هشام جنينة لـ«المصري اليوم»: عندى معلومات بمحاولة تلفيق «قضية تخابر» لي «1-2»

كتب: طارق أمين, محمد السنهوري السبت 01-08-2015 12:44

رغم إثارته الكثير من الجدل والصخب مؤخرا، بدا هادئاً لنحو 3 ساعات مدة هذا الحوار، وبقدر خطورة الاتهامات التى يواجهها كان واثقاً من نفسه، وفى الوقت الذى يرى كثيرون أن الرئيس السيسى استهدف إقالته من منصبه بإصداره قرارا بقانون لعزل رؤساء الهيئات الرقابية، أعرب عن ثقته فى أن الرئيس لم يكن يستهدفه بهذا القرار.

المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، يرد فى حوار اختص به «المصرى اليوم»، عما يراه خصومه، من ضرورة إزاحته عن منصبه باتهامات عدة، لدرجة تصل إلى السخرية، غير أن الرجل الذى يتبقى له عام واحد على انتهاء فترة رئاسته لأهم جهاز رقابى فى مصر يؤكد: «لو طلب منى الرئيس تقديم استقالتى سأفعل فوراً».

«جنينة»، الذى سخر من الاتهامات الموجهة إليه وأبرزها الانتماء للإخوان، التى يعتبرها «هرتلة»، يقول إن الحديث عن امتلاكه أسلحة وصواريخ جراد «عبث»، و«إن صح فيجب توجيه الاتهام للأجهزة الأمنية عليه».

هشام جنينة، الذى يعد أحد رموز ما يطلق عليه «تيار استقلال القضاء» السابق، يرى أن هناك محاولات لتصفية رموز ثورة 25 يناير، ويؤكد أن الفساد انتشر على مدى أكثر من ثلاثين عاماً بسبب تغييب دور الأجهزة الرقابية وإضعافها، وانتهاك الحقوق الدستورية والقانونية للشعب، وانهيار منظومة القيم والأخلاق .. وإلى نص الحوار:

■ كيف ترى الاتهامات التى وجهت لك الفترة الماضية بشأن انتمائك للسلفية الجهادية؟هشام جنينة أثناء حواره مع «المصرى اليوم»

- ما تداولته بعض وسائل الإعلام المغرضة ليست سوى أكاذيب لا ترقى لأن تكون اتهامات، لأن جهة الاتهام الوحيدة تملكها السلطة القضائية وليست وسائل الإعلام. الاتهامات ليست انتمائى للسلفية الجهادية فقط، ولكن سبقها اتهام بالأخونة والانضمام لمجموعة قضاة من أجل مصر واتهام بالتحريض على بيان رابعة وأنى أمتلك ملهى ليليًا تديره زوجتى، وأخيراً عندما فشلت هذه المحاولات فى تشويهى أنا وأسرتى فابتدعوا اتهاماً جديدًا بانتمائى أنا وعائلة زوجتى لألوية صلاح الدين فى فلسطين والتخابر مع حماس وأن والدة زوجتى التى تبلغ من العمر 80 عاماً على علاقة بإسرائيل، وكلام آخر عن وجود صواريخ جراد فى مزرعة تملكها زوجتى وأسرتها بالشرقية، زعموا أنها تجاور ابنة القرضاوى، فى حين أن الواقع أن جيرانها هم الدكتور عبد العزيز حجازى والدكتور عاطف عبيد، رئيسا وزراء مصر السابقان، والعديد من القيادات العسكرية والأمنية، وفى الحقيقة هذا كلام مؤسف.

■ لكن ما السبب وراء اختيار هذه الاتهامات تحديداً؟

- يسأل فى ذلك مروجو الشائعات، أنا لو رددت على هذه المقولات سأكون فى موقف المتهم وأنا لن أضع نفسى فى هذا الموقف، أنا أقول لكل من لديه شىء ضد هشام جنينة أو زوجته أو أبنائه عليه التقدم بها إلى جهات التحقيق، لأننى ببساطة لست فوق المساءلة، لكن بما أنكم ممثلون للرأى العام فإنى أؤكد أن كل ذلك أكاذيب و«هرتلة»، وإن لم يبادر مروجو هذه الإشاعات بتقديم مستندات تؤيد بلاغاتهم لجهات التحقيق سأتقدم أنا ببلاغات ضدهم، متهماً إياهم بالسب والتشهير.

■ من ضمن ما تردد هـو انتماء زوجتك وأسرتها لألوية صلاح الدين وحركة حماس، ما حقيقة ذلك؟

- فى البداية لا أفهم كيف يعتبر البعض الزواج من فلسطينية جريمة، مع العلم أن زوجتى من أب فلسطينى وأم مصرية وجميعهم عاشوا على تراب هذا الوطن وحصلت على الجنسية المصرية، وأقارب زوجتى لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بحركة حماس وأغلبهم فى مراكز مهمة بالسلطة الفلسطينية، وابن عمها الطيار الخاص للرئيس الفلسطينى أبو مازن، وآخر كان سفيراً سابقاً بليبيا، وبعضهم التحق بسلك القضاء فى مصر، ولا أفهم فى الحقيقة هذه الاتهامات فى ظل منح أقاربها الجنسية المصرية، ولهذا أتساءل: «هل يتم منح الجنسية المصرية لمتخابرين؟».. أحد أقارب زوجتى كان رئيساً بمحكمة استئناف القاهرة، هل كان الرجل أيضاً متخابرًا؟.. بالإضافة إلى أن لها أقارب بمناصب مهمة فى الدولة، هل كلهم متخابرون مع حماس. وأنا أقول لكل من ردد كل هذه الأكاذيب عيب أن تخوضوا فى سمعة العائلات، فعائلة زوجتى من أكبر العائلات الفلسطينية المشهود لها بالوطنية والحرص على الأمن القومى المصرى «وأنا شرفت بهذا النسب وأقول للجميع هذه ليست أخلاقيات المصرى الأصيل الذى لا يخوض فى سيرة وسمعة العائلات المحترمة.

■ ما تفسيرك لهذا الهجوم عليك فى التوقيت الحالى؟

- لدى معلومات أن البعض يحاول تلفيق اتهام لى بالتخابر مع حماس، هناك أصابع خفية تسعى إلى تدبير مكيدة لى بعد انتهاء هذه الحملة الإعلامية الشرسة، يتم الإعداد لهذه القضية الملفقة الآن، لكن ثقتى فى أن العدالة ستأخذ مجراها ضد هؤلاء كبيرة، فهذه الحملة يمولها رجال أعمال على علاقة بوزير مسؤول حالياً يستغل منصبه فى الحصول على بيانات خاصة بأسرتى من خلال علاقته ببعض القيادات الأمنية واستخدام بعض الإعلاميين لحشد الرأى العام ضدى، وذلك كله بقصد ترهيبى عن ملاحقة وكشف قضايا فساد طالت بعضهم وسيأتى الوقت قريباً للكشف عنها.

■ البعض ذكر تواريخ لسفريات زوجتك وأفراد من عائلتها إلى غزة؟

- هذا طبيعى، فالأقارب يقومون بالتردد على أسرهم هناك، يعنى من لهم أصول صعيدية فى مصر لا يقومون بزيارتهم، رايحين يصلوا الرحم ويتواصلوا مع بعض، واللى عنده شىء خلاف ذلك يتوجه به إلى جهات التحقيق.. وأضيف أننى قمت بمرافقة زوجتى وأسرتها لدفن والدها بمقابر الأسرة هناك فى ديسمبر 2011 بناءً على وصيته بعد استصدار الموافقات من الأجهزة الأمنية المختصة آنذاك وبعلم هذه الأجهزة، وذلك قبل تعيينى رئيساً للجهاز المركزى للمحاسبات، وحينها كنت أشغل منصب رئيس محكمة استئناف بالقاهرة.

■ ما قصة وجود مزرعة مملوكة لك بالشرقية.. ويقال إنه تم تخزين أسلحة بها؟

- هذه المزرعة ملك لزوجتى وأسرتها ضمن مزارع جمعية العادلية، واشتروها منذ سنوات من لواء طيار بالقوات المسلحة، وبالمناسبة هذه الجمعية كان يترأسها اللواء منير ثابت، شقيق سوزان مبارك.. فهـل هذه جريمة؟

■ من تعتقد أنه يقف وراء انتشار مثل هذا الكلام فى وسائل الإعلام؟

- أعتقد أن من يقف وراء هذه الحملة بعض رجال الأعمال الذين تربطهم علاقة بوزير حالى يستغل نفوذه للحصول على معلومات خاصة بأسرتى من بعض القيادات الأمنية، ويتم ترويج هذه الأكاذيب من مجموعة من الإعلاميين المأجورين الذين مع الأسف يسيئون إلى الغالبية العظمى من الإعلاميين الشرفاء، وهؤلاء معروف عنهم التكسب على حساب الطعن فى سمعة المواطنين وشرف العائلات ويعطون لأنفسهم الحق فى منح صكوك الوطنية والولاء للوطن، فضلاً عن أننى لم أستعمل سلطة وظيفتى لبيع الأراضى المملوكة للدولة والمخصصة للمنفعة العامة لأى من أقارب زوجتى كما فعل هذا الوزير، وأطالب الأجهزة التى أمدته بالمعلومات عن حياة أسرتى الخاصة أن تتحرى عن ذمته المالية وتطبيق الكسب غير المشروع حتى يترسخ لجموع الشعب أنه لا أحد فوق القانون ولا يحتمى أحد بمنصبه.

■ من وجهة نظرك لماذا يتم استهداف المستشار هشام جنينة تحديداً.. وهل لأن الرئيس المعزول مرسى هو من اختارك؟

- لا أعتقد ذلك؛ لأن مرسى لم يخترنى وحدى بل اختار الرئيس عبدالفتاح السيسى وزيراً للدفاع، واختار اللواء محمد إبراهيم، وزيراً للداخلية، واختار اللواء خالد ثروت، مديراً للأمن الوطنى، واختار اللواء محمد عمر هيبة، رئيساً لهيئة الرقابة الإدارية، ومرسى اختار ناس كتير فى مواقع هامة ومؤثرة، لكن أعتقد أن من يهاجموننى يحاولون إلهاء المواطنين وصرف انتباههم عن قضايا الفساد التى يفجرها الجهاز المركزى للمحاسبات، وهؤلاء يحاولون استثمار كراهية الناس للإخوان فى التخلص من أى شخص يريدون التخلص منه بدعوى انتمائه للإخوان.

■ هل تتفق مع من يرى أن السبب هـو التخلص من رموز ثورة 25 يناير؟

- أعتقد أن هناك محاولة من بعض الأجنحة التى كانت لها مصالح مع نظام مبارك لتصفية كافة رموز ثورة 25 يناير، وما يحدث على الساحة الآن من قضايا يتم إعدادها هدفها التخلص من كل من له رأى أو موقف أدى إلى تلك الثورة.

■ هـل هـناك أسباب أخرى؟

- أنا مؤمن أنه كلما تنامى دور مؤسسة من مؤسسات الدولة تحاول مكافحة الفساد، كانت الحرب والمعركة شرسة مع هذه المؤسسة ومن على رأسها، الفساد متغلغل فى مؤسسات كثيرة فى الدولة، من بينها الجهاز المركزى للمحاسبات، أنا مؤمن أنه كلما اشتد الهجوم ضراوة فإننى أكون على الطريق الصحيح، إذا سكت عن الفساد ومحاربته ما تم توجيه سهام التجريح والتشويه تجاهى.

كلما تنامى دور الجهاز زادت حملة الهجوم ضدى سواء تحت فزاعات انتمائى للإخوان أو قضاة من أجل مصر أو بيان رابعة أو السلفية الجهادية، وانتشار هذه الفزاعات فى الإعلام يدل على السطحية التى يتعامل بها بعض الإعلاميين.

■ كيف رأيت المرسوم بقانون الذى أصدره رئيس الجمهورية بشأن عزل رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية؟

- هذا الموضوع أخذ أكبر من حجمه من حيث التركيز الإعلامى الشديد، الرئيس أصدر عدة مراسيم بقوانين لكن الإعلام كله قالك ده قانون معمول علشان هشام جنينة.

هشام جنينة أثناء حواره مع «المصرى اليوم»

■ هل ترى أنك لم تكن مقصوداً بهذا القانون؟

- قناعتى الشخصية أننى لم أكن مقصوداً بإصدار هذا القانون، خاصة أن المرسوم بقانون لم يخاطب الجهاز المركزى للمحاسبات وحده، لكنه يخاطب الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة، وفى جميع الأحوال لدى قناعة أن الرئيس يثق فى أداء الجهاز المركزى للمحاسبات لدوره، هذا بالإضافة إلى أنه لو كانت هذه الحملات الممنهجة للتشهير بى والاتهامات بالعمالة والانتماء للتخابر صحيحة، هل كان الرئيس سيصدر قراراً بتعيين ابنتى فى النيابة الإدارية العام الماضى؟

■ هل ترى أنك ستكمل مدتك فى رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات؟

- أنا لا أعير هذا الموضوع اهتماماً، وأكدت مراراً وتكراراً أننى غير متشبث بالكرسى أو حريص على البقاء فى منصبى، أنا حريص على إرضاء ربى، وأن أكون على قدر الأمانة التى تم تكليفى بها، أنا لم أسع إلى هذا الكرسى أو المنصب، ولا أسعى للبقاء فيه، ولكن أنا أؤمن أن كل شىء مقدر بيد الله، مجيئى لهذا المكان ورحيلى منه أيضاً، إيمانى بالله فوق أى حسابات سياسية أو قانونية أو دنيوية.

■ كيف رأيت رد الفعل على هذا المرسوم بقانون؟

- فى الحقيقة أذهلنى حجم الاستنكار والرفض الذى امتد لقطاع عريض من الناس.

■ البعض يرى أنك حرضت أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات على تنظيم مؤتمر لرفض المرسوم بقانون؟

- أعضاء الجهاز شريحة من المجتمع، وممكن تسألوا أى حد منهم، وبالمناسبة أعضاء الجهاز كانوا يريدون تنظيم وقفة احتجاجية، ولما بلغنى ذلك قلت لهم عيب هذا لا يليق بأعضاء الجهاز، فاقترحوا مظاهرة على سلالم نقابة الصحفيين، قلت لهم لا يصح ذلك من أعضاء جهاز رقابى، وهذا الكلام سيأخذ عليكم، وردوا بأن القانون لا يستهدف هشام جنينة وحده ولكن يستهدف أعضاء الجهاز أيضاً. ومن حقنا إبداء رأينا والاعتراض عليه، خاصة أنه يلغى ضمانات منحها لهم الدستور والقانون.

■ ما تفسيرك لإصدار الرئيس لهذا المرسوم؟

- رئيس الجمهورية أصدر القرار بناء على ما تم عرضه عليه، رئيس الجمهورية عنده أدواته من مساعديه ومستشاريه الذين يقومون بإعداد مشروعات المراسيم بقوانين التى يصدرها، أنا مثلاً فى الجهاز المركزى للمحاسبات لا أقوم بإصدار تقارير الجهاز لكن يمكن أن يكون هناك عضو بالجهاز غير أمين فى عرضه، فى الحقيقة، ليس دور أى مستشار قانونى أو رجل مختص بدراسة مشروعات القوانين التى ستتقدم بها الحكومة أن يقوم بتقديم عرض خاطئ هذا ليس أمانة، أو أن يكون المستشار له غرض أو هوى.

■ هل تقصد أن هناك مستشارى سوء أو مستشارين غير أمناء أشاروا على الرئيس بهذا المرسوم؟

- طبعاً هذه رؤيتى يتفق معها من يتفق ويختلف من يختلف.

■ البعض ربط بشكل مباشر بين إصدار هذا القانون وبين المستشار أحمد الزند باعتباره وزير العدل ورئيس اللجنة التشريعية فى الحكومة؟

ـ الناس عندها عقل، وأنا لا أستطيع مصادرة فطنتهم وذكائهم، البعض يعتقد أن الناس أغبياء وما عندهاش ربط للأحداث «إشمعنا المرسوم ده بعد مجىء الزند وزيراً للعدل بأقل من شهر؟» وإذا كان هشام جنينة مضرا بالأمن القومى لماذا تم تركه عاما تحت رئاسة المستشار عدلى منصور، وعاما مع الرئيس السيسى، لماذا أصبحت خطرا فجأة؟

■ لماذا لم تطلب لقاء الرئيس لطلب الدعم فى ظل هذه الهجمة الشرسة التى تراها؟

ـ أنا أرحب بأى دعوة للقاء السيد الرئيس، وأتشرف بلقائه فى أى وقت، وأدرك تماما أن الرئيس لديه من مفاتيح العلم والمعرفة والمعلومات ما يمكنه من معرفة دور الجهاز الحقيقى الذى يساند الرئيس ويؤيده من خلال التقارير التى يصدرها.

■ ما المشكلة فى أن تطلب مقابلته لمناقشته ووضع كل الأمور أمامه؟

ـ أنا أحترم اسمى وتاريخى والجهاز الذى أرأسه، أنا لست من الضعفاء الذين يخافون فيقومون بالجرى والهرولة، أنا لا أخاف، أنا أتمسك بالحق لأن الحق لا ينصره إلا الله، لا ألجأ إلا لغيره، لأننى أمارس دورا أؤمن به فى إطار القانون، وفى حال خرقى للقانون أنا لست فوق المساءلة، لكن ليس بتلفيق القضايا، ويقال لى «سب وقذف وتخابر»، حاسبنى على عملى، وطالما التلفيق خارج إطار عملى فهذا يؤكد أن الملفقين لم يجدوا شائبة فى قيامى بعملى، أنا لست بعيداً عن السيد رئيس الجمهورية، عندما يريد استيضاحاً يستدعينى فى أى استفسار أو لقاء أو مواجهة فى حال وصوله أى معلومة.

■ نريد أن نتطرق إلى علاقتك بالمستشار أحمد الزند حاليًا؟

- لا توجد علاقة إلا فى إطار الدور القانونى للجهاز ولكنه اختلق أزمة فى فترة رئاسته لنادى القضاة بغرض منع الجهاز المركزى من أداء دوره الرقابى على إنفاق المال العام بالنادى حتى وصل به الأمر إلى التنكيل بأعضاء من مجلس إدارة النادى وتهديدهم والتطاول عليهم.

■ فى حال رحيلك عن الجهاز المركزى للمحاسبات هل ستعود إلى القضاء؟

- المسألة جوازية لمجلس القضاء الأعلى من الناحية القانونية، وأنا أعتقد أن تاريخى القضائى يشفع لى فى العودة، إذا كانت لدى رغبة، خاصة أننى تربيت داخل مدرسة قضائية رأيت فيها قمما وقامات وتتلمذنا على يد قضاة كانوا لا يحيدون عن الحق قيد أنملة، وكانوا حريصين على إرضاء المولى عز وجل فقط، لا أى سلطة على وجه الأرض، وكانوا بيجدوا مشقة وعناء فى هذا الطريق، لكنهم كانوا لا يأبهون إلا لكلمة الحق فى أحكامهم وقراراتهم،.

■ نعود للمرسوم بقانون.. كيف ترى مدى قانونيته؟

- القانون رقم 144 لسنة 88 الخاص بالجهاز المركزى للمحاسبات والذى وضعه البرلمان تنص المادة 20 منه على أنه لا يجوز عزل رئيس الجهاز، وهذه ضمانة مشابهة للضمانة التى تم إعطاؤها للنائب العام، ولا يجوز إعفاؤه من منصبه إلا بقبول استقالته، على أن يصدر بالموافقة قرار من رئيس الجمهورية، هذا قانون معمول به والمرسوم بقانون الذى صدر لم يشر إلى قانون الجهاز المركزى للمحاسبات ولم يتضمن قى ديباجته إلغاء أى نص أو قانون يعارض ذلك ولم يشر لقانون الجهاز المركزى للمحاسبات ولم يقم بتعديله ولم يستند له فى شىء، أنا أرى أن المرسوم بقانون الذى أصدره الرئيس السيسى لا يخاطب الجهاز لأن الجهاز له قانونه الخاص، وهناك قاعدة قانونية تقول إن الخاص يقيد العام، النقطة الثانية أن الدستور فى المادة رقم 215 منه نص على وجوب أخذ رأى الجهاز المركزى للمحاسبات فى القوانين المتعلقة به، وديباجة المرسوم بقانون لم تشر إلى أى أخذ رأى الجهاز المركزى للمحاسبات. كما أن المادة 224 من الدستور أكدت على أن القوانين واللوائح المعمول بها تظل سارية ولا يجوز تعديلها أو إلغاؤها إلى أن يصدر قانون ينظم عمل الجهات اللى ينظمها قانون خاص مثل الجهاز المركزى للمحاسبات، قولاً واحداً.. دستوريا وقانونيا لا يوجد ما يغل يد الجهاز المركزى للمحاسبات عن ممارسة دوره.

■ إذن، ترى أنه لايمكن عزلك وفق المرسوم بقانون الذى أصدره الرئيس السيسى؟

ـ نعم بكل تأكيد، لكن فى نفس الوقت أنا لست فى حاجة لقانون حتى أرحل عن منصبى، فى اليوم الذى سيرى فيه السيد رئيس الجمهورية أننى غير متعاون أو غير مؤد لعملى أو غير أهل ثقة، سأوافق على طلبه باستقالتى فوراً وسأرحب بذلك.

■ ألا تخشى مرحلة ما بعد الاستقالة أو الإقالة فى ظل ما تقوله عن تلفيق قضايا لك؟

ـ أنا ثقتى فى عدالة القضاء المصرى كبيرة رغم اعتراضى على سوء أداء البعض به، لكن لأننى تربيت وسط القضاء أعرف أن به الكثير من الشرفاء، وحتى إذا تعرض الإنسان لظلم ولم يحصل على حقه فإن عدالة السماء لن تغيب عنى، أنا لا أحتمى إلا بالله، وثقتى فى نفسى كبيرة، وقد يكون رحيلى عن الجهاز خيرا لى وأفضل من بقائى، لست أخشى الرحيل عن الجهاز، لكن فكرة تلفيق القضايا للتخلص من أى مسؤول يجب أن تكون انتهت، وأؤكد أن الأجهزة التى تعمل على تقويض العدل تقوض الحكم أيضا.