آفة كل شىء هو التغاضى. نبدأ الشىء بالحماس والدقة والفرحة. ثم ينتهى الأمر ويُقتل بالتغاضى.
نضع دستوراً رائعاً للبلاد. يضعه السادات. المخضرم بين الدساتير. من دستور 23 مروراً بما جاء بعده. جاء فيه بأخطر نص. هو مدة الحكم للرئيس. لا يتجاوز الفترتين. ثم يأتى تعديل الهوانم. أو تأتى جريمة التغاضى. عن أخطر ضابط للدستور الجديد. وتفتح المدة أمام الرئيس. تكون هذه هى النتيجة. يترك أهم أبطال العبور ليشيخ فى موقعه. ومعه كل معاونيه ليشيخوا جميعاً من حوله. فيؤول حكم البلاد لمن تجاوز السبعين من عمره. فى كل منصب ذى أهمية. كان هذا طبيعياً. فهم رجاله. المنفذون لسياساته. تخيلوا معى لو لم يتم التغاضى عن هذه الفقرة. لكنا اليوم مع رئيس الجمهورية الخامس بعد عبدالناصر. السادات. فمبارك. فرئيس جديد. ثم آخر. ثم الآن نحن فى الفترة الثانية للرئيس التالى بعد الآخر. ما كان قتل السادات. وما كنا دخلنا فى كل هذه المتاهات.
■ ■ ■
تم التغاضى عن البناء على الأرض الزراعية. هذا كان مقابل التغاضى عن تخصيص الأراضى للبناء. لمقابلة الزيادة فى عدد السكان. التغاضى عن الصرف فى النيل. لينتهى الأمر بأن يكون النيل مصرفاً كبيراً للنفايات من كل صنف. التغاضى عن تدهور التعليم. فننتهى إلى ما وصلنا إليه. التغاضى عن التعيينات فى الحكومة. والجهاز الإدارى. حتى يصل عدده إلى 7 ملايين فرد. التغاضى عن زيادة أجور الجهاز الإدارى للدولة. لتصل فى خلال ثلاث سنوات إلى 200 مليار تقريباً. بزيادة تقارب الثلاثة أضعاف. فى أقل من أربع سنوات. التغاضى عن دعم الطاقة فتصل وحدها إلى 200 مليار جنيه. قبل انهيار أسعار البترول. التغاضى عن الجنوح الدينى حتى صار الإسلام المغلوط عدواً للعالم. حتى فقدت مصر وسطيتها.
■ ■ ■
لن أستمر. لن أزيد. لكن ما أستغربه اليوم هو التغاضى عن تطبيق نصوص الدستور المتعلقة بمنع وجود أحزاب على أسس دينية. مثل حزب النور الدينى السلفى وحزب الأصالة، وحزب البناء والتنمية.. وللأسف كلها أحزاب تقوم على أسس دينية نتغاضى عنها.. وعن غيرها. التغاضى هذه المرة والانتخابات على الأبواب. ثمنه الباهظ سندفعه آجلا أو عاجلا.
■ ■ ■
لذلك قناة السويس الجديدة تعتبر لا شىء سوى خطوة من الألف خطوة. قيمتها الوحيدة هى أنها تؤكد قدرتنا على السير. البداية دائماً بالخطوة الأولى.