المشروع القومى للبرلمان

محمد كمال الأحد 09-08-2015 21:29

احتفل المصريون بافتتاح مشروع قناة السويس، وبدأ الحديث عن مشروعات قومية جديدة لإقامة طرق ومدن واستصلاح أراض وغيرها، أتمنى أن يضاف إليها مشروع قومى لانتخابات البرلمان القادم.

لماذا أطلق عليه مشروع قومى؟ لأنه يهم عددا كبيرا من قوم مصر، وسيؤثر على حياة غالبتهم بدوره التشريعى والرقابى، بل ويرتبط به نجاح المشروعات القومية الأخرى. هذه الانتخابات هى أيضا محل اهتمام العالم، وخاصة الدول التى لم يرق لها تطور الأحداث منذ 30 يونيو 2013، وسوف تسعى لتضخيم أصغر خطأ للطعن فى شرعية العملية الانتخابية كلها.

نحتاج أن نأخذ بعض دروس إدارة المشروع القومى لقناة السويس فى التعامل مع إدارة الانتخابات القادمة، وبحيث تكون محل ترحيب غالبية الشعب المصرى، وتقدير دول العالم عندما تعلن نتائجها قبل نهاية هذا العام.

كيف نتعامل إذن مع انتخابات البرلمان كمشروع قومى؟

أولا: لابد من الاهتمام الرئاسى بهذا المشروع ودون ذلك لن يحظى بالأهمية المطلوبة، ويمكن للسيد الرئيس الاستعانة بأهل الرؤية والخبرة السياسية فى التعامل معه، كذلك للرئيس دور هام فى التمهيد للانتخابات بتوجيه رسالة لتوحيد المصريين، ووضع حد للاستقطاب والاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية، والتأكيد أن مصر للجميع، والبرلمان يتسع لكل محب لها، لم يدنه القضاء، ويؤمن بالعمل السياسى السلمى بغض النظر عن انتمائه لنظام سابق أو لاحق. ليس الهدف هنا المصالحة مع فئات معينة، ولكن التصالح مع التاريخ والتطلع للمستقبل.

ثانيا: لا بد أن تخرج أيضا رسالة بأن مؤسسات الدولة ستلتزم الحياد قولا وفعلا فى الانتخابات القادمة، والتوقف عن الزج باسم الرئيس فى الترويج لحزب معين أو قائمة محددة، ليس فقط لأن ذلك إخلال بقواعد العدالة والنزاهة فى هذه المرحلة الجديدة، ولكن أيضا لأنه سيحمل الرئيس أخطاء الآخرين وعثراتهم.

ثالثا: حياد مؤسسات الدولة لا يمنع تكوين ظهير سياسى للدولة فى البرلمان القادم، وهناك تيار فى الشارع مؤيد لها. ومازال هناك وقت- على الأقل- لإعداد قوائم تحظى بتأييد هذا التيار، ولكن يجب أن يترك هذا الأمر لكوادر سياسية وبعيدا عن إشراف الأجهزة الرسمية، وأن تضمن هذه القوائم تمثيل رجال دولة وأصحاب خبرات فنية يكون دورهم إدارة المطبخ البرلمانى من خلال اللجان المتخصصة، وليس تمثيل نجوم الفضائيات ومحاصصة لرؤساء أحزاب ليس لهم فائدة برلمانية أو انتخابية.

رابعا: من الصعب التنبؤ بنتائج الانتخابات القادمة، وتوقعى أن تشهد نسب مشاركة عالية مع تفتيت للأصوات فى الجولة الأولى، وستذهب معظم المقاعد لجولة إعادة، ستشهد تصويتا أقل وتنافسا بين القوى التقليدية أو بينها والتيار السلفى. وأيا كانت النتيجة النهائية، فيجب ألا تنزعج منها أجهزة الدولة، أو تسعى للتدخل لتغييرها كما حدث فى تجارب سابقة، لأن ذلك سيكون الخطأ الأكبر.

نزاهة الانتخابات وليس نتيجتها يجب أن تكون الأولوية، وقناعتى أن الرئيس قادر على التعامل مع أى تشكيلة برلمانية بما يملكه من سلطات دستورية ونفوذ معنوى، والحكومة قادرة على كسب تأييد أى نواب لاحتياجهم لخدماتها فى دوائرهم.

علينا أن نتعلم من أخطاء الماضى، وأن نتعامل مع انتخابات البرلمان القادم كمشروع قومى يتطلب عظيم الاهتمام، وكفاءة الأداء، ونزاهة الإدارة.

makamal@feps.edu.eg