد المملكة العربية السعودية من أكبر الدول المانحة للمساعدات التي يستفيد منها اللاجئون، غير أنها لا تفتح أبوابها لاستقبال النازحين. فما هي الأسباب خلف هذا الموقف؟ ولماذا التغاضي عن خيارات هؤلاء للهجرة باتجاه أوروبا؟

أشادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في منتصف أغسطس، بجهود «الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا»، ومنها تقديم التمور لأكثر من 20 ألف عائلة من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري شمال الأردن. ونشرت عدة صحف سعودية هذا الخبر المفرح، مشيرة إلى أن منسق المفوضية في المخيم، هوفيك آتيميزان، أكد أن الحملة السعودية كان لها الأثر البالغ في تحسين الأوضاع المعيشية للسوريين في المخيم من خلال الجهود المقدمة للاجئين السوريين. وقال: «المفوضية وشركاءها يثمنون هذا العطاء الكبير الذي تقدمه الحملة خلال برامجها المتنوعة في سبيل تحسين الأوضاع المعيشية للاجئين في مخيمات اللجوء».

تعود أنشطة التبرع السعودية إلى عهد مؤسس الدولة، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي أنشأ أول مؤسسة خيرية في الدولة الناشئة آنذاك، معتبرا أنها تنطلق من «منهج إسلامي مستوحى من القرآن، يخدم الإسلام والمسلمين»، حسبما ذكرت جريدة الرياض مطلع هذا العام. ونظرا للهوية الإسلامية للمؤسسة الخيرية، فهي تنشط بشكل أكبر خلال المناسبات الدينية، حيث توزعت وجبات إفطار على النازحين السوريين في مدينة صيدا اللبنانية، بما يبلغ قدره نحو 3 ملايين دولار أمريكي.

إلى جانب هذه اللمحات الإنسانية الرمزية التي تلقى إعجابا كبيرا واهتماما من الرأي العام، تدعم المملكة السعودية اللاجئين بطرق مختلفة، حيث شاركت المملكة في مؤتمر الكويت للمانحين في يناير 2013 بمبلغ 213 مليون دولار، لتصبح الدولة الثانية بعد الكويت التي شاركت بـ325 مليون دولار. وكانت لها المشاركة نفسها أيضا في مؤتمر المانحين الثاني في مايو 2014، بنحو 18 مليون دولار.

وارتفع مستوى هذا المبلغ عام 2014 مرة أخرى، حيث تبرعت السعودية بـ755 مليون دولار، ليس فقط لفائدة الاجئين السوريين، بل أيضا لخدمات إنسانية في بلدان أخرى، لتصبح بذلك سادس دولة مانحة على مستوى العالم، بحسب تقرير «المساعدة الإنسانية العالمية» الذي تقوم بإعداده منظمات عالمية للتنمية.

ولكن المملكة السعودية لم تستقبل حتى يومنا هذا لاجئا سوريا واحدا، وعوض القيام بذلك تتكهم يخوضون معركة الطريق الخطر باتجاه أوروبا. وانتقدت منظمة العفو الدولي الموقف السعودي هذا، حيث ذكرت في تقريرها الصادر، ديسمبر 2014، أنه «من المخزي أن نرى دول الخليج تمتنع تماما عن توفير فرص إعادة توطين اللاجئين؛ ومن خلفية الروابط اللغوية والدينية ينبغي على دول الخليج أن تعرض مأوى آمنة للاجئين الفارين من الاضطهاد وجرائم الحرب في سوريا»، واعتبرت المنظمة أنه لا يمكن للدول «أن تريح ضمائرها من خلال تقديم المساعدات المالية فقط».

وبدت هذه السياسة السعودية منتقدة حتى في ألمانيا، واتهمت صحيفة «هاندلزبلات» السعودية بالتهرب من المسؤولية، حيث كتبت تقول: «كان من الواجب أن تقوم المملكة السعودية العربية ودول الخليج ذات الثراء الفاحش بالتزاماتها الأخلاقية تجاه اللاجئين في المنطقة، خاصة وأن هؤلاء من الدول الأقرب لمناطق الحرب».

لكن ما الذي يمنع السعودية من استقبال اللاجئين؟ علما بأن نسبة الأجانب في دول الخليج مرتفعة جدا، فمن بين 29 مليون سعودي، هناك ستة ملايين أجنبي يعملون بشكل رسمي في المملكة، معظمهم من دول آسيا والدول الإسلامية الأخرى. وفي الكويت، تبلغ نسبة الأجانب 60%، بينما تبلغ في قطر 90% من مجموع السكان، وفي الإمارات 80%. ويبدو أن قلق تلك الدول من تبعيات استقبال المزيد من الأجانب أكبر من رغبتها في توفير المساعدة للسوريين والعراقيين. ويزيد من هذا القلق التعقيدات المرتبطة بطرد اللاجئين من البلاد، مقارنة بالقوى العاملة الأجنبية، التي يمكن طردها من البلاد في أي وقت، كما حدث ذلك عام 2014 عندما طردت السلطات السعودية 370 ألف عاملًا، رغبة منها في توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين السعوديين. وفي حال قيام المملكة السعودية باستقبال لاجئين، فقد يصبح موضوع طردهم مشكلة أخلاقية كبيرة، وبالتالي فهي تفضل عدم استقبالهم من البداية.

يضاف إلى ذلك أن السوريين الفارين، غادروا بلدهم بسبب ثورة ينظر لها الجانب السعودي منذ بدايتها نظرة متشككة. فما أطلق عليه تسمية «الربيع العربي» عام 2011 لم يلق أي ترحيب من طرف النظام السعودي المحافظ. واستطاع النظام السعودي تهدئة مواطنيه الذين بدأوا أيضا بالمطالبة بالعدالة الاجتماعية والحرية السياسية والثقافية، وسيادة دولة القانون، وذلك من خلال الزيادة في المساعدات الاجتماعية.

وفي حال استقبال لاجئين سوريين، فقد يزيد عدد المطالبين بتلك الحقوق، ما قد يهدد النظام السعودي القائم، كما أن مواقف بعض اللاجئين الليبرالية قد تصطدم بالإسلام الوهابي المنتشر في البلاد. ويبدو أن تلك الأسباب هي التي تدفع بالسعودية بشكل قوي لعدم الترحيب باللاجئين.