سوريا.. يا فضيلة الإمام!

سليمان جودة الإثنين 24-08-2015 20:54

لا أصدق أن يوافق فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على أن تكون المشيخة التى يتربع على قمتها، فى حالة قطيعة كاملة مع سوريا، ومع رجال دين سوريا، ومع علماء سوريا، ومع كل ما له علاقة بسوريا، لا أصدق هذا، ولا أريد أن أصدقه، لولا أنى سمعته بأذنى، من الدكتور محمد عبدالستار السيد، وزير الأوقاف السورى، خلال لقاء معه جرى فى مدينة طرطوس السورية، يوم الجمعة قبل الماضى.

قد نفهم القطيعة السياسية الحالية، مع سوريا، على أنها من توابع حكم غير المأسوف عليه، محمد مرسى، وقد نفهم أن قطيعة سياسية غير مفهومة كهذه، لن تدوم، ويستحيل أن تدوم، وقد نفهم أن ظروفاً إقليمية تؤخر عودة العلاقات بين القاهرة، وبين دمشق، إلى مجراها الطبيعى.. قد.. غير أننا لا نفهم أبداً أن يكون الأمر على نحو ما سمعناه من وزير أوقافهم، وهو أمر وصل إلى حد أن الأزهر، ومعه وزارة أوقافنا، ودار إفتائنا، لا ترغب فى أن تذهب إلى هناك ولا أن يأتوا هم إلى هنا، وإلى حد أنه عندما يكون لدينا اجتماع لوزراء أوقاف الدول العربية، أو الإسلامية، مثلاً، فإن وزير الأوقاف السورى يصبح لا وجود له، ولا مكان!

إننا نخطئ كثيراً إذا تصورنا أن الإرهاب الذى يواجهه الشعب السورى على أرضه، خصوصاً الإرهاب القادم والممول من تركيا، يختلف عن الإرهاب الذى يواجهنا فى القاهرة، أو يواجه الإخوة السعوديين فى الرياض، أو يواجه الإخوة الإماراتيين فى أبوظبى، أو حتى يواجه الإخوة المغاربة فى الرباط.. نخطئ كثيراً جداً، لأنه إرهاب واحد، ولأن مموله وداعمه واحد، ولأن هدفه، كإرهاب، واحد أيضاً.. وهذا الهدف هو الدولة العربية الوطنية فى كيانها، وفى أركانها، وفى قواعدها وأصولها الباقية.

عندهم خبرة فى مواجهة الإرهاب، ولديهم رؤية فى مواجهته مكتوبة فى أربعة مجلدات كاملة، ولو أن أحداً فى الأزهر اطلع عليها فسوف يجد فيها فائدة مشتركة، فى مواجهة إرهاب يستهدف الجميع، ولا يستثنى منا نحن العرب أحداً.. وإذا كان هناك ألف سبب يدعو مشيخة الأزهر إلى مقاطعة الإخوة فى سوريا، فهناك سبب آخر أقوى بعد الألف، يدعوها لأن تتكلم معهم، وهذا السبب هو الذى يدعونا من خلاله الحديث الشريف إلى أن ننصر أخانا ظالماً، أو مظلوماً.

والمعنى أن الأزهر إذا كان يراهم ظالمين، حسب الحديث النبوى، فليس أقل من أن يلقاهم ويتكلم معهم، ليردهم عن ظلمهم الذى يراه، لا أن يقاطعهم هكذا، ويتركهم فريسة، بكل معانى الكلمة، لكل أنواع الذئاب.

فضيلة الإمام الأكبر.. أرض سوريا التى تضم رفات رأس نبى الله يحيى عليه السلام، والحسين وابنته رقية عليهما السلام، والسيدة زينب عليها السلام، والبطل صلاح الدين، تناديك، وتستغيث بك، فلا تخذلها، لأنها أمانة فى عنقك، وسوف يسألك الله تعالى عنها يوم القيامة!