أكد مستشرقون روسيون ودبلوماسيون، أهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى موسكو، مشيرين إلى أن روسيا تدعم جهود مصر في مكافحة الإرهاب، ومستعدة لتلبية طلبات القاهرة العسكرية في إطار اتفاقات تجارية، موضحين أنها تنتظر المقترحات المصرية للاستثمار في منطقة محور قناة السويس الجديدة، وإقامة منطقة صناعية روسية في قناة السويس، لافتين إلى إن روسيا لا تدعي أنها الدولة الأولى في العلاقات مع مصر، قائلين «نحن نفهم توازن القوى في المنطقة، وبراجماتيين وواقعيين في هذه المسألة».
وقالت مصادر دبلوماسية، إن الروس ينظرون للرئيس عبدالفتاح السيسي باعتباره الشخص الوطني القوي، الذي خلص بلاده من سيطرة الإخوان، وحماها من الوقوع في براثن الحرب الأهلية، مشيرا إلى اهتمام موسكو بتعزيز علاقاتها مع مصر في الفترة الحالية لمواجهة ظاهرة الإرهاب الذي يهدد العالم أجمع، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص.
وأضافت المصادر، أن زيارة الرئيس السيسي في هذه الفترة تأتي ضمن مساعي تعزيز العلاقات بين الجانبين، مشيرة إلى أن قوة العلاقة بين الرئيس السيسي ونظيره فيلاديمير بوتين، موضحة إن بوتين بالنسبة للروس شخص وطني أيضا مثل الرئيس السيسي، عمل على الحفاظ على وحدة بلاده من مخاطر التقسيم، وأنقذها من الحالة السيئة التي كانت عليها.
وقال كبير الباحثين في معهد الاستشراق الروسي، ألكساندر أكسينوك، إن مصر رغم المرحلة التي تمر بها لا تزال مركز القوة في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن روسيا تدعم الجهود التي تبذلها مصر للتغلب على الصعوبات الحالية، سواء من ناحية التنسيق السياسي فيما يتعلق بالأزمة السورية، أو النزاع في اليمن أو ليبيا أو محاربة الإرهاب، لافتا إلى البلدين يتشاركان في معارضتهما للأعمال الإرهابية، وهناك أهمية كبيرة للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين الجانبين.
وحول مدى التوافق بين الجانبين في معالجة الأزمة السورية، قال «أكسينوك»، في تصريحات صحفية على هامش زيارة الرئيس السيسي إلى موسكو، إن البلدين تعملان على حل الأزمة السورية حلا سلميا عبر الطرق الدبلوماسية، لافتا إلى أن مصر كانت ساحة لاجتماع المعارضة السورية، قائلا «نحن نتبادل المعلومات في هذا الصدد، ونتعاون في بحث السبل التي تؤدي إلى إخراج سوريا من هذه الحلقة المفرغة».
وأضاف كبير الباحثين في معهد الاستشراق الروسي، أنه لا يعتقد أن نقاط الخلاف تتغلب على نقاط الاتفاق في هذه القضية، مشيرا إلى أن مصر تمارس سياسة براجماتية بالنسبة لإيران، ولا يمكن مقارنة الموقف السعودي من إيران بموقف القاهرة، لافتا إلى أن روسيا شاركت في الصفقة التي أدت إلى توقيع الاتفاق النووي بين أمريكا وطهران، قائلا: «أعتقد أن التوقيع سيعطي فرصة للتهدئة في المستقبل، وربما التوصل إلى مصالحة تاريخية أو تطبيع العلاقات بين مصر وإيران».
وأكد«أكسينوك»، أن إيران لا تعيش في الفراغ ولا يمكنها أن تمارس سياسة تخويف جيرانها في الخليج، معربا عن اعتقاده أن الاتفاق قد يفسح المجال لتطبيع العلاقات في المستقبل بين أمريكا وإيران والسعودية وروسيا، لافتا إلى أنه لا يستبعد الوصول إلى ضمانات روسية أمريكية للأمن في المنطقة.
وحول التعاون العسكري بين مصر وروسيا، قال، إن روسيا مستعدة لتلبية جميع مطالب مصر، عبر صفقات تجارية، فالرأي العام الروسي مختلف الآن ويعرف أن الاتحاد السوفيتي تكبد ديون كبيرة في الماضي.
وحول شكل التعاون بين روسيا ومصر الآن، مقارنة بما كان عليه في فترة الخمسينات، قال المستشرق الروسي، إن الظروف الحالية تختلف عما كانت عليه الظروف في الخمسينات، وموازيين القوى اختلفت، لكن يبقى العلاقات التقليدية والصداقة الحميمة بين البلدين، ولم تتأثر بما يحدث في العالم، مشيرا إلى أنه عمل في مصر في الفترة ما بين عامي 1975 و1978، خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وكانت العلاقات صعبة في تلك الفترة، وبدأت الأمور تعود لما كانت عليه في عهد مبارك رغم التحالف المصري الأمريكي في تلك الفترة.
وأضاف، إن روسيا لا تدعي أنها الدولة الأولى في العلاقات مع مصر، فنحن نفهم توازن القوى في المنطقة، ونحن براجماتيين وواقعيين في هذه المسألة.
وأكد، أهمية العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، مشيرا إلى أن روسيا أنشأت نظاما جديدا لدعم الصادرات، وتمنح قروضا للمستوردين الأجانب، ولديها استعداد للمشاركة في مشاريع بناء الاسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل، وتوليد الطاقة ومصانع الشاحنات والزراعة، كما أنها مستعدة للمشاركة في إقامة منطقة صناعية روسية بمحور قناة السويس، حيث ترى أن قناة السويس ستجذب استثمارات جديدة، لافتا إلى أن روسيا تنتظر المقترحات من الجانب المصري في هذا المجال.