التوبة التوبة التوبة.. نصبر على غدارين..!

عاصم حنفي الثلاثاء 04-08-2015 21:26

زغرودة حلوة رنت فى البيت المصرى.. ألفين مبروك علينا كلنا.. نسأل الله أن تجمع قناة السويس الجديدة ما بين قلوب المصريين من جميع التيارات السياسية.. فالمشروعات الحضارية تجمع الأمة على هدف واحد.. وإحساس الناس أن بكرة أحسن من النهارده.. والغد يحمل البشارة والأمارة.. هو إحساس جميل يجعلك تقترب أكثر من صديقك وجارك فى الوطن.. وهو أفضل ما فعله السيسى حتى الآن.. إنه اختار هدفاً نبيلاً نسعى من أجله ونجتهد فى سبيله ونفضله على أحلامنا الصغيرة والمتواضعة.. وهو الهدف القادر على حشد الأمة من حوله.. رغم الأزمة الاقتصادية ورغم الفقر والبطالة.. وهو القادر على محاربة التطرف والجماعات التى تشدنا للوراء.. وبدون المشروع القومى يعشش الركود السياسى.. وتفقد النخبة القدرة على التجديد والابتكار.. وينصرف المواطن عن كل شىء.. ويسعى الفرد لتحقيق أحلامه المتواضعة.. ويصبح الهدف من الحياة هو الهجرة للخليج.. أو الحصول على تأشيرة للولايات المتحدة.. أو الحج بالتقسيط المريح.. أو شراء شقة من شقق الإسكان الشعبى الحكومى بنصف مليون جنيه..!!

زمان.. أدرك عبدالناصر خطورة وأهمية المشروعات القومية.. تجمعت الأمة العربية كلها من المحيط للخليج حول حلم الوحدة العربية.. وتجمعت مصر حول الاشتراكية وبناء السد العالى والتصنيع الثقيل ومحاربة إسرائيل.. وتفجرت طاقات الإبداع فى الفن والأدب والشعر والمسرح والسياسة والصناعة والاقتصاد.. وقد انشغل المجتمع بجميع طوائفه وتياراته بتلك الأحلام القومية.

وزمان.. نجح عبدالناصر فى بناء السد العالى الذى تكلف 400 مليون جنيه.. ولو سألت المواطن وقتها.. فسيقول لك عن التكلفة بالمليم وحجم الردم وكم الدبش.. وعدد العمال ومواقع التفجيرات وأسماء الخبراء الأجانب.. جمال عبدالناصر نجح فى تسويق المشروع جماهيرياً.. فخرجت الأغانى والأناشيد الوطنية تعبر عن طبيعة المرحلة.. وهى أغان عاشت ولم تنقرض أبداً.. وغنى الشعب للمصانع والمزارع والتصنيع الثقيل وتوعد الطابور الخامس.. والتوبة التوبة التوبة.. نصبر على غدارين.. وحياة الدم الغالى.. وحياة عرق السنين.. توبة ما عاد فيها مجاملة خلاص.. ولا عاد من الثورة الشاملة مناص..!

والحمد لله أننا نجحنا فى قناة السويس الجديدة.. نجحنا فى تسويقها وطنياً واقتصادياً.. فشارك المواطن البسيط فى التمويل فى ساعات محدودة.. إحساساً منه بأهمية المشروع وإدراكاً لخطورته وضرورته للمستقبل.. والمشكلة أن الدولة لم تنجح فى تسويق المشروع إعلامياً. بدليل أنه يتعرض للغمز واللمز.. والكتابات المؤيدة معظمها متحمس.. تتوه منها الأهداف فى غمرة الحماس والعاطفة.. والكتابات المعارضة بعضها يتسم بالمنطق المتماسك.. وبعضها يعارض لمجرد المعارضة والتجريح.. أما محاولات الفهم التليفزيونى فقد باءت بالفشل.. حاجة غريبة يا أخى إن عبدالناصر لم يملك سوى ثلاث جرائد ومحطتى راديو.. والآن عندنا مئات الصحف وعشرات القنوات ومعظمها لم ينجح فى تسويق المشروع عند خالتى الحاجة التى تصدق كل ما يقوله التليفزيون.. والمطلوب بوضوح كلام واعٍ وندوة واثنتان وعشر يطرح فيها الرأى والرأى الآخر.. ويتحدث الخبراء، والمشاهد هو المستفيد خصوصاً أنه الممول المحتمل لما هو قادم من مشروعات حضارية وقومية.

انتهينا والحمد لله من شق قناة السويس الجديدة.. نسأل الله أن يكون احتفالنا بها بقدر الإنجاز.. وليس كالاحتفالات التى عرفناها طوال ثلاثين سنة نسلق فيها البيض وخلاص.. ونصر أكتوبر بجلالة قدره حوله البعض لسبوبة ولقمة عيش طرية.. وفى جميع بلدان الدنيا يحتفل الشعب بالمناسبات القومية والأعياد الوطنية بما يليق بجلال المناسبة.. خصوصاً أن أفراحنا قليلة وقد نسينا شكل الاحتفالات الشعبية فى المناسبات المختلفة.. وقد تعود التليفزيون أن يحتفل نيابة عنا فى حين نتفرج نحن من تحت اللحاف.. والتليفزيون لا يقصر.. هو يحتفل بالمناسبات الجليلة على طريقته.. أغان وطنية من الحلق والمناخير.. وأناشيد من النوع المسلوق وسابق التجهيز.. وأوبريت ساذج تنساه بعد خمس دقائق من مشاهدته.. واستعراض مسطح يروى قصة المجد والانتصار.. وكام ولد وكام بنت يتنططون على أنغام الموسيقى.. وكفى الله التليفزيون شر الابتكار والتجديد..!

هذه المرة نريد أن نحتفل من القلب.. ولا تقل إن جماعات التطرف سوف تفسد الاحتفال.. نريده احتفالاً شعبياً جماهيرياً وقد انتصرنا فى معركة التحدى وإعادة البناء.. وحققنا عدة أرقام قياسية فى قناة واحدة.

الاحتفال الشعبى هو الذى يمنع جماعات التطرف من أن تطل برأسها.. والشعب قادر على حماية نفسه والكشف عن محاولات الإرهاب الأسود لشده إلى الوراء.. وبصراحة لا نريده احتفالاً نخبوياً نتفرج عليه من تحت اللحاف.. ومن حقنا أن نفرح ومن القلب.. والاحتفال الرسمى هناك فى قناة السويس نعم.. والاحتفالات الشعبية فى المحافظات المختلفة.. وهى احتفالات وليدة البيئة فى كل محافظة.. فهل ننجح فى التعبير عن الفرحة هذه المرة؟!