مصر التى نعرفها

عمر حسانين الجمعة 21-08-2015 20:52

مصر أغنى دول العالم بكل أشكال الكنوز، هى أم الدنيا وتاجها، لكن كثيرين طمس الحقد على قلوبهم، وأعمى عيونهم، فهم لا يبصرون، والذى كان من أمين شرطة فى السكة الحديد، وسيدة بسيطة فى العجوزة، يثبت بالدليل العملى معدن المصريين النفيس.

أمين الشرطة أحمد عبدالجيد عتلم، من قوة الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، يعمل فى شرطة السكة الحديد، يعول أسرة وتتعلق فى عنقه سلسلة طويلة من المطالب، شأنه شأن ملايين المصريين، كان يؤدى عمله فى محطة قطارات القاهرة، لفت نظره حقيبة سوداء، ملقاة إلى جانب أحد المقاعد على الرصيف.

وفى ظل الجرائم الإرهابية من زرع العبوات المتفجرة فى أماكن كثيرة، بدأ الشرطى فحص الحقيبة بمنتهى الحذر، مفاجأة كانت فى انتظاره، الحقيبة تكتظ بمبلغ كبير من المال، لم يتردد فى التوجه إلى رئاسته، وتحرير محضر رسمى بالواقعة.

تبين أن الحقيبة تحوى 48 ألف جنيه مصرى، وبعض الأوراق، أعلن قسم شرطة محطة مصر الطوارئ للوصول إلى صاحب الحقيبة، وبعد رحلة بحث تم التوصل إلى صاحب المال المفقود، تبين أنه مواطن يدعى يحيى من محافظة سوهاج، كان فى طريق عودته إلى أسرته فى سوهاج ونسى الحقيبة على المقعد.

داخل مكتب مدير شرطة السكة حاول صاحب المال أن يقدم مبلغاً إلى أمين الشرطة، لكنه رفض، وأخبره أنه لم يقم إلا بواجبه، مؤكداً أن كثيرين من رجال الشرطة يقدمون حياتهم حفاظاً على أموال وأعراض وأمان المصريين.

وزير الداخلية مجدى عبدالغفار تلقى تقريراً مفصلاً عن الواقعة فقرر تكريم أمين الشرطة تقديراً لأمانته.

وضربت الأم كاميليا المثل فى الأمانة، هذه السيدة الستينية، تخرج كل يوم إلى الأسواق لشراء حاجة أسرتها من طعام، حياتها بسيطة، لكن بين ضلوعها رضا وقناعة يجعلانها فى مقدمة صفوف الأثرياء، عثرت على نصف مليون جنيه داخل حقيبة فى الشارع، حملتها إلى المنزل، واستعانت بابنها الأكبر وسلمت المبلغ إلى قسم الشرطة الذى أعاد الحقيبة إلى صاحبها.

وعن التفاصيل قالت كاميليا: «عادة أخرج صباحاً من المنزل، أتوجه إلى السوق لشراء مستلزمات البيت من أطعمة، وأثناء عودتى توقفت إلى جوار العمارات القريبة من مسرح البالون، أبحث عن (شنطة) أضع فيها بعض الأشياء التى اشتريتها من السوق، وجدت حقيبة إلى جوار سيارة، فتحتها فوجدت فيها مبلغاً مالياً كبيراً، جنيهات ودولارات، وهاتفاً محمولاً».

وتضيف: «انتظرت فى المكان نصف ساعة ربما يعود صاحب الحقيبة، لكن لا أحد حضر ولا التليفون رن، عدت إلى المنزل، واتصلت بابنى، أخبرته بما حدث، ترك عمله وعاد إلى المنزل، وخلال ساعة تلقيت اتصالاً من شخص لهجته عربية، أخبرنى أن الشنطة فُقدت منه، قلت له إنها فى أمان، لكنه كان مريباً فى تصرفاته، لم أشعر بلهفة منه على أمواله ولم يتصل بى غير مرة واحدة».

واصلت كاميليا: «بعد ساعة حضر ابنى ووجدت نفس الشخص يتصل بى، طلبت من ابنى التوجه إلى القسم وتسليم الشنطة، وطلبنا من المتصل التوجه إلى قسم العجوزة لتسلم شنطته، وفى غرفة المأمور عندما وضعت الشنطة أمامه وأخبرته بما حدث قبّل يدى، طلبت منه أن أغادر، فأخبرنى بأن لى حقاً فى هذه الأموال بعد وصول صاحبها، لكن أموال الدنيا لا تغنى عن الأمانة».

أنهت كاميليا كلامها: «الحمد لله، والدى كان يطعمنا من حلال، وأولادى ربيتهم على الحلال، أنا كان نفسى أحج، وأزور قبر سيدنا النبى، ولما عثرت على المبلغ تذكرت ربنا وقلت يارب نفسى أزور النبى بس بفلوسى، ثم توجهت للقسم، لأن دى أمانة».

وبالتأكيد، لا أمين الشرطة ولا الأم العجوز وحدهما هما اللذان يقدسان الأمانة، لكن مصر – أم الدنيا – فيها كل غال ونفيس. تحية لكل من يزرع الخير، فيطرح أمانة ووفاء.

Omar_hsanen@hotmail.com