لحظات العمر النادرة

درية شرف الدين الثلاثاء 04-08-2015 21:25

غداً بإذن الله تكتمل الفرحة، ولأننا مصريون فإن من عاداتنا إن ضحكنا واسترسلنا فى الضحك أن نتوقف لنقول: اللهم اجعله خيرا، وكأن السعادة فى الأصل بعيدة، والبهجة شحيحة، والضحك والسرور هما الاستثناء. كثيرا ما كنت أتوقف عند هذا التقليد المصرى الصميم أرفضه أحيانا، وأمارسه فى بعض الأحيان، لذا، ولأن غداً إن شاء الله يوم فرحة حقيقية ونصر مبهر وإنجاز مصرى صميم وعظيم، فإن من حقنا أن نوقف هذا التقليد، وأن نفرح دون أن نتوجس، وأن نسعد ونزهو بافتتاح قناة السويس الجديدة دون أن نتشكك أو نخاف من الفرحة، ومن اختار شعار (مصر بتفرح) فقد أوجز، وأصاب، وعبّر عن حالة تنتابنا جميعا، وتزيل عنا غمّ أوقات عجاف مضت، أو بمعنى أصحّ غم سنة سوداء ما زلنا نعانى من تبعاتها، وأعنى بالطبع سنة حكم الإخوان الذين علينا أن نفخر أيضا أننا- وبحمد الله وتوفيقه- استطعنا أن نقتل حلمهم الذى بنوه بالخداع فى أربعة وثمانين عاما، وانهار على رؤوسهم فى مصر، ومصر فقط، فى السنة الخامسة والثمانين بفضل شعب وجيش عظيم، وأردد دائما، وبمعجزة إلهية لا يقدر عليها إلا الله- عز وجل- أعقبت معجزة انتصار أكتوبر 1973.

ومن يجد الآن مجالاً للشكوى- وهى عديدة لضعف خدمة أو تأجيل موضوع أو لنقص سلعة- فعليه، وهو يعدد مشاكل هذا البلد، أن يعى أن هذا البلد نفسه ما زال موجوداً وآمناً ورائعا ومنجزا لمشروعات عظيمة، وأنه رغم كل المعوقات وكل التحديات، فإنه ما زال لنا وطنا نحتمى به، ونعيش على أرضه غير مهددين أو لاجئين أو باحثين عن حدود مجاورة أو منتظرين معونات تسمى إنسانية من فتات العالم ومن بلاد قريبة وبعيدة تآمرت علينا، وما زالت، وطن انتصر وحده ــ دون باقى المنطقة ــ على نوايا تقسيمه فصار أكثر تماسكا وعلى محاولات إفقاره وإذلاله، فصار أكثر قوة، وسيصير أكثر رفعة بإذن الله.

ولا شك أن هناك لحظات نادرة فى العمر يشعر فيها المرء بقوة، بمعنى الوطن والتاريخ، بمعنى الامتداد وتعاقب الأجيال، بطعم الانتصارات والإنجازات الكبرى، وغداً واحدة من تلك اللحظات النادرة، مائة وستة وأربعون عاماً ما بين افتتاح القناة القديمة للملاحة الدولية وبين تدشين امتدادها الجديد، ما بين الخديو إسماعيل العظيم الذى ظلمه التاريخ، وآن أوان إنصافه، وبين الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى آمن بمصر والمصريين، وأزاح اليأس قبل الرمل عن طريق مصر المستقبل.

وتحية واجبة لشهدائنا الأبرار من رجال الجيش والشرطة والمواطنين الذين افتدوا مصر بأرواحهم، تحية امتنان واعتراف بالفضل لهم ولأسرهم، للآباء والأمهات، للزوجات والأبناء والبنات، وكل التبجيل والإكبار لكل المصريين العظماء الذين صنعوا فرحة هذا اليوم.