السيسى وبوتين.. والأسد

محمد كمال الأحد 23-08-2015 21:36

يلتقى الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى بنظيره الروسى فلاديمير بوتين هذا الأسبوع. اللقاء يتوج عامين من العلاقات المتميزة بين البلدين، والتى نتجت عن قرار مصرى بتنويع خياراتها فى العلاقات مع القوى الكبرى، وإدراك أن روسيا تختلف عن غيرها فى الوفاء بالتزامها، ووقوفها بجانب أصدقائها فى أوقات الأزمات، وليس بتقويضهم أو «إلقائهم تحت الأتوبيس» كما يقول التعبير الأمريكى. هناك أيضا إدراك فى موسكو أن مصر لديها توجه استراتيجى ورغبة حقيقية فى التعاون مع روسيا، ولا تستخدم هذا الأمر كمجرد تكتيك للمساومة وتحسين العلاقة مع الولايات المتحدة كما حدث فى تجارب سابقة.

التعاون بين مصر وروسيا يقوم على مصالح مشتركة، وعلى علاقة خاصة نشأت بين الرئيسين السيسى وبوتين، استندت إلى سمات شخصية مشتركة، ورؤية تكاد تكون متطابقة للعديد من القضايا مثل مكافحة الإرهاب، والإسلام السياسى، بل وربما للعالم بشكل عام.

العلاقات بين البلدين شهدت نقلة نوعية فى عهد السيسى- بوتين كان من أهم ملامحها التعاون العسكرى غير المسبوق بين البلدين سواء فى صورة الأسلحة الروسية التى حصلت عليها مصر والتى تميزت من حيث الكم والنوع، وكذلك المناورة البحرية الفريدة التى شاركت فيها الدولتان «جسر الصداقة 2015» والتى أقيمت بالمياه الإقليمية المصرية فى البحر المتوسط فى يونيو الماضى. يضاف لذلك القرار المصرى أن تتولى روسيا بناء أول مفاعل نووى مصرى فى منطقة الضبعة، وهو قرار استند لأبعاد استراتيجية وليست تقنية فقط.

التعاون بين مصر وروسيا لا يجب أن يقتصر فقط على الجوانب الثنائية، بل يجب أن يمتد إلى القضايا الإقليمية والدولية وعلى رأسها الأزمة السورية، فروسيا صاحبة النفوذ الأكبر على الحكومة السورية، وقد اعترفت لها الولايات المتحدة بذلك منذ قبولها بالاقتراح الروسى لتفكيك أسلحة الدمار الشامل بدلا من ضرب سوريا. وقد طرحت روسيا مبادرة بشأن الأزمة السورية ولكنها مبادرة تركز على إنشاء تحالف دولى لمواجهة الإرهاب أكثر من تعاملها مع أبعاد الوضع الداخلى بسوريا، أما مصر فمازال حديثها بشأن الأزمة فى سوريا يتسم بالعمومية ويركز على المبادئ الكبرى، فى حين أن دولا أخرى مثل السعودية وإيران وغيرها طرحت مبادرات تفصيلية لتسوية الأزمة السورية.

أتمنى أن تسفر زيارة الرئيس السيسى لموسكو عن تبنى مصر وروسيا لمبادرة مشتركة تجاه سوريا، مبادرة - وليس مجرد إعلان مبادئ- تتضمن الحفاظ على وحدة الأراضى السورية، والحيلولة دون انهيار الدولة ومؤسساتها، والتعامل مع كافة أطراف الصراع بمن فيها الرئيس بشار الأسد دون إقصاء أو شروط مسبقة، وتضع قواعد لمرحلة انتقالية يكون الشعب السورى فيها هو صاحب القرار بشأن من يحكمه من خلال انتخابات حرة ونزيهة.

سوريا ليست فقط شريك مصر فى الوحدة عام 1958، وشريك الحرب فى أكتوبر 1973، ولكنها قضية أمن قومى مصرى. وروسيا تمثل الشريك الأفضل للتعاون فى مبادرة لتسوية الأزمة السورية، والبلدان لهما من النفوذ والعلاقات مع الأطراف الداخلية والإقليمية ما قد يساعد على نجاح هذه المبادرة.

مبادرة مصرية- روسية بشأن سوريا يمكن أن تمثل فاتحة لتعاون استراتيجى أكبر بين البلدين بشأن قضايا دولية وإقليمية أخرى.

makamal@feps.edu.eg