من يفكك تحالف ثلاثين يونيو وبإصرار غريب؟ ليس مهما هنا الدبة التى تقتل صاحبها كلما فتحت فاها، المهم من الذى يسعى.. من الذى يريد.. من الذى يأمر؟ الدبة مجرد دبة تماما مثل الدببة التى وضعوها فى ميدان التحرير للإعلان عن فرحة المصريين بالقناة فأثارت استياء المصريين منها وممن وضعها لأنها لا تعبر حقا عن الفرحة فالفرحة فى الصدور والفجاجة فى التعبير عنها لا تثير سوى الاستياء.. إذن المشكلة ليست فى الدبة ولكن فيمن وضعها، وكذلك الدببة التى تطل علينا من الشاشات لتقتل صاحبها أو تكتب لتجهز عليه تماما متصورة أنها تعمل لصالحه بينما هى فى الحقيقة تفكك التحالف الذى استند إليه فى تأسيس دولته، وهو تحالف ثلاثين يونيو الذى حاول أن يضم الجميع ليقول إنه يستند للجميع ويتسع للجميع ويحتوى الجميع، وها هى الدببة تنسلخ من هذا التحالف شريحة وراء أخرى على طريقة «دى بتاعتى أنا».. المشكلة هنا أن هذا الذى يحدث لا تقرره الدببة وحدها فالدببة لا تفكر ولا تقرر، هناك من يوحى لها أو حتى يوجهها فمن هو؟
هل هو النظام الجديد؟ أم أنه مؤسسات فى هذا النظام مازالت تعمل تماما كما كانت تعمل فى النظام القديم، نظام مبارك، ومازالت تسعى لاسترداد مكانتها فيه تماما كما كانت؟ أم هى جهات ومراكز صنع قرار أو أبواق إعلامية تصفى حساباتها مع من اغتال مصالحها ووقف مع ثورة يناير؟ هل هى مجرد مؤسسات أم هى دولة مبارك تضرب كل شىء فى طريق استردادها وضعها ما قبل خمسة وعشرين يناير وتنتقم ممن استلب مكانتها ولا ترى فى سبيلها إلى ذلك إلا أنه تقضى على التحالف الذى تستند له الجمهورية الجديدة، التى هى فى نفس الوقت تريد أن توحى أنها تتحدث بالنيابة عنها وأنها هى التى تمثلها.
المشكلة هنا مرة أخرى ليست فى الدببة لكن فيمن يقف وراءها، والأهم ممن يقف وراءها من توحى بأنها تتحدث باسمه، فلماذا لا يعلن موقفه منها رغم أنها تسحب كل يوم من شرعيته جزءا ليس بالهين؟ ببساطة الدولة لا تتنصل علنا لكنها إن سئلت أنكرت.. المهم هنا ليس الحقيقة فيما يراد له أن يروج حول علاقة هذه الدببة بالنظام الوليد وتعبيرها عنه المهم هو القناعة التى تترسخ لدى الناس حول من يحرك هذه الدببة ولماذا يحركها ولمصلحة من.. الناس لا تملك المعلومة ولا تعرف أبعد مما تراه ويراد لها أن تراه، والدببة تتصور أنها تملك القوة لأنها تستند للنظام وتعبر عنه سواء كان هذا بإرادته أو بإرادة آخرين يحمون مصالحهم هم أكثر مما يحمون مصلحة هذا النظام أو مصلحة الدولة نفسها.
فى مثل هذه المرحلة التى نمر بها تكثر الدببة، بعضها يسعى لمصالحه هو وبعضها يعبر عن مصالح آخرين ويكتسب هو فى نفس الوقت مكانة، وبعضها يعبر عن نظام خلع ويريد العودة دون رأسه، وبعضها يسعى للانتقام ممن قضى على مصالحه الضيقة، وبعضها يريد أن يلحق بمركب من يحكم لينوبه من الحب جانب، وبعضها اعتاد أن يقفز من مركب المعارضة لمركب السلطة رايح جاى بحثا عن مكانة ومكسب وإطلالة مستمرة.. الدببة أنواع لكن كثيرا منها يقتل صاحبها فلماذا يتركها صاحبها تفعل به هذا؟ والسؤال الأهم هو هل هو صاحبها أم أنها تريد أن توحى بذلك لتستفيد.. نحن لا نفتش فى النوايا لكننا نحكم بما هو متاح أو بما يُصدّر لنا، والذى يُصدّر لنا يقول إنها تقتل صاحبها قتلا بطيئا.