خبراء عن إعلان «داعش» إعدام الرهينة الكرواتي: تشويش بلا خسائر فادحة (تقرير)

كتب: صفاء سرور الخميس 13-08-2015 21:24

أعلن تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في سيناء «داعش»، الأربعاء، إعدام الرهينة الكرواتي توميسلاف سالوبك، بعد انتهاء المهلة التي حددها التنظيم للحكومة المصرية للإفراج عن سجينات تابعات لتنظيمات متشددة ومبادلتهن بالرجل الذي يعمل في شركة الخدمات النفطية الفرنسية «سي جي جي»، والذي قال في تسجيل سابق إن عناصر التنظيم اختطفته في 22 يوليو الماضي.

وأعلن «داعش» تنفيذ الإعدام، لتختلف ردود الفعل المصرية والكرواتية بين إعلان عدم التأكد من صحة النبأ، وبين تسليم البعض بوقوع الأمر، وسط تساؤلات عن هدف التنظيم من الحادث الذي لو ثبتت صحته لأصبح أول استهداف لمواطن أجنبي في مصر، وعن التداعيات التي قد تنجم عن هذا التحرك الجديد للتنظيم المتشدد.

كرواتيا.. بين صدمة وعدم تأكد

عقب إعلان التنظيم المتشدد عن عملية الإعدام اختلف موقف كرواتيا، ما بين إعلان رسمي على لسان رئيس وزرائها، زوران ميلانوفيتش، قال فيه إن بلاده «لم تتأكد» من مصداقية مقتل مواطنها الرهينة بيد تنظيم «داعش»، وإن اعتبر ما شاهدوه «شيء مخيف»، فيما كان هناك رد فعل مواز على مواقع التواصل الاجتماعية التي حفلت برسائل التعازي والتنديد، من أعضاء في البرلمان الأوروبي ومسؤولين حكوميين سابقين، منتمين لحزب «ات دي زي» المحافظ والمعارض في البلاد.

مصر.. «الخارجية» تتواصل للتأكد

وتمثلت تحركات وزارة الخارجية المصرية عقب الحادث، في إجراء الوزير سامح شكري، اتصالا هاتفيا عقب الإعلان عن تنفيذ الإعدام، بنظيرته الكرواتية يسنا بوسيتش، لتأكيد أن أجهزة الأمن المعنية لم ترد لها معلومات مؤكدة إلى الآن حول المتداول بشأن مقتل مواطنها، وأن إجراءات البحث عن المختطفين لاتزال جارية.

واتفق مع الوزير «شكري» في وجهة النظر التي تبناها السفير أحمد القويسني، المساعد الأسبق لوزير الخارجية، الذي قال لـ«بوابة المصري اليوم» إنه على الرغم من الإعلان إلا أن الأمر يحتاج تمحيصا شديدا، فلا أحد يستطيع الجزم بأن من فعلها بالفعل هو ما يسمى «داعش مصر» أو من خارجها، خاصة أن التنظيم وإن أذاع فيلما وبيانا يدعي فيه الأمر، إلا أنه «لا يوجد ما يؤكد أن ما تقوله داعش في أفلامها أو بياناتها كلام حقيقي بالفعل».
محاولة لإحراج مصر بحدث «عادي».

وقلل خبراء سياسيون ودبلوماسيون من التداعيات السلبية المحتملة لتغيير التنظيم المتشدد لأهدافه، باختيار رهينة أجنبي، وإن اعتبروها إحدى محاولات التنظيم لإحراج النظام المصري.

يقول الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هذا العمل الإرهابي «يحرج الدولة المصرية ويظهرها غير قادرة، بدرجة أو أخرى على حماية الرعايا الأجانب الموجودين على أرضها»، وهو ما يتفق فيه معه «القويسني» بقوله إن «داعش سيفعل كل ما يستطيعه وما يمكنه أن يفعله للنيل من مصر، إعلاميا وأمنيا وقضائيًا».

ويستدرك «يوسف» بقوله «لكن أعتقد أن العالم مٌقدر لحقيقة أن الإرهاب صار ظاهرة عالمية تطول جميع الدول بلا استثناء، ولا أدل على ذلك من أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية وهجوم (شارلي إيبدو) في فرنسا، أما عن اللجوء لإعدام أجنبي فهذا حدث عادي وطبيعي جدا بالنسبة لمنهج (داعش) وأساليبه، ولا يختلف عن سلوكه، وهو ما يدعونا لئلا نصف ما حدث مؤخرًا بأنه نقطة فارقة للتنظيم في مصر».

وسبق «يوسف» في قوله إن إعدام الرهينة ليس «نقطة فارقة للتنظيم المتشدد، الوزير سامح شكري، الذي قال في تصريحات لقناة «العربية» إنه لا يعتبر الحادث «نقلة نوعية» في العمليات الإرهابية، بل استمرارًا للأعمال التي نالت من 21 مصري في ليبيا سابقًا، ولما يحدث في سوريا والعراق ونيجيريا.

الاستثمارات الأجنبية باقية

اقتصاديًا، قلل الدكتور رضا العدل، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، من احتمالية وقوع تأثير سلبي على الاقتصاد وحركة الاستثمارات الأجنبية في مصر، جراء إعلان إعدام التنظيم المتطرف لـ«مهندس في شركة أجنبية».

ووصف «العدل»، لـ«بوابة المصري اليوم»، الحادث بأنه «عملية تشوش، لكن لا تمنع المستثمرين من الاستمرار»، مستندًا في رؤيته إلى أن المستثمرين «يأتون إلى مصر وهم على دراية بما يحدث، وبالمخاطر الموجودة، كما أنهم يعلمون بوجود هذا الأمر في دول كثيرة، منها الأوروبية، وإن دفعهم للتفكير في التدابير الأمنية الوقائية».

داعش تذبح الرهينة الكرواتي

واستبعد أستاذ الاقتصاد أن تصبح المؤسسات الأجنبية الهدف المقبل للتنظيم، قائلاً «لن يستطيع (داعش) شن حملة لاستهداف جهات أجنبية، لأنه سينكشف ويصبح طرفا ضعيفا في المواجهة، فأقصى ما يفعله هو ما كان بخطف أجنبي أعزل».

امتصاص الغضب واستغلال الحادث

وجود طرف جديد في الأزمة الحالية مع التنظيم، الذي اعتاد في السابق استهداف مصريين فقط دون الأجانب على أرض مصر، يدفع للنظر إلى ما قد يصدر عنه من رد فعل غاضب تجاه نظام مسؤول عن أمن وسلامة الأجانب الموجودين على أرضه، وللتفكير في كيفية امتصاص هذا الغضب.

وفي أعقاب إعلان «داعش»، أكد الوزير سامح شكري لنظيرته الكرواتية، أن السلطات المصرية تبذل قصارى جهدها لضبط الجناة، واتفق كليهما على استمرار التواصل والمتابعه خلال الساعات والأيام المقبلة، بحسب بيان للوزارة، فيما طالب «يوسف»، أستاذ العلوم السياسية، بأن يكرر النظام المصري «نجاحه» في إدارة أزمة تفجير المركز الثقافي الإيطالي، التي ابتعدت بعلاقات البلدين مصر وإيطاليا عن أي أثر سلبي.

خطاب مواساة وتعاون كامل

واقترح السفير «القويسني» أن يتبنى النظام المصري، ممثلاً في الجهات الدبلوماسية، خطابًا مواسيًا وبه استعداد للتعاون بما فيه الأمني، وتأكيد أن المعركة الدائرة «إنسانية ضد التطرف والإرهاب»، واستغلال الحادث لدحض وجهة النظر الغربية «بالأخص الأمريكية» التي تقول بمحاربة الإرهاب «داعش» في سوريا والعراق فقط لأنها «خاطئة»، كما طالب بأن يطلب سفراء مصر من الدول المعتمدين لديها الدعم المعلوماتي عن مواطنيهم الذين ينضمون لصفوف داعش وعن التنظيم نفسه، وأن يكون الدعم على كل مستوى «عملياتي واستخباراتي»، وعن التحويلات للتنظيم في البنوك، والشبكات المتعاونة معه في تهريب الآثار والنفط والبشر.