الثقافة التى نورثها لأبنائنا

سمير فريد السبت 22-08-2015 22:08

«الثقافة التي نورّثها لأبنائنا».. وصلتنى هذه الرسالة تحت هذا العنوان، وفيما يلى نصها:

نشرت في عمود سيادتك بجريدة «المصرى اليوم»، في الثلاثاء 18 أغسطس 2015، مقالاً يتضمن أهمية المبادرة بتفعيل ما عرف بـ «تطوير الخطاب الدينى»، واقترحت مشكوراً تسميته بـ «تصحيح الخطاب الدينى»، وقلت في تعليل ذلك إن ثوابت الدين لا تتطور وإن ما يحدث من عنف وإرهاب ليس من الدين في شىء، وإنما هو سياسة خالصة، وأعتقد أيضاً أن ثقافتنا المعاصرة في حاجة إلى تصحيح لبعض المفاهيم السائدة والتى اتضح لنا (أنها مغلوطة)، وكانت سياسة خالصة أيضاً، وأستغرب كثيراً كيف فات على كبار مثقفينا وكتابنا عدم الالتفات إلى تلك المفاهيم والتنبيه بخطرها في حينه، ولذا فلا تستغرب يا سيدى ظهور مثل هذا الفتى الذي قتل الساحئة الأجنبية في الأقصر، والذى أشرت سيادتك إليه في صدر مقالك، معتبراً أنه يؤدى خدمة جليلة للإسلام، فهل نجنى إلا ما زرعنا يا سيدى؟!

ولقد شاهدت في صغرى فيلم (فى بيتنا رجل)، وكنت أعتبره من الأفلام العربية الممتازة، وقد أتقن المخرج الراحل بركات عمله وصور لمحات كثيرة تدل على براعته، وأحسن اختيار الطاقم الفنى من ممثلين، فهناك عمر الشريف ورشدى أباظة وحسن يوسف والأب المصرى حسين رياض، وضباط البوليس السياسى عبدالخالق صالح وتوفيق الدقن، أما البطولة النسائية فكانت للوجه الملائكى زبيدة ثروت وزهرة العلا، وساهم الفيلم في إبراز شخصية إبراهيم حمدى والتى أداها عمر الشريف بإتقان، أقول ساهم في جعلنا نتعاطف معه، في حين أنه في واقع الأمر وبمنطق العقل (إرهابى) وارتكب عملاً إجرامياً، فقد قرر هو وزملاؤه في التنظيم وهم شباب غر صغار، أن رئيس الوزراء خائن ويجب إعدامه ونفذوا قرارهم هكذا، ومعروف أن الروائى إحسان عبدالقدوس استوحاها من قضية مقتل وزير المالية الوفدى أمين باشا عثمان على يد حسين توفيق وشركائه، قد تكون القصة كتبت في سياق الأربعينيات وهى الفترة القلقة من تاريخ مصر والتى شهدت اغتيال العديد من الساسة، وكان بعض الشباب يتصور أن الاغتيال يحل قضية بحكم حماسهم وقلة خبرتهم، وقد تم تحويلها إلى مسلسل إذاعى أولاً ثم فيلم سينمائى هيئت له كل أسباب النجاح، بل اختاره النقاد في الاستفتاء الشهير عام 1996 ضمن أفضل مائة فيلم مصرى في تاريخ السينما، ونسينا ما يترسب في وجدان الأطفال والصغار من أفكار وثقافات من مثل هذه الأفلام، فهل نجنى إلا ما نزرع يا سيدى الكريم، وألا يستحق الأمر أن نصحح الكثير من المفاهيم المغلوطة والتى قد يكون لها ما يبررها في حينه من أنها ثورة شباب قام بعض منهم فعلاً بتنفيذ خطط اغتيالات وتمت تبرئتهم، وتولى أحدهم أكبر منصب تنفيذى في مصر خلفاً لعبدالناصر، وهو الرئيس الأسبق أنور السادات وأصبح أحد شركائه في القضية سفيراً، ثم اختاره الرئيس وزيراً لخارجية مصر وهو السفير محمد إبراهيم كامل.

عمرو أبوثريا

استشارى الجراحة العامة

لواء طبيب متقاعد

samirmfarid@hotmail.com