يسعى هذا المقال إلى قارئه بعد فترة غياب فرضتها ظروف قاسية والحمد لله على كل حال.
إن الأيام التى تمر بها مصر هذه الفترة هى أيام غير عادية بكل المعايير وأوشك أن أقول إن هذه الأيام التى يمر بها العالم كله وهو يترقب الافتتاح الرسمى لقناة السويس الجديدة يوم السادس من أغسطس الحالى هى أيام استثنائية يترقبها العالم كله، لأنها ستمثل علامة فارقة فى التاريخ الإنسانى من الناحية الاقتصادية ومن الناحية اللوجيستية ومن الآمال الإنسانية المعلقة على هذا الحدث الفريد الذى لم يشاهد القرن الذى نعيش فيه– وأظن أنه لن يشاهد– مثلها من حيث الأهمية والروعة والفرحة الغامرة.
وقد أكتفى هنا بالإشارة إلى مقالين من بين ذلك الفيض الغامر من المقالات التى تمتلئ بها صحف العالم كله وليس فقط الصحف المصرية والصحف العربية - مقال الأستاذ يسرى الفخرانى بعنوان «أرباح 365 يوماً فى قناة السويس الجديدة» فى «المصرى اليوم» بتاريخ الأربعاء التاسع والعشرين من شهر يوليو الجارى مقال الأستاذ سمير الشحات فى الأهرام فى نفس التاريخ بعنوان «6 أغسطس يوم للفرحة».
حقاً هو يوم للفرحة، رغم كل ما يردده بعض الذين لا يرون الفرحة ولا يريدون إلا إشاعة اليأس والقنوط والاكتئاب بين الناس.
أى دراسة علمية متأنية لنتائج هذا المشروع العملاق لابد أن تنتهى بنا إلى التفاؤل والفرح وانتظار مستقبل باسم ومثمر للأجيال القادمة فى مصر العزيزة والمحروسة بفضل الله وبفضل جيشها ورجالها المخلصين جميعاً.
إن إنجاز هذا المشروع العملاق فى المدة التى أنجز فيها– عام واحد بالتمام والكمال– وبأموال اكتتب فيها المصريون جميعاً فقيرهم قبل غنيّهم– وقد بلغت هذه الأموال مليارات الجنيهات وتم الاكتتاب بها فى أيام معدودات.
حقاً تلك المقولة «إننا عندما نريد نستطيع».
وأرجو أننا من الآن نريد البناء لا الهدم ونريد التنمية لا الخراب ونسعى إلى بناء هذا البلد الذى كنا نقول إنه يستأهل أناس أفضل منا ثم أثبت المصرى العادى أنه جدير ببلده وأنه حريص عليها وأنه فعلاً عندما يريد يستطيع.
ومن الاقتراحات الجميلة التى قرأتها بهذه المناسبة اقتراح للأستاذ عبدالرحمن فهمى بعنوان «البارون إمبان يحتفل بالقناة الجديدة» والذى يقول فيه: ممكن إقامة حفل استقبال ضخم جداً فى القصر لكل الضيوف قبل الافتتاح بيوم مع إضاءة غير عادية وموسيقى وغناء مسجل من مختلف أغانى وموسيقى العالم . وتكون بداية رائعة للاحتفال بشىء رائع.
هل يا ترى التفت أحد إلى هذا الاقتراح الرائع فعلاً وهل هناك وقت لاستدراك ما قد يكون فاتنا فى هذا الخصوص.
على كل حال:
أفراح مصر بهذا الحدث الذى قد لا يتكرر فى القرن الذى نعيشه تستحقها مصر التى لم تفرح منذ سنوات وسنوات.
هذه هى الأفراح
فما هى الأتراح؟
الأتراح هى الأحزان والعياذ بالله.
فى مقدمة هذه الأتراح ما نشر من أن الجماعة الإرهابية المسماة بالإخوان المسلمين والتى لا صلة لها فى رأيى- والعهدة على وليست على غيرى- بالإسلام الحنيف الذى أرسل رسوله رحمة للعالمين، هذه الجماعة الإرهابية تعيد تشكيل مجالسها ومؤسساتها إن كانت تؤمن بشىء اسمه مؤسسات.
ومن هذه الأتراح أيضاً أخبار قتل تكفيريين هنا وهناك استهداف أكمنة أمنية من قبل هذه الجماعات والانفجارات تتسبب فى قطع الكهرباء أو فى قتل الأبرياء. هذه الأتراح تتكرر يومياً ويريد هؤلاء البغاة ألا تحدث الفرحة للمصريين وألا يتمتعوا بفرحتهم الكبرى بافتتاح قناة السويس.
هذه بعض الأحزان وغيرها كثير والعياذ بالله.
ولكن ما هى الأعاصير؟؟ بعد أن تحدثنا عن الأفراح والأتراح، الأعاصير فى تقديرى- وأرجو أن أكون على صواب- تأتى من ناحيتين الناحية الأولى هى الإمبراطورية الفارسية (إيران)- وقد يكون ذلك محل حديث آخر.
أما الإعصار الأهم والذى يتربص أساساً بمصر ويرى فيها العدو الأول الذى يجب هدمه وتحطيمه، هذا الإعصار هو الدولة العبرية: إسرائيل الباغية الطاغية المدججة بالسلاح النووى والتى لا تعبأ بالقوانين الدولية. ولعلى أسوق هنا عبارة بالغة الأهمية بن غوريون يقول فيها:
«إن عظمة إسرائيل ليست فى سلاحها النووى ولا فى ترسانتها المسلحة ولكن عظمة إسرائيل تكمن فى انهيار دول ثلاث هى مصر والعراق وسوريا».
ليست العبرة فى قيام إسرائيل بل العبرة فى الحفاظ على وجودها وبقائها وهذا لن يتحقق إلا بتفتيت سوريا والعراق ومصر.
هذا ما قاله بن غوريون من وقت طويل وما زال قائما حتى الآن فى عقيدة الدولة الصهيونية.
وقد تكفلت الإمبراطورية الفارسية (إيران) بتدمير العراق وسوريا وبقيت مصر وحدها هى الصامدة والدولة العبرية تهدف إلى تحطيم مصر.
فهل نمكنها من ذلك؟
أظن أن جيش مصر العظيم وشعبها الواعى الفراز الذى حضن حضارات العالم منذ الفراعنة وحتى اليوم أظن أننا لن نسمح لإسرائيل بتحطيمنا وتشريد أبنائنا واستعبادهم.
ولكن الأمانى وحدها لا تكفى.
إن إسرائيل تعربد كل يوم فى المسجد الأقصى والفلسطينيين يستغيثون بالجامعة العربية ولا من مجيب.
لا بد اليوم قبل الغد من تفعيل القوة العربية الموحدة ولا بد اليوم قبل الغد من أن تجتمع مصر والسعودية والإمارات على إنشاء قوة نووية تكون قادرة على مجابهة إسرائيل.
إنها حرب وجود وليست حرب حدود.
إن المخاطر كبيرة وداهمة إنها أعاصير حقيقية.. فهل ستعصف بنا الأعاصير أم أننا سنجمع أشتاتنا لكى نواجهها.
أكثر ما قلت إن العروبة حقيقة وليست وهما، ولكن هذه حقيقة يجب أن تتحول إلى فعل.
الفعل هو المهم وليس الكلام النظرى.
نعم نستطيع ولكن عندما نريد بنية صادقة.
والله المستعان.