ماذا تعنى عبارات «الأهلى فوق الجميع».. «إننا نحاول احتواء الجماهير الغاضبة».. «الجمعية العمومية للأهلى 70 مليونا».. «حالة الاحتقان باتت فى أقصى درجاتها».. «نحذركم من غضبة جماهير الأهلى».. «هيبة النادى الأهلى».. «الأهلى خط أحمر».. «نطالب الجماهير بأقصى درجات ضبط النفس».. إلخ إلخ. هل صار الأهلى حزبا وطنيا جديدا؟
وهل هذه العبارات تأتى من تراث المصطلحات الرياضية أم أنها من صميم الأساليب التعبيرية السياسية؟ وهل المقصود أن نفهم أن الأهلى بات دولة أكبر وأهم من الدولة المصرية؟ الحقيقة أن أنفاس وعقول الأولتراس حاضرة بقوة فى هذه التعبيرات وموجودة بزخم فى وجدان أعضاء مجلس إدارة النادى الأهلى، والغريب أنها تشبه تماما النفس الداعشى أو على الأقل الإخوانى، لأن فيها نفس الخيارات المقيدة الظالمة على غرار «نحكمكم أو نقتلكم» فإما أن يكون اتحاد الكرة خادما مطيعا وعبدا ذليلا لإرادة دولة الأهلى العظمى وإلا فسوف ندمره ونحله ونقضى على مستقبل أعضائه، وإما أن تفهم جميع الأندية أنها مجرد كومبارس فى مسرحية الكرة المصرية وأن الدورى فى العادة ينبغى أن يكون للأهلى والأهلى فقط باستثناء خروقات يتم السماح بها على استحياء، وإما فلا دورى ولا كأس ولا كرة قدم فى البلاد، ذلك لمبرر غريب وقاطع وهو أن جماهيره هى الأكبر عددا وتحتاج إلى بطولات كل عام وإلا فإن المجتمع مهدد بما لا تحمد عقباه، فى أعقاب نهائى كأس مصر بين الأهلى والمنصورة والذى ألغى فيه الحكم هدفا صحيحا للمنصورة حرمه من الكأس، أذكر أن لاعب الأهلى ياسر ريان (وهو من أبناء المنصورة) قال: «هل من المعقول أن تفرح جماهير المنصورة القليلة وتحزن هذه الجماهير الكبيرة»، وهذا هو المنطق الغالب على الحكام أيضا، فالحكم الراحل محمود عثمان حكى قبيل وفاته كيف أنه أضاف 10 دقائق كاملة فى مبارة نهائى كأس مصر بين الأهلى والاتحاد على أمل أن يحرز الأهلى هدف التعادل وجاءه كابتن الاتحاد محمد عمر يقول له «مش خلاص بقى يا كابتن» فقال «خلصت عيشتك هو إنت مش شايف المية ألف اللى فى الاستاد»، أقول هذا لأنه منذ أن أعلن اتحاد الكرة عقوبة اللاعب أحمد الشيخ بالإيقاف 4 أشهر والمسؤولون فى النادى الأهلى يخرجون علينا بتصريحات أقل ما يمكن أن توصف به أنها نداءات للجماهير إياها المنظمة طبعا والمدربة طبعا والقادرة على الاحتشاد فى مكان واحد وزمان واحد فى لحظة واحدة طبعا والتى لديها خبرات فى التحطيم والتدمير وحرق الاتحادات الرياضية ونوادى الشرطة طبعا طبعا، الجماهير الوطنية التى كتبت مرارا وتكرارا على الحوائط فى كل أنحاء الجمهورية
Fuck for police.
والجماهير العادية هادئة وحينما تطلب من ساكن أن يهدأ فكأنك تنبهه أو تدفعه دفعا لضرورة الغليان والانفعال والثورة والتحطيم، هذه الطريقة التى يتم التعبير بها عن كيان النادى الأهلى ألبست عقول وقلوب بعض مريديه اعتقادات وهمية من شأنها أن تصل بالتعصب إلى حده الأعمى، وأذكر أنه بعد الحادثة المشؤومة فى استاد بورسعيد أن كانت أم أحد الضحايا ضيفة على برنامج تليفزيونى وقد أتت ومعها ابن آخر وإذا بها تقول «رغم ما حدث فأنا أربى ابنى الصغير أيضا على نفس المبادئ فى الانتماء للنادى الأهلى العظيم وعلى استعداد أن أفقده هو الآخر مثل أخيه شهيدا فى سبيل الأهلى»، فإذا كانت الأم قد وصلت بقناعاتها إلى هذا الحد من التطرف المذموم فما بالكم بالأبناء. على الأهلى أن يفهم ويعتبر ويتذكر بأن الحزب الوطنى لو كان انتبه إلى ضرورة أن يشاركه آخرون بكَم وكيف حقيقى فى مقدرات البلاد ما حدث له ما حدث وما حدث لنا ما حدث.