ولد يوسف إدريس لأسرة متوسطة بإحدى قرى محافظة الشرقية، في ١٨ مايو ١٩٢٧، وتلقى تعليمه بالمدارس الحكوميةحتى الثانوية والتحق بكلية الطب جامعة القاهرة، وتخرج فيها عام ١٩٥١، وأرسله أبوه ليعيش مع جدته في القرية.
عايش «إدريس» في مرحلة الشباب فترة حيوية من تاريخ مصر من جوانبه الثقافية والسياسية والاجتماعية، حيث الانتقال من الملكية إلى الجمهورية حيث المشروع الناصري الناهض بكل ما حمله من أحلام ثم النكسة وما خلفته من آثار نفسية ثم نصر ٧٣ بكل ما كان ينطوى عليه من استرداد لكرامة المصريين.
ثم الانفتاح وما أحدثه من تحولات على بنية المجتمع المصرى الثقافية والاجتماعية فجاء أدبه معبرًا عن كل مرحلة من هذه، وفي سنوات دراسته بكلية الطب اشترك في مظاهرات ضد الاستعمار وسجن وأبعد عن الدراسة لأشهر ثم ظهرت أولى محاولاته القصصية في جريدة المصري وروز اليوسف.
وفي ١٩٥٤ ظهرت مجموعته أرخص الليالي ثم مجموعته «العسكري الأسود» فكتب عنه عميد الأدب العربي طه حسين يقول: «أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثلما وجدت في كتابه الأول أرخص ليالي على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها..».
واصل إدريس مهنة الطب حتى ١٩٦٠ ثم عمل محررًا بجريدة الجمهورية وسافر في جولة حول العالم العربى بين ١٩٥٦و١٩٦٠ وفي ١٩٦١ انضم إلى المناضلين الجزائريين في الجبال لستة أشهر ثم توالى ظهور أعماله الأدبية،وفي ١٩٦٣حصل على وسام الجمهوريةغير أنه لم يتخل عن جرأته في الانتقاد.
وفي ١٩٦٩ نشر«المخططين» منتقدًا فيها نظام عبدالناصر ومنعت المسرحية، كما أنه في ١٩٧٢ تعرض للتهميش إثر تعليقاته ضد الوضع السياسى في عصر السادات وظهر مجددا بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣ واحدًا من كبار كتّاب جريدة الأهرام وامتدت ثورته الإبداعية للرواية والمسرح أيضا، ولم تقتصر على القصة القصيرة التي تميزت بإبراز الملامح الداخلية والنفسية لشخصياته وأيضا التكثيف والتركيز.
واعتبر هذا من أهم الخصائص الأسلوبية وهناك أفلام مأخوذة عن أعمال ليوسف إدريس ومنها لا وقت للحب والحرام والعيب وحادثة شرف والنداهة وورق سيلوفان، إلى أن توفي «زي النهاردة» في ١ أغسطس١٩٩١.
وللكاتب والأديب والناقد علاء الديب رأي مغاير للآراء الراسخة والمستقرة عن يوسف إدريس فيقول :«اتفق معك أن يوسف إدريس يحتل مكانة بارزة على خريطة الأدب العربي وبخاصة في مجال القصة القصيرةلكنني أضع إلى جواره في هذه المكانةالقاص يوسف الشاروني وبالنسبةلي فإنني أري اختلاف وتميز يوسف إدريس أكثر في»أرخص ليالي «حيث كان الهم المطروح فيها هما إنسانيا عاما خالصا أما معظم أعماله الأخري فقد دخل فيها الهم الشخصي والذي مهما كانت عظمة التعبير عنه فإنه يظل هما شخصيا عاما لايغوص في الهموم الإنسانية العامة وهذا أرجو أن تعتبره حكما شخصيا قد يعترض البعض عليه حيث أنني انتمي لتيار آخر في القصة القصيرة.
ولقد اعتمد إدريس على إحداث صخب طوال مسيرته الإبداعية من قبيل تحقيق بروباجندا لأعماله فتجده مثل يوسف وهبي ثلاثة أرباع عمله جيدة والربع الباقي يعتمد على البروباجندا أما الزوبعة التي أثارها بأحقيته في نوبل فهي زوبعة لامحل لها من اللإعراب ولايصح لنا أن نقارنه بنجيب محفوظ فهذا ينطوي على ظلم بين لمحفوظ ويكفي أن نعيد قراءة»أصداء السيرة الذاتية «أو»أحلام فترة النقاهة «وهما من آخر أعمال محفوظ وأعتبرهما من عيون الأدب العربي.