فعلاً.. لم تكن «ثورة» ولكن «انقلاباً»..!

عبدالعظيم درويش الجمعة 07-08-2015 21:02

فى تلك اللحظة التى عبر فيها الرئيس «السيسى» على ظهر اليخت «المحروسة» قناة السويس الجديدة إيذانا بافتتاحها أول أمس، تأكد العالم أجمع من أن ما جرى يوم 30 يونيو قبل عامين لم يكن «ثورة»– كما يحلو للبعض تسميته– بل كان «انقلابا» بكل ما تحمله الكلمة من معان..!

نعم كان «انقلابا» قاده ملايين المواطنين، واستسلم له الفريق أول عبدالفتاح السيسى الذى كان يشغل وقتها منصب وزير الدفاع، وخضع لإرادة الملايين وتقدم ليقود شعب «أراد الحياة» بشكل مغاير عما كان قد اعتاده على مدى عشرات السنين وأثبت بالفعل قدرته على مواجهة ما يسميه البعض «المستحيل».

«انقلاب» على أوضاع خضع لها الملايين وفرضتها عليهم «نظم سياسية» متعاقبة منذ السبعينيات حتى قبل عامين، وارتضاها الشعب بل وأدمنها طوال هذه السنوات.

انقلاب قاده 90 مليون مواطن على أنفسهم وعلى حالة الإهمال والتسيب والتواكل وفقدان الثقة فى أنفسهم.. وأفاق المصريون من حالة «غياب الوعى» ولم تعد تعبيرات «القدرة.. والقوة.. والريادة» قادرة على إعاشة المواطنين فى «الوهم».. ولم يعد تعبير «نحن أحفاد الفراعنة» حائط مبكى على تاريخ وحضارة - كدنا أن ندفنها بأنفسنا- بعد أن تهدم بل وجرفته إحدى كراكات حفر القناة الجديدة.

كنا فى السابق نشتعل حماسا ثم تأكلنا نيرانه ونتحول إلى مجرد رماد يتطاير هنا وهناك وتبدو آثاره ــ إن كانت له آثارــ باهتة‏..‏ شاحبة‏..!!

اعتدنا أن نثور‏ لنُصلح...‏ لنتحمس لمواجهة أخطائنا..‏ ننفعل على أنفسنا عندما نخطئ ثم تخمد ثورتنا ويفتر حماسنا ويهدأ انفعالنا وكأن شيئا لم يحدث‏.. وربما انتظارا لحدث قادم!!

لم نعتد العمل بكل جد وإخلاص.. سيطرت علينا «ثقافة التظاهر بالعمل» وكان كل همنا أن تحمل «الدفاتر» توقيعاتنا بالحضور والانصراف فى مواعيد العمل الرسمية.. ولم يلفت نظرنا تكدس الشوارع بالملايين فى الحادية عشرة صباحا أو الثانية عشرة ظهرا من كل يوم وهى المواعيد المفترض أن نكون خلالها فى ذروة العمل..!!

لم يكن لنا نحن المواطنين موقع من الإعراب فى جملة العمل العام بل كنا فى أفضل الأحوال مجرد «مفعول به» ولم نكن فى يوم من الأيام «فاعل»...‏ عشقنا بل أدمنا أن تُعاملنا الحكومات السابقة وخاصة تلك التى تشكلت فى الثلاثين عاما الماضية على إننا مجرد «غطيان كازوزة» - كتلك التى كان يرشقها «عبيط» الموالد على جلبابه لينظم المرور– ولم يكن لنا أى لزوم من وجهة نظر هذه الحكومات فقد كنا جميعا بالنسبة لها «أبيض يا ورد»..!‏

كنا مجرد ملايين من الأنفار وليس بيننا من يستطيع أن يخطط أو يبدع‏.. من يستطيع أن يبتكر أو يفكر‏.. أن ينجز أو أن يؤدى أى عمل ابتداء من جمع القمامة وانتهاء بالتخطيط لتطوير الصناعة ومرورا بإنشاء المطارات وإدارتها!!‏

النتيجة السابقة ليست من بين قناعاتى الشخصية ولكنها صورتنا التى كانت فى أعين أعضاء الحكومة إلى أن جاءت اللحظة وخرج الملايين إلى الميادين بعد أن استعادوا ثقتهم فى أنفسهم وأطاحوا بنظامين للحكم فى عامين.. وظهر «القائد» وأنعش إرادة المصريين الفولاذية وأعلن التحدى «فنحن نستطيع».. واستطعنا بالفعل.. وتدفقت المياه إلى قناة السويس الجديدة بعد عام من إعلان التحدى بالتمام والكمال ليشهد العالم ويتأكد أن ما جرى بالفعل يوم 30 يونيو قبل عامين لم يكن ثورة بل كان «انقلابا» على أحوالنا السلبية..!!

darwishabdelazim@gmail.com