فارضًا سيادته من جديد على المجموعة الثانية من الكأس الكونفيدرالية الأفريقية، ومستعيدًا ترتيب أوراق هذه المجموعة لصورتها التي رسمها بنفسه منذ اللحظة الأولى لانطلاق دوري المجموعات، الزمالك يستعيد الصدارة سريعًا من أورلاندو بالفوز على الصفاقسي التونسي بملعب الطيب المهيري بمدينة صفاقس التونسية، ويصل للنقطة رقم 12 متفوقًا على وصيفه أورلاندو بفارق المواجهات الذي حسم المركز الأول للزمالك في انتظار اللقاء الختامي الذي سيجمع بطل مصر مع بطل جنوب أفريقيا في مواجهة بالقاهرة ستحسم بشكل نهائي اسم متصدر المجموعة.
دخل الزمالك المباراة بطريقة مدربه جوزفالدو فيريرا المفضلة 4-3-3 بالتشكيل التالي
برغم معاناة الزمالك عدديًا فى ظل غياب العديد من الأسماء البارزة، وكلهم من العناصر الأساسية، لم يعانِ الأبيض على مستوى النتيجة ولكن، وللمباراة الثانية على التوالي، عانى الفريق جماعيًا وخططيًا نتيجة شغل أكثر من لاعب لمهام لا يُجيدها على الإطلاق كإبراهيم صلاح في الارتكاز المساند، وتوفيق في مركز الظهير الأيمن دفاعيًا، ومحمد إبراهيم في مركز الجناح الأيمن.
كما شهد رباعي الدفاع عدة تغييرات، حيث عاد طلبة لشغل مركز الظهير الأيسر، وبرغم كونه أصبح اللاعب الأساسي في هذا المركز لدرجة أغرت الأرجنتيني هيكتور كوبر لضمه للمنتخب إلا إنه يبقى ثغرة دفاعية واضحة، ولا تقوم الجبهة اليسرى بأي أدوار هجومية واضحة في وجوده، وعاد دويدار لدفاع القلب في غياب كوفي، فيما استمر توفيق في مركز الظهير الأيمن للمباراة الثانية على التوالي في ظل غياب كل من حازم إمام وعمر جابر.
أما في وسط الملعب، فقد استمر طارق حامد كقائد لوسط الملعب من مركز 6 أو لاعب الارتكاز الصريح على يمينه إبراهيم صلاح وعلى يساره معروف يوسف تمامًا كتركيبة مباراة الاتحاد التي عانى الزمالك بسببها هجوميًا ودفاعيًا أيضًا رغم وجود اسمين من ثلاثة يغلب على أدائهما الطابع الدفاعي إلى جانب امتلاك معروف يوسف لقدرات دفاعية أيضًا.
وكان ثلاثي الهجوم يتمثل في كهربا الذي حجز مكانًا أساسيًا في مركز الجناح العكسي ناحية اليسار الذي يتحول في طريقة فيريرا إلى رأس حربة وهمي وباسم مرسي المهاجم الأساسي بالفريق ومحمد إبراهيم الذي لعب في مركز الجناح الأيمن المكلف بالدخول إلى قلب الملعب أحيانًا لصناعة اللعب ولكنه وفى كل مرة كان يحاول فيها الدخول لقلب الملعب كان يتفاجأ بإبراهيم صلاح يقوم بعمل Block من أمامه وكأنه أحد ارتكازات الخصم.
أما المدرب باولو دوارتي فاعتمد على تكثيف اللعب في وسط الملعب والضغط المبكر على حامل الكرة بالزمالك وإرسال الكرات الساقطة خلف الظهيرين أحمد توفيق وحمادة طلبة استغلالًا لعدم إجادتهما لأدوار الظهير دفاعيًا، وكان له ما أراد واستطاع الصفاقسي أن يهدد مرمى الزمالك كثيرًا من خلال الكرات الساقطة خلف طلبة وتوفيق مما جعله أكثر خطورة وأفضل تنظيمًا من الزمالك في الشوط الأول.
وعلى الرغم من أن التنظيم كان أفضل من مباراة الاتحاد، إلا أن الزمالك لم يصل بعد إلى درجة التنظيم الكافية لكى تمكنه من الاستحواذ الكامل على اللعب وفرض أسلوبه على الخصم، كما يتمنى فيريرا، ولكنه لم يقدم المساعدات الخططية للاعبيه لفرض هذا الاسلوب
فالإصرار على 4-3-3 في ظل الغيابات العديدة وعدم قدرة من يتوفر لديك من لاعبين على أداء هذه الطريقة خطأ يتحمله المدرب بالطبع؛ ففيريرا الذي يحول شكل الفريق هجوميًا إلى 4-1-4-1 لم يستطع تحقيق ذلك في ظل وجود إبراهيم صلاح في مركز الارتكاز المساند الذى لا يُجيد اللعب فيه على الإطلاق، فتاه هجوميًا وتبعثر دفاعيًا وفقد تركيزه تمامًا حتى تغيرت الطريقة في آخر المباراة وعاد إلى قلب الملعب بجوار طارق حامد، فأصبح أفضل لاعبي الزمالك في الدقائق الأخيرة، وبالتالي لم يكن العيب في إبراهيم صلاح ولكن في النظام.
فى طريقة فيريرا تقوم الأجنحة بمهمة الدفاع المتقدم أمام الأظهرة، وقد كلف فيريرا محمد إبراهيم بهذا الدور وقدم دورًا دفاعيًا مميزًا أمام توفيق وعلى الرغم من أن المهمة الأساسية له كجناح هجومي هي الهجوم إلا أن تميز إبراهيم اقتصر على أداء المهام الدفاعية بشكل جيد ولم يقدم إبراهيم أداءً هجوميًا مميزًا
فأخذ النجم العائد من تجربة احتراف قصيرة بالبرتغال والذي يستحوذ على قدر كبير من ثقة فيريرا يتفنن في خلق الصعوبات لنفسه، فلم يحاول أبدًا أن يلعب الكرة المضمونة، وحاول كثيرًا إيقاف الكرة تحت قدميه كي يتحكم في إيقاع اللعب وهو ما لا يمكن فعله من قِبل لاعب يلعب على الطرف، فاللاعب المتحكم في الرتم إما أن يلعب في قلب الملعب أو يلعب في الناحية العكسية لقدمه حتى تكون قدمه التي يعتمد عليها داخل الملعب وليست على الخط، وبالتالي فقد ظلمه فيريرا في التوظيف، فهو لا يجيد اللعب على الناحية اليمنى وظلمه إبراهيم صلاح الذي كان مطلوبًا منه معاونته كضلع من أضلاع مثلث الجبهة اليمنى ولكن صلاح لم يفهم بالضبط ما المطلوب منه فعرقل معظم محاولات محمد إبراهيم، كما ظلم إبراهيم صلاح نفسه لأنه لم يحاول أن يلعب الكرة السهلة.
لم يطلب فيريرا من كهربا دعم الجبهة اليسرى دفاعيًا فقد حاول البرتغالي أن يجد حلًا لمشكلة الكثافة الهجومية القليلة نتيجة تباعد المسافة بين الوسط والهجوم فطلب من كهربا أن يتحرك عرضيًا من اليسار إلى القلب وأن يبقى دائمًا في وسط ملعب الخصم لكي يضمن عددًا لا بأس به من اللاعبين بعد أن يحصل الفريق على الكرة ويبدأ في الهجمة المرتدة، ولكن ما حدث هو أن المسافة زادت بين الوسط والهجوم ولم تقلّ، والسبب هو قيام معروف بمعاونة طلبة دفاعيًا مما أثر سلبًا على مردوده الهجومي وزيادته كلاعب ثالث وأحيانًا رابع في مراكز صناعة اللعب.
أما باسم مرسي فاختبأ بداخل منطقة الـ18 كثيرًا ولم يظهر كمحطة لزملائه لعمل دور الربط بين عناصر الهجوم إلا فيما ندر مما أثر سلبًا على قدرة الزمالك على تدوير الكرة والبناء الهجومي أمام منطقة جزاء الفريق التونسي.
في لقطة الهدف الأول للزمالك، قدم توفيق كل ما كان من المفترض أن يقدمه إبراهيم صلاح كارتكاز مساند، حيث تحول من الطرف إلى قلب الملعب وراوغ وقام بفتح زوايا مرور وتمرير لنفسه، وجاء تحرك باسم رائعًا ومرّر توفيق الكرة بشكل أروع، ولكن باسم لم يستطع أن يقدر المسافة بينه وبين الحارس رامي جريدي بشكل جيد، فأراد أن يسقط الكرة من فوقه على الرغم من أن المسافة التي كانت تفصل بين مهاجم الزمالك وحارس الصفاقسي كانت قليلة جدًا ولا تمكن باسم من تنفيذ ما أراد، ولكن لحسن الحظ ارتطمت الكرة بالحارس وذهبت لكهربا الذي استطاع أن يسجل منها الهدف الأول للفريق.
هدف التعادل للصفاقسى هو خطأ بدأه طلبة الذي أعاد الكرة للشناوي دون داعٍ، فأكمل الشناوي الخطأ بالتمرير الخاطئ لطلبة، فانقطعت الكرة وحصل منها أصحاب الأرض على ركلة جزاء تبارى لها القائد علي معلول ووضعها على يمين الحارس أحمد الشناوي الذي راهن على الناحية اليسرى وخسر الرهان أمام الظهير الأيسر "الرائع" للفريق التونسي.
استطاع أحمد حمودي بعد نزوله أن يغير كل شيء للأفضل، فوجد الفريق أخيرًا القائد الحقيقي في وسط الملعب الهجومي، تحرك حمودي في كل أرجاء الملعب تقريبًا لعب على اليمين وعلى اليسار وتحول إلى قلب الملعب، فقد منحه فيريرا حرية كبيرة فجاء حمودى له بالفوز على طبق من ذهب.
تغيير حمودي بدلًا من باسم مرسي جاء معه تغيير آخر بنزول محمد سالم بدلًا من محمد إبراهيم وهو تغيير في العناصر أعقبه تغيير في شكل الفريق الهجومي ولكن ظلت 4-3-3 هي الخطة الرقمية غير أنها تحولت في الشكل الهجومي من 4-1-4-1 إلى 4-3-1-2 وهي إحدى مشتقات 4-3-3
بقي ثلاثى وسط ملعب كما هو وحدث التغيير في وظائف ثلاثي الهجوم، فلعب الفريق برأسَي حربة هما محمد سالم وكهربا ومن خلفهما حمودي.
تحسن مردود الفريق الهجومي من خلال قدرة حمودي على قيادة الهجمات استغلالًا للحرية الكبيرة التي منحها له فيريرا وكذلك ذكاء التحرك من محمد سالم وتقديم كهربا دور الـ Target بشكل ناجح، واستطاع الزمالك أن يحصل على ركلة جزاء ساهم فيها توفيق بمجهود كبير ومحمد سالم بتحرك ذكي وعرضية رائعة وأحمد حمودي الذي فاجأ المدافع وأربكه فاضطر لعرقلته ولكن أضاعها كهربا.
أجرى فيريرا تغييرًا على مستوى الأفراد وكذلك على مستوى الطريقة بإشراك أحمد حسن مكي بديلًا لمعروف يوسف وتحولت الطريقة إلى 4-2-3-1
دخل إبراهيم صلاح إلى قلب الملعب بجوار طارق حامد، وتحول سالم إلى جناح أيمن وكهربا إلى جناح أيسر ولعب حمودي فى مركز 10 ومكي رأس حربة
ونجح الزمالك في إحراز هدف لأحمد حمودي من كرة ثابتة وركلة جزاء وقدم إبراهيم صلاح أداءً رائعًا في الدقائق الأخيرة بعد أن ظهر الإرهاق على طارق حامد أحد نجوم اللقاء، وهو تغيير ذكي من فيريرا الذي أراد أن يضم إبراهيم صلاح لقلب الملعب ليعاون طارق حامد بعد أن قل مردوده البدني في نهاية المباراة، بعد الهدف الثاني مباشرة، عاد فيريرا لطريقة 4-3-3 من خلال الاعتماد على أحمد حمودي كارتكاز ثالث (المكان الذي دائمًا ما يشغله معروف يوسف)
وأحرز بعدها حمودي الهدف الثالث من ركلة جزاء تسبب فيها بنفسه من خلال زيادته على الناحية اليسرى في لحظة تحول كهربا كمهاجم وهمي إلى جوار أحمد حسن مكي.
فاز الزمالك، وأظهر فيريرا مرونة أكثر من السابق بشكل ملحوظ، أصبح حمودي من اللاعبين الذين سوف يعتمد عليهم فيريرا كثيرًا، أثبت كهربا نفسه كأحد أهم صفقات الزمالك في السنوات القادمة، أما محمد إبراهيم، فهناك معركة شرسة تنتظره، وكل ما هو مطلوب منه أن يقدم أداءه الطبيعي، وقتها يمكنه بمقدوره التفوق على الجميع، الزمالك لن يعانى في غياب حفني مرة أخرى.