دائماً ما كنت أتساءل عن السبب الذى يجعلنى لا أصدق فى كثير من الأحيان أبطال السينما هذه الأيام خلال شاشة السينما، فلم يعد شىء يجعلنى أتوحد مع الشخصية التى يجسدها، والتى كانت تطغى على شخصية الممثل الحقيقية، وكنت أعتقد أن هذا يرجع إلى قلة موهبة هؤلاء النجوم الشباب مقارنة بمن سبقوهم من النجوم، خاصة فى عصر السينما الذهبى عصر الأبيض والأسود، حيث سينما الخمسينيات والستينيات، والتى تمزج بين خفة ظل إسماعيل ياسين والقصرى وعبدالسلام النابلسى وزينات صدقى، ورومانسية حليم وفاتن حمامة وعمر الشريف، وأدهشهم إحساس وعبقرية سعاد حسنى ونجيب الريحانى، كل هذا من خلال أفلام كان يعرضها التليفزيون المصرى وقت أن كانت القناة الأولى والثانية هما الملجأ الوحيد فى حالة البحث عن وقت للاستمتاع بعد المذاكرة فى أوقات الدراسة.. أيام ما كان الريموت كنترول فيه 10 قنوات بالعافية.. طب والله كانت أيام حلوة.
وفى يوم أمسكت بالريموت كنترول أتنقل بين الـ300 قناة أو أكثر فى محاولة منى للبحث عن فيلم أشاهده، والحق أن الحيرة كانت كبيرة جداً، حيث «كريم عبدالعزيز» فى «أبوعلى» فى إحدى المحطات، و«حنان ترك» فى «أحلى الأوقات» على أخرى، وسيدة الشاشة العربية فى «لا أنام» فى محطة ثالثة،
واستقر بى الحال فى النهاية بمشاهدة برنامج يعرض كواليس تصوير الأفلام، أتمعن بكيفية صناعة هذه الساحرة العجيبة المسماة السينما أو الفن السابع، تضمنت الحلقة كواليس تصوير فيلم «أبوعلى»، الغريب أنه وبعد مشاهدتى لهذا البرنامج حاولت مراراً وتكراراً أن أشاهد نفس الفيلم ثانية دون جدوى، لأن البرنامج أزال السحر الذى يجعلنى أتعلق بالفيلم، والتى جعلتنى أخلط تماما بين كريم عبدالعزيز وأبوعلى، أنظر إلى الشاشة فلا أصدقهما - كريم وأبوعلى على حد سواء- وقتها أدركت سبب تصديقنا للأجيال الأقدم سينمائيا، لأننا ببساطة شاهدنا أفلام الأبيض والأسود وحتى الأفلام الملونة فى السبعينيات والثمانينيات بعيداً عن واقع الصناعة ذاتها، والتى تحاصرنا اليوم على كل شاشات قنوات الأفلام المتخصصة كإعلان أو ترويج للفيلم السينمائى.
نحن لا نصدق المشاهد الرومانسية، لأننا نرى كواليسها، فى حين نؤكد أن أيام زمان كانت أيام الرومانسية الحقيقية، وده مش حقيقى، فمن قال أصلا إن الرومانسية كانت تملأ الدنيا فى واقع الستينيات تجوب الشوارع والبيوت باحثة عن القلوب التى تسكنها؟
اليوم شاهدت «برومو» يعلن أن «التليفزيون العربى» سيذيع برنامجا للإعلامية القديرة ناهد جبر تستضيف خلاله فريد الأطرش وزبيدة ثروت وعاطف سالم فى كواليس تصوير أحد أفلامهم، لأجدنى أصرخ بصوت مسموع: «لا.. مش هتفرج على قناة التليفزيون العربى».