عندما رأيت جنازة فاتن حمامة التي كانت جنازة أي كلام لم تعرها الدولة أي اهتمام قلت لنفسى يمكن يا بت الحكومة مالهاش في أفلام الأبيض وأسود.. عندما تكررت نفس اللكلكة في جنازة عمر الشريف قلت ربما الحكومة لم تسمع بأنه نجم عالمى والعتب على السمع.. لكن عندما يتكرر طناش الدولة عن جنازة نور الشريف فيبقى آن الأوان يا حمادة نخرج الملاية من الشنطة ونفرشها ونتساءل هي إيه الحكاية بالضبط يا حكومة؟!.. كيف لا يتم ترتيب جنازات رسمية- ولا أقول عسكرية- لرموز مثل هؤلاء؟.. أليس السيد رئيس الوزراء على طول في الشارع؟.. طب ما بجملة المشاوير واللف، كيف يتغيب عن هذه الجنازات؟.. هل يظن السيد رئيس الوزراء أو أي مسؤول في حكومته أن هذه القمم لا تقدم لمصر ما هو أهم مما يقدمه السادة الوزراء والمسؤولون؟.. إذن أجيبونى، بماذا يعرف المواطن العربى مصر؟.. بإبراهيم محلب؟
.. بوزير سابق أو حالى؟.. لا يا فندم.. أي مواطن عربى في أي دولة عربية لا يعرف مصر إلا بأم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وشادية ونادية لطفى وعادل إمام ونور الشريف ويسرا وباقى كوكبة الرموز.. أيهم أكثر شهرة عربية وعالمية، نجيب محفوظ ويوسف السباعى وبهاء طاهر أم أي وزير من وزراء المش عارف إيه؟.. السياسيون والمسؤولون مع احترامى الشديد لهم لكن شهرتهم غير عابرة للدول وغير مخلدة، بل إنهم يسقطون تماما من ذاكرة جيرانهم اللى ساكنين جنبهم بمجرد تركهم المنصب.. كيف لم يشيَع نور الشريف في جنازة رسمية منظمة تحت إشراف الدولة؟.. كيف لم تعلن أيام حداد على وفاته ووفاة فاتن حمامة وعمر الشريف؟.. ألا نعلن الحداد وننكس الأعلام لو توفى أي ملك أو رئيس لدولة عربية شقيقة؟.. طب إيه رأيكم بقى أن قممنا الفنية أهم عند المواطن المصرى البسيط من أي ملك أو رئيس لدولة أخرى!.. بل إن حزنه على فقدانهم أكبر.. كيف تنفصل الحكومة عن الشارع إلى هذا الحد؟.. هل إلى هذه الدرجة تخاف الدولة من غضب السلفيين؟
.. لماذا لم يشارك وزير الثقافة في جنازة نور الشريف؟.. كيف يكون إعلان خبر وفاة هؤلاء الرموز مثل أي خبر عادى؟.. عندما توفيت أم كلثوم وعبدالحليم تم قطع الإرسال ونعت الحكومة الفقيدين في بيانين رسميين رغم أن أم كلثوم كانت مضطهدة من نظام السادات، لكن نعيها رسميا وإعطاءها الجنازة اللائقة بها كان حقا لها وللشعب.. كذلك كانت جنازة عبدالحليم، وكذلك كانت جنازة أحمد زكى في عصر مبارك الذي عرف عنه تجاهل الفنانين، لكن رغم ذلك كانت حكومته تراعى أن هناك شكليات لا يجب التخلى عنها حفاظا على شكل مصر الحضارى أمام العالم.. فهل نحن نقوم بالثورات لنتقدم أم لنتخلف ونركب ذقن ونقاب؟.. الفنانون دائما مدعوون في تحركات الرئيس، بل إنه نزل بنفسه ليسلم على فاتن حمامة، إذن المشكلة في الحكومة وليست في الرئاسة.. إبراهيم محلب يخشى غضب السلفيين ويطبطب عليهم حتى في القيام بواجبات تضفى وجها حضاريا لمصر!!..
ألا يعلم السيد رئيس الوزراء أن الفن هو الثروة الوحيدة التي تصدرها مصر للعالم؟..
مصر لا تصدر بترولا ولا مصنوعات ولا منسوجات، مصر لا تملك إلا قوتها الناعمة ممثلة في الفنانين والمثقفين وهؤلاء هم الذين استطاعوا أن يحافظوا على مكانة مصر رغم رسوبها في بقية المجالات الأخرى، فكيف تقابلهم الحكومة بهذا الجحود؟.. يا فرحتى عندما تعزموهم هنا وهناك لكن عندما يتوفى أحدهم تكون جنازته جنازة كلشنكان!.. هل يعلم رئيس الوزراء أن كاميرات فضائيات العالم توجهت إلينا لنقل مراسم جنازة عمر الشريف ثم تشككت في الميعاد عندما فوجئت بجنازته الهزيلة؟.. لماذا تكون الجنازات الرسمية مقصورة على المسؤولين فقط؟.. كل فنان وكل مثقف وحتى كل رجل أعمال عمَر في بلده وبنى لابد أن تقام له جنازة رسمية وإلا نكون جاحدين.. عندما ألتقى بأى مسؤول أجده يتحسر على ما استحدثه الشارع بعد ثورة يناير من إهانة للرموز، وكأن الرموز في رأيه هم الحكومة فقط.. لذلك أقول لهم، عفوا أنتم لستم رموزا ولم تقدموا شيئا يخلدكم، وستمحون من الذاكرة بترككم للمنصب، فمن فضلكم أعطوا الرموز الحقيقية حقها من التقدير حتى تجدوه!