رافال

أسامة غريب الأحد 09-08-2015 21:31

نشرت الصحف خبراً طريفاً عن أب وأم قاما بتسمية مولودتهما التى ولدت الأسبوع الماضى «رافال».. وقد فعلا ذلك كما ذكرت الصحف تيمناً بالمقاتلة الفرنسية التى انضمت حديثاً لقواتنا الجوية.

أعاد الخبر الطريف إلى ذاكرتى تسميات مشابهة اعتدنا أن نقرأ بشأنها فى الصحف طوال نصف القرن الماضى. عند قيام الوحدة بين مصر وسوريا شاع تسمية المواليد التوائم: ناصر وشكرى، على اسم جمال عبدالناصر وشكرى القوتلى، تعبيراً عن فرحة الشعبين العارمة بالوحدة التى سرعان ما تم وأدها. بعد ذلك بسنوات تم إعلان قيام الوحدة الثلاثية فى ديسمبر 1969 بين مصر وليبيا والسودان، وحملت صحف تلك الأيام خبر المرأة الريفية التى أنجبت ثلاثة توائم ذكور أسمتهم ناصر والقذافى والنميرى. بعد ذلك خرج علينا القوم بإنشاء قيادة سياسية موحدة بين مصر وسوريا فى 21 ديسمبر 1976، وسرعان ما لحقت بهما السودان وانضمت إلى القيادة السياسية الموحدة.. وطبعاً أنجبت امرأة ريفية أخرى سعيدة بالوحدة ثلاثة توائم أسمتهم السادات والنميرى والأسد طبقاً لصحف الأخبار والأهرام والجمهورية. وفى 25 مايو عام 1981 تم إعلان قيام مجلس التعاون لدول الخليج بعضوية السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان.. وسرعان ما رد عليه عرب أفريقيا بقيام اتحاد المغرب العربى فى 17 فبراير 1989 بين ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.

وهنا قامت الدول التى سقطت من قفة المجلس الخليجى، وكذلك الاتحاد المغاربى، وهى مصر والعراق واليمن والأردن بإعلان قيام مجلس التعاون العربى، وبعده ارتفعت الرايات فى قلب القاهرة وعمان وصنعاء ترحب بالقائد البطل صدام حسين أسد البوابة الشرقية!. وطبعاً لا تخلف المرأة المصرية وعدها كالعادة فتنجب سيدة من الصعيد هذه المرة أربعة توائم هم: مبارك وصدام وصالح وحسين!

كثيرا ما فكرت فى المواليد الذين تم تسميتهم بأسماء الزعماء العرب، وكيف أصبح حالهم فى ظل التقلبات السياسية العربية، ولقد شغلنى كثيراً العيال الذين حملوا اسم القذافى، خاصة بعد أن ساءت العلاقة به فى عهد السادات وبعده مبارك..ماذا كان موقف ذلك الولد الذى كبر وصار رجلاً وهو يرى كاريكاتير القذافى الذى رسمه مصطفى حسين جالساً على القصرية رغبة فى إهانته واستصغاراً لشأنه؟ وكيف كان شعوره وهو يرى القذافى بعد ذلك بسنوات وهو يتلقى الشلاليت والصفعات من أبناء شعبه قبل أن يقتلوه بالرصاص؟ وكيف أصبح حال الولد صدام الذى انتقل من حامى البوابة الشرقية إلى المجرم القاتل الذى احتل بلداً عربياً وانتهى به الحال مشنوقاً بيد الأمريكان؟ وماذا عن الشاب الذى يحمل اسم النميرى..ماذا يقول للسودانيين الذين خلعوا رئيسهم الفاسد فقضى حياته لاجئاً حتى مات؟

أتمنى للطفلة «رافال» حياة سعيدة ومستقبلاً مشرقاً بصرف النظر عن موقفنا فى المستقبل من الدولة الصانعة للطائرة، كما أرجو ألا يغار مواطن آخر من المروحيات التى تدك حصون الإرهابيين فى سيناء فيسمى ابنته «أباتشى» لأن هذه التسميات قد تصلح خبراً طريفاً فى الصحافة، لكنها لا تجلب لصاحبها القرب الذى يبغيه من السلطة، فضلاً عن أن المستقبل قد يتجاوزها فيجد المواطن نفسه مضطراً لإنجاب سوخوى وتوبوليف.. ومن يعلم؟