عندما أعلن داعش عن وجوده باحتلال الموصل فى 10 يونيو 2014 وطرد المسيحيين منها، نشرت فى هذا العمود مقالاً بعنوان «10 يونيو بألف 5 يونيو»، «راجع أرشيف الجريدة على موقعها الإلكترونى»، وجاء فى هذا المقال أن هزيمة 5 يونيو كانت عسكرية، ولكن هزيمة 10 يونيو «بداية هزيمة حضارية شاملة، تعنى عودة العالم العربى إلى عصور الهمجية الأولى قبل كل الحضارات، بل قبل اكتشاف الإنسان للنار والزراعة، وليس فقط إلى عصور وسطى جديدة تستخدم الأديان فى الصراع السياسى، وجوهره الصراع على الأسواق».
وقد أثبتت السنة الأولى من وجود داعش أنه حقاً بألف 5 يونيو، بعد الذبح العلنى للبشر، وحرقهم وهم أحياء أو إغراقهم فى الماء بالصوت والصورة، وتدمير الآثار القديمة والمكتبات، ولكن الأخطر من هذه الممارسات الهمجية أن داعش تحول إلى لغز من دون حل، فلا أحد يعرف من يمول هذا التنظيم، رغم أننا فى عصر المعلومات، ولا أحد يعرف من أين تأتيه القوة، وكيف يعجز «التحالف الدولى» الذى يحاربه، بقيادة الولايات المتحدة التى تملك أكبر قوة ضاربة فى التاريخ، عن هزيمته فى أيام إن لم يكن فى ساعات، وقد وصل داعش إلى مدينة 6 أكتوبر الأسبوع الماضى عندما خطف مهندساً أوكرانياً، وأصبح يتحدث عن «ولاية سيناء»، فماذا ينتظر الجيش المصرى لتطهير سيناء.
أمس الأول نشرت «أخبار الأدب» الأسبوعية نصاً فى نحو عشرين صفحة للشاعرة والكاتبة الكبيرة، غادة نبيل، عما يحدث فى الإسكندرية من تدمير للتراث المعمارى، وإذا اتفقنا على أن داعش هزيمة حضارية، فهذا النص يعنى أن داعش وصل إلى الإسكندرية من دون أدنى مبالغة، فالداعشى ليس فقط من يحمل السلاح، وإنما كل من يدمر الآثار الحضارية وكل من يحرق الكتب، وإذا كان من الممكن العثور فى مكان آخر على هذا الكتاب أو ذاك من الكتب التى تحرق، فهدم الأثر المعمارى يعنى ضياعه إلى الأبد.
عنوان نص غادة نبيل «اغتصاب العروس تحت معمار القتلة» فى إشارة إلى ما عرف عن الإسكندرية بأنها «عروس البحر المتوسط»، وكما أنقذ الرئيس السيسى مصر الأم، عليه أن ينقذ ابنتها العروس من الاغتصاب، واليوم قبل الغد، ففى كل ساعة تمر يهدم أثر من المستحيل تعويضه، وماذا ينتظر الجيش المصرى لإنقاذ الإسكندرية.