نعم.. كان نجيب محفوظ ممنوعاً من كل الدول العربية!

سمير فريد الأحد 02-08-2015 21:28

حدثنى أحد الشباب أمس وقال لقد قرأت لتوى مقالك «عمر الشريف ليس ملاكاً ولا شيطاناً» والذى جاء فيه أن نجيب محفوظ وُضع مع عمر الشريف على قائمة المقاطعة العربية عام 1980. وقال الشاب كنت قد سمعت عن مقاطعة عمر الشريف، ولكنى لم أسمع عن مقاطعة نجيب محفوظ. وسألنى مندهشاً: هل قاطع العرب حقاً نجيب محفوظ، ولماذا لم تذكر من قبل هذه المعلومة عن عمر الشريف فيما نشرت عنه بعد وفاته رغم أهميتها ودلالاتها.

القارئ الشاب على حق فى لومة السهو عن عدم ذكر هذه المعلومة فيما نشرت عن عمر الشريف، فهى من حقائق سيرته الموثقة التى تعنى أنه دفع ثمن موقفه المؤيد لسياسة السادات فى السلام مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر. ومن اللافت بالفعل أنها لم تذكر فى كل ما نشر عنه من تعليقات بالآلاف. كما يتم تجاهل هذه المعلومة فى الحديث عن نجيب محفوظ أيضاً. وقد كنت من معارضى السادات وقُبض علىّ مع أعضاء اللجنة التى هاجمت جناح إسرائيل فى معرض الكتاب فى يناير 1980، ومُنعت من السفر ومن العمل فى الصحافة، فيما اعتبره المؤيدون ثورة سبتمبر عام 1981، ولكن لم يكن موقفى رفضاً للسلام، وإنما لما اعتبرته ثمناً بخساً للسلام آنذاك، ولم أكن أعرف ما عرفت بعد ذلك من تفاصيل.

نعم يا عزيزى، كان نجيب محفوظ ممنوعاً فى كل الدول العربية، فلا يعرض كتاب يحمل اسمه فى أى معرض للكتاب من المحيط إلى الخليج، ولا يعرض فيلم مأخوذ عن كتاب من تأليفه، بل إن الأفلام سواء القديمة أو الجديدة التى كان اسمه يرد فى عناوينها ككاتب للمعالجة أو السيناريو كان يتم حذف اسمه منها، والأدهى كان يتم تغيير عنوان الفيلم عندما يكون مأخوذا عن رواية مشهورة يعرف الكل أنها من تأليفه. وهذه من صفحات العار فى تاريخ السينما المصرية، وهى سينما كبيرة وقوية، والكبير أوى حقاً لا يخشى صفحات العار فى تاريخه، ويذكرها مع صفحات الفخار.

كان نجيب محفوظ مثل كل نخبة المرحلة الليبرالية (1923 – 1953) بعد ثورة 1919 يؤمنون بأن الهوية المصرية مركبة، فرعونية وعربية وإسلامية ومسيحية ويهودية وبحر متوسطية وأفريقية وآسيوية بحكم الجغرافيا والتاريخ، وقاوموا التيارات التى كانت ترجح أحد هذه الأبعاد وتستبعد الأخرى، مثل الإخوان المسلمين الذين قتلوا النقراشى، وهو من أكبر رموز ثورة 1919، والذى أصدر العقاد عنه فى ذكرى الأربعين كتابا بعنوان «ريحانة الشهداء» وعاش بعض نخبة المرحلة الليبرالية، مثل محفوظ، حتى علا صوت البعد العربى على ما عداه، فقاطعوه لأنه ضد البعد الواحد أياً كان، وبعد أن اعترف العالم بأدب محفوظ، وأصبح أول أديب عربى يفوز بجائزة نوبل عام 1988، خجل القوميون العرب من أنفسهم، وقالوا لنضع مواقفه السياسية جانباً، لتكن نقطة خلاف، ولا أحد يدرى كيف يمكن الفصل بين أدب الكاتب ومواقفه السياسية.

samirmfarid@hotmail.com