قناة السويس.. عودة للمكانة الطبيعية

زاهي حواس الإثنين 03-08-2015 21:27

أتصور أن يتم انتهاز الفرصة الذهبية بافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة للإعلان عن تحدٍ آخر تم التنويه عنه منذ فترة وهو إضافة مليون فدان بالصحراء الغربية إلى الرقعة الزراعية فى مصر؛ وباستغلال المخزون الجوفى من المياه.. وأتصور أن القيادة السياسية الواعية بمشكلات مصر والتحديات التى يواجهها الاقتصاد المصرى ستحاول جاهدة تنفيذ وعودها بمشروعات تنموية عملاقة على كل المستويات أهمها سرعة الانتهاء من تطوير البنية التحتية لمواجهة النمو السكانى ورفع مستوى معيشة المصريين. الكل يحلم بالعمل والتقدم والخروج من عنق الزجاجة لكى تعود البسمة إلى الوجوه المصرية مرة أخرى؛ وتعود مصر لمكانتها الطبيعية كرمانة الأمان للمنطقة بأسرها.

المهم فى موضوع التنمية أن يعى المصريون أنه قد أصبح لديهم رئيس لا ينشغل بمحاربة الإرهاب عن تحقيق التنمية؛ وهنا لابد لنا أن نوجه التحية للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يعى جيداً أن تحقيق التنمية والرفاهية للشعب المصرى هو جزء لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب، فالبيئة الطبيعية لا تنتج إرهابياً؛ وإنما الفقر والجهل والمرض هى التى تفعل؛ وعندما ينشغل المصريون خلف رئيسهم وحكومتهم بالبناء والتعمير فلن نسمع عن الإرهاب. ولن تعود مصر إلى الوراء أبداً مهما حاول المتربصون بمصر وهم لا يستهان بهم.. أصبح لدينا الأمل فى أن نصل ببلدنا إلى شاطئ الأمان.. وأن تجد الأجيال القادمة ما تبنى عليه.

وبالعودة إلى مشروع القناة الجديدة، والذى سيشهد العالم كله افتتاحه بعد يومين؛ فلابد من التذكير بأنها المرة الأولى فى التاريخ المصرى الذى يتم فيه شق القناة للربط بين البحرين الأبيض والمتوسط بإدارة مصرية وأيدٍ مصرية وتمويل مصرى! حيث كانت المرة الأولى فى نهايات الأسرة السادسة والعشرين المصرية، ولكنها انتهت على يد الملك الفارسى دارا الأول والذى افتتحها؛ وظلت تعمل بنجاح لعشرات السنين حتى طالتها يد الإهمال فى عصور الاضطراب فردمتها الرمال وسدت مجراها؛ وكان من حين لآخر يتم تنظيفها وتطهير مجراها للعودة للعمل حتى تعاقبت العصور والأزمان ومصر الخالدة تنتظر وتشهد، حتى جاءت الأسرة العلوية ونجح المهندس الفرنسى ديليسيبس فى أخذ موافقة الخديو سعيد على حفر القناة؛ والتى افتتحها الخديو إسماعيل فى ١٨٦٩؛ وكانت الضريبة باهظة! أكثر من ١٢٠ ألف شهيد مصرى جوعاً وعطشاً ومرضاً؛ وديون باهظة سلبت مصر حقها الطبيعى فى إدارة قناتها ووضعتها تحت وطأة الامتياز الأجنبى. نتذكر كل ذلك لنفرح بقناتنا الجديدة.. المشروع المصرى الخالص؛ وشتان ما بين الماضى والحاضر.. قناة حفرناها غصباً وقهراً؛ وقناة حفرناها بالحب والأمل والعزيمة المصرية.

من حقنا أن نفرح ومن حقنا أن نفتخر بمصريتنا.. الطريق أمامنا لا يزال طويلاً لكنه واضح المعالم؛ وقطار التنمية على المسار الطبيعى؛ والمصريون يثقون فى قائدهم الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ ورئيس وزرائهم المهندس إبراهيم محلب.. أتمنى أن يتفاعل الفن والفنانون مع الحدث العظيم مثلما حدث عند بناء السد العالى؛ لابد من إنتاج فيلم عالمى عن المشروع يحكى القصة من بداياتها الفرعونية.. لابد من توثيق ما حدث. كذلك نحن فى حاجة إلى أوبرا جديدة بروح فرعونية تخلّد مشروع قناتنا الجديدة مثلما فعلت أوبرا عايدة التى سكنت قلوب الناس فى كل مكان.