تعانى القليوبية من النقص الشديد فى أقسام وأسرة العناية المركزة بالمستشفيات المختلفة، سواء التابعة لمديرية الشئون الصحية أو الجامعة أو الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية أو التأمين الصحى أو المراكز الطبية المتخصصة، ما يدفع المرضى ذى الحالات الخطرة والطارئة إلى الوقوع فريسة للمستشفيات والمراكز الخاصة، أو الموت ألما وكمدا.
المحافظة التى يصل تعداد سكانها نحو 5 ملايين نسمة، بها 21 مستشفى حكوميا، ولا يوجد فيها سوى 192 سرير عناية مركزة، تختلف عن بعضها فى نوعية وحجم التجهيزات، مقارنة بأضعاف هذا العدد فى المستشفيات الخاصة، رغم وقوعها فى موقع جغرافى متميز وسط محافظات الدلتا، ويعالج بها عدد كبير من سكان الشرقية والمنوفية والدقهلية لقربهم منها، ما يسبب زيادة الطلب على العناية المركزة بينما المعروض لا يزيد بالنسبة نفسها.
ازداد الأمر سوءا مع توقف العمل بمستشفى بنها التعليمى، بسبب الخلاف بين الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية، ومقاول تنفيذ عملية تطوير المستشفى منذ عام 2004، ما عطل العمل داخل 10 أقسام حيوية، أهمها العناية المركزة، لتعمل بطاقة 20 سرير عناية فقط، رغم كونها من أكبر وأقدم المستشفيات بالمحافظة، بسبب أن المقاول الذى يضع يده على أكثر من 50% منها، ولا تستطيع الإدارة الاقتراب منها وكأنها دولة داخل دولة.
وكشفت تقارير أعدتها إدارة المستشفى للجهات المعنية أن المقاول قام فقط بالانتهاء من العناية المؤقتة بدون مرافق وخدمات، ما تسبب فى توقف العمل بها.
ويؤكد الدكتور عبدالعاطى الغنيمى مدير المستشفى، أنه تم إنشاء مستشفى جديد داخل فناء المستشفى القديم، لاستيعاب أعداد المرضى المتزايد، وتوفير بديل للأقسام التى تعطل العمل بها بسبب المقاول.
الحال نفسها بمستشفى الـتأمين الصحى ببنها، الذى تأخر استكمال إنشائه وتشغيل المبنى الجديد لنفس السبب وهو خلاف مع المقاول على فروق الأسعار والذى بدأ العمل به عام 2002 ولم يسلم أو يتم تشغيله حتى الآن، ما تسبب فى تشريد الآلاف من مرضى التأمين الصحى، حيث لا يوجد بالمبنى القديم سوى 4 أسرة عناية منذ 13 عاما، وضاعف الطلب على العناية بالمستشفيات الأخرى، التى لا تكفى المواطنين العاديين.
ويعد مستشفى بنها الجامعى هو الوحيد الذى يتحمل أكبر عبء طبى بعد المحاولات المضنية من قبل الإدارة بوضع خطة شاملة لتطويره، خاصة أن به نصف عدد أسرة العناية على مستوى المحافظة تقريبا.
ويقول الدكتور أحمد يوسف، مدير عام المستشفى: تمت زيادة أعداد أسرة العناية من 20 سريرا إلى 66 سريرا، وتم إجراء تطوير شامل لقسم الاستقبال وتحويله إلى مستشفى طوارئ تضم عناية مركزة جراحية لاستقبال الحوادث الخطرة ومركز لعلاج السموم.
ويوضح أنه تم إمداد المستشفى بأجهزة طبية بقيمة 23 مليون جنيه، منها أشعة عادية ومقطعية حديثة وأشعة تليفزيونية وقسطرة لعلاج حالات الأزمات القلبية والذبحة الصدرية وبنك دم مجهز على أعلى مستوى ومعمل طوارئ يعمل على مدار 24 ساعة يوميا.
فى المقابل، يصف سامى عبدالوهاب، عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة، الحصول على سرير عناية مركزة بأنه «أصبح شبه مستحيل» بمختلف مستشفيات القليوبية، ويقوم أصحاب الحالات الحرجة وذووهم بما هو أشبه «كعب داير» فى سبيل الحصول على سرير عناية دون جدوى.
وحمل عبدالوهاب من سماهم أصحاب الذمم الخربة من الأطباء ومديرى الأقسام جزءا كبيرا من مسؤولية عدم توافر أسرة العناية بصورة دائمة، بسبب أن كبار الأطباء يحجزونها لمرضاهم الذين يكشفون «مخصوص» فى عياداتهم الخاصة، وقال لـ«المصرى اليوم»: إذا ما توجه مواطن مباشرة لأى مستشفى للبحث عن سرير عناية لمريض يخصه من المستحيل أن يجده، مقارنة بذهابه للطبيب الفلانى الكبير الذى يحيله لنفس المستشفى الذى لم يجد فيه سريرا المرة الأولى ليجد كل شىء جاهزا ومهيئا، معتبرا ذلك نوعا من ابتزاز المرضى وانعداما للمهنية والضمير.
ويرى سيد الجمال، مقاول، من أهالى بنها، أنه يعرف أكثر من حالة توفيت بسبب عدم توافر سرير رعاية مركزة وإسعافها بسرعة، ما يدل على أن منظومة العناية المركزة فى المستشفيات تحتاج إلى تدخل جراحى وإعادة هيكلة، حفاظا على أرواح المرضى.
من جانبه، يقول الدكتور محمد سليمان لاشين، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، إن القليوبية بها 11 مستشفى مركزيا و6 مستشفيات نوعية، من بينها 7 مستشفيات بها عناية مركزة بإجمالى 68 سريرا، منها 8 فى كل من كفر شكر وطوخ و4 بكل من شبين القناطر وبهتيم، و28 بناصر العام، بشبرا الخيمة، و5 بالقناطر الخيرية و11 بالخانكة، مشيرا إلى أن من بين العدد تم مؤخرا إحلال وتجديد وإضافة 35 سريرا بتكلفة 35 ألف جنيه للواحد، وأن الأزمة ليست أزمة أعداد وإنما أزمة ضمير.
أضاف لاشين أنه بالإضافة لهذا العدد من الأسرة التى تتبع مستشفيات الصحة يوجد 66 سريرا ببنها الجامعى، و20 سريرا ببنها العام، و28 بالنيل للتأمين الصحى، و10 بالمؤسسة العلاجية بقليوب، بخلاف زيادة 33 سريرا عقب الانتهاء من تطوير مستشفيات «أبوالمنجا وقليوب وقها والقناطر» قريبا.