أنواع الشجاعة

نيوتن الأربعاء 05-08-2015 21:43

هناك الشجاعة التى تُمارَس فى الحروب. هذه شجاعة مؤقتة. تفرضها عليك العسكرية. ليست اختياراً فى أغلب الأحيان. أما الشجاعة الأدبية فهى من نوع آخر. تتطلب مواصفات أخرى. أسمى وأكثر دقة. ممارستها تتطلب الكثير. الأمانة. التجاوز عن الغرور. التغاضى عن حسبك ونسبك. تجاهل حساباتك فى البنوك. تضع مظهرك العام أمام الأفراد فى المرتبة الثانية. تسمح لك بالاعتراف بالخطأ. أمام شخص أو عدة أشخاص.

■ ■ ■

أذكر أن الرئيس عبدالناصر وعد الشعب بأن يخفض سعر سلعة ما- لا أذكرها تحديداً- فى خطابه الثانى أمام الشعب. خاطبهم. قال: «لم أستطع تنفيذ ما وعدتكم به. حاولت ولم أنجح». وبخفة ظله المعهودة قال: «اشنقونى بقى». الشجاعة الأدبية تدفعك إلى الاعتذار حينما تخطئ. فى حق شخص أو أكثر من شخص. إذا جانبك التوفيق فى تقدير أمر ما.

■ ■ ■

مهما كانت مآخذنا على عبدالناصر. لن ننكرعليه شجاعته الأدبية. حتى فى خطاب التنحى. اعترف فيه بمسؤوليته عما حدث. لم يتوارَ وراء أحد. الشجاعة الأدبية تقتضى قوة ذاتية. قوة معنوية وروحية ليقف شخص. ليعترف أنه أخطأ فى حكمه على شخص آخر. فى أمر ما. فى قرارٍ مهما كان حجمه. متى نرى قائداً. أو كاتباً. أو إنساناً ذا أهمية. لا تأخذه العزة بالإثم. لا يستكبر على نفسه أن يخطئ. لا يتمادى فى تبرير انحرافه عن الحق. يقف شامخاً واثقاً من نفسه. ليقول نعم. أخطأت. وأعتذر. فيتغير رسم التاريخ. أو على الأقل تبدأ قدرات بعض الأشخاص فى التطور. فنبدأ بتصويب بعض الأخطاء. لننتهى يوماً ما بتصويب كل الخطأ.