المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تطالب بإعادة النظر في قانون مكافحة الإرهاب

كتب: وائل علي الأربعاء 19-08-2015 15:41

اعترضت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في بيان لها اليوم، على ما احتواه قانون مكافحة الإرهاب من عبارات فضفاضة، والتى تحتاج إلى ضبط الصياغة بعبارات وألفاظ محددة اتباعًا لأحكام المحكمة الدستورية التي طالبت بدقة الألفاظ المستخدمة في قانون العقوبات، إضافة إلى وجود شبهة بعدم دستورية النص المتعلق بـ«الاتفاق الجنائي»، والذي قضى بعدم دستوريته في ثمانينات القرن الماضى «المادة 48 من قانون العقوبات».

وأكد البيان أن مصر تعرضت لمخاطر جسيمة جراء العمليات الإرهابية، ما يحتم على أبناء الوطن إدراك خطورة المرحلة، والمشاركة بإيجابية في بناء الوطن والمحافظة عليه، حيث يتم ملاحقة شبكات إرهابية تعمل على التحريض والتمويل والإمداد لتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، حتى أصبحت المنظمات الإرهابية عابرة للقومية بل مدعومة من أجهزة مخابرات ودول، الأمر الذي يتطلب تطوير قانون العقوبات، وادخال كل عناصر الجريمة الإرهابية في مجال التجريم حتى يمكن محاصرة هذه الظاهرة التي تهدد حقوق الإنسان بكل مستوياته، إلا أن التشريع ينبغي أن يكون منضبطاً وفقاً للدستور، ووفقاً للمواثيق الدولية بشأن معياري شرعية الجرائم والعقوبات، والشرعية الإجرائية، وبما يضمن ألا يدان برئ بموجب هذا القانون.

وأنتقد البيان بعض المواد التي يشوبها عوار دستوري مثل المادة (6) من القانون «يعاقب على التحريض من ارتكب أية جريمة إرهابية بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة، وذلك سواء كان هذا التحريض موجها لشخص محدد أو جماعة معينة أو كان تحريضا عاما علنيا أو غير علني، وأيا كانت الوسيلة المستخدمة فيه ولو لم يترتب على هذا التحريض أثر».

«كما يعاقب بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة كل من اتفق أو ساعد بأية صورة على ارتكاب الجرائم المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة ولو لم تقع الجريمة بناء على ذلك الاتفاق أو تلك المساعدة».

وأشار البيان إلى أن الفقرة الثانية من المادة السادسة: تضمنت مطعناً دستورياً، حيث لايجوز بأي حال من الأحوال معاقبة متهم على جريمة لم تقع، وقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بعدم دستورية مواد مشابهة لهذه المادة.

وتنص المادة 35 من القانون: على أن «يعاقب بغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه كل من تعمد بأي وسيلة كانت نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد أو العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع، وفي الأحوال التي ترتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتباري يعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية لهذا الشخص بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى، وفي جميع الأحوال للمحكمة أن تقضي بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنة إذا وقعت الجريمة إخلالا بأصول مهنته».

واعتبر البيان أن منح المحكمة حق وقف الصحفي عن العمل هو تعد صارخ على قانون نقابة الصحفيين، وهو قانون خاص يَجُب أي قانون آخر، كما أنه لايجوزتجريم نشر المعلومات الخاطئة طالما أن الدولة لم تبادر بإصدار قانون ينظم حرية تداول المعلومات، فضلا عن إن الغرامة المالية كبيرة جدا، وسيعجز الكثير منهم عن سدادها وهو ما قد يفضي في النهاية إلى حبسهم.

وتنص المادة 29 من القانون الجديد: على عقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من أنشأ أو استخدم موقعا إلكترونيا «بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية»، مشيرًا إلى إن المادة جاءت فضفاضة وقد تستخدم ضد أي شخص ينتقد الحكومة في الفضاء الإلكتروني لافتًا إلى أن المادة بها خطورة بالغة على حرية الرأي والتعبير، لأنها جاءت بعبارات عامة وفضفاضة وغير منضبطة، ويمكن إساءة استخدامها ضد أصحاب الرأي والمقالات دون ارتكابهم أعمالا إرهابية بصورة مباشرة، ويدخل في إطار محاكمات الرأي، وكان يتعين ضبط الصياغة منعا للتعسف حيال الرأي المعارض.

وأوضح البيان، إن المادة 37 تضمنت قيودًا غير مباشرة يمكن أن تشمل الصحفيين أيضا حال إدانتهم، ومن ذلك حظر الإقامة في مكان معين أو في منطقة محددة، والإلزام بالإقامة في مكان معين، وحظر الاقتراب أو التردد على أماكن أو محال معينة، والإلتزام بالوجود في أماكن معينة في أوقات معينة، وحظر العمل في أماكن معينة أو مجال أنشطة محددة، وحظر استخدام وسائل اتصال معينة أو المنع من حيازتها أو إحرازها، ما يعني أن المادة 37 من القانون تخالف مبدأ العلانية في المحاكمات.

ولفت البيان، إلى إنه والنظر في الباب الثاني «الأحكام الإجرائية»، نجد أنه وردت عبارات مطاطة فنجد كلمة «سلطة التحقيق»، الواردة في المواد عبارة مبهمة أتت بعد النيابة العامة، ومن المقرر قانوناً أن سلطة التحقيق مخولة للنيابة العامة ولقاضي التحقيق فقط، ولذلك كان من المتعين استبدال عبارة سلطة التحقيق بقاضي التحقيق طالما وردت مع النيابة العامة، لتكون الاختصاصات مخولة حصراً للنيابة العامة وقاضي التحقيق .

وأفاد البيان، إن المادة «53» من القانون تجيز «لرئيس الجمهورية متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتبت عليه كوارث بيئية، أن يصدر قرارًا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار تحديد المنطقة المطبق عليها لمدة لا تجاوز 6 أشهر»، لافتا إلى أن المادة غير دستورية، لأنها خالفت نص المادة«154» من الدستور التي تمدد حالات فرض الطوارئ والتدابير التي يجوز اتخاذها وفقاً لقانون الطوارئ.

وبقراءة المادة «54» التي تنص على «تلتزم الدولة بإبرام وثيقة تأمين إجباري شامل مع شركات التأمين لتغطية جميع الأخطار الناجمة عن الجرائم الإرهابية التي تصيب أي فرد من أفراد القوات المسلحة أو قوات الشرطة المكلفة بمكافحة الإرهاب حال تصديها لتلك الجرائم بما في ذلك حالات الوفاة أو العجز الكامل أو الجزئي، على أن تتضمن الوثيقة التزام الشركة بسداد تعويضات مؤقتة للمتضررين فور وقوع الخطر خصما من مبلغ التأمين»، وفي جميع الأحوال تلتزم شركة التأمين بسداد مبلغ التأمين وفقا للوثيقة، وذلك دون الإخلال بحق المضرور أو ورثته أو شركة التأمين في اللجوء للقضاء.

ويتم التأمين لدى شركة أو أكثر من شركات التأمين المسجلة لدى الهيئة العامة للرقابة المالية والمرخص لها بمزاولة تلك الأنشطة التأمينية طبقا لقانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر.

وأشار البيان إلى أن هذه المادة تحوي تمييزاً بين المواطنين وفي ذلك مخالفة للمادة «53» من الدستور، والتي تنص على أن «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الإنتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر، معتبرًا أن «القانون ميز بين ضحايا الإرهاب حيث تمتد وثيقة التأمين للجنود والضباط بينما لايحصل ضحايا الإرهاب من المدنيين على تعويض مماثل».

ولرئيس مجلس الوزراء تخصيص جزء من الأموال أو المتحصلات المحكوم بمصادرتها في الجرائم الإرهابية لسداد التزامات الدولة في وثيقة التأمين الإجباري المنصوص عليه في الفقرة الأولى من هذه المادة.