في أجواء تُعيد للأذهان معركة المثقفين ضد الوزير الإخواني علاء عبدالعزيز، تشهد الساحة الثقافة حاليًا حالة من الشد والجذب بين المثقفين، والدكتور عبدالواحد النبوي، وزير الثقافة، وصلت إلى حد مطالبته بالرحيل.
«النبوي» الذي كان تعيينه وزيرًا للثقافة خلفًا للدكتور جابر عصفور، مفاجئًا، أطلق تصريحات وأصدر قرارات أشعلت غضب عدد من المثقفين ضده، من بينها تصريحه بأحقية مؤسسة الأزهر الشريف في إبداء رأيها بجميع الأعمال الفنية، وذلك في لقاء تليفزيوني مع الإعلامية لبنى عسل، ببرنامج «الحياة اليوم» على قناة «الحياة»، وقبل ذلك أثار الغضب ضده بعدما تعامل بـ«طريقة مهينة» مع موظفة بمتحف محمود سعيد بالإسكندرية، إذ سخر من مظهرها قائلًا: «عندي مشكلة بخصوص الموظفين التخان».
بروتوكول مع الأوقاف
كما كان تفعيل البروتوكل الموقع بين وزارتي الثقافة والأوقاف، دونًا عن باقي البروتوكولات الموقعة مع الوزارات الأخرى كـ«السياحة، الشباب، والتعليم»، من ضمن الأمور التي أثارت الحيرة لدى المثقفين، وهو ما دفع الروائي إبراهيم عبدالمجيد، للتساؤل: «لماذا يبدأ الوزير بتفعيل بروتوكول الأوقاف؟!».
وينص البروتوكول على تزويد الدعاة بمجموعة من مطبوعات وزارة الثقافة، وتبادل المطبوعات بين الوزارتين، وإقامة نشاط مشترك تحت شعار «معًا في مواجهة الإرهاب والتطرف»، وإطلاق مسابقة كبرى بين الوزارتين تشجيعًا على القراءة لنشر الفكر المستنير بين شباب المجتمع.
وقال «عبدالمجيد» في تدونية على صفحته الشخصية بموقع «فيس بوك»: «اللي عمل برتوكول التعاون بين وزارة الأوقاف والثقافة جابر عصفور، بحثت في الإنترنت، لقيت فعلًا فيه بروتوكول من قبل، لكن بدون تفاصيل ولا اتفاقات، الاتفاقات السبعة تمت مع عبدالواحد، يعني جابر عصفور لما حب يتقرب من الأزهر، قال لك أروح للأوقاف، أهو اتوقف حاله برضه والحمد لله، ويظل الامر غريبًا ويزداد غرابة إذا عرفنا أن هناك بروتوكولات لم تفعَّل بين الثقافة والتعليم، والثقافة والسياحة، والثقافة والشباب، وهذا هو المجال الأقرب إلى الثقافة».
إنهاء ندب أحمد مجاهد
قرار آخر فتح به وزير الثقافة النيران على نفسه، وهو إنهاء ندب أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة للكتاب، إذ وجّه له ما يُعرفون أنفسهم «كبار المثقفين» اتهامات بمحاولة «أخونة الوزارة».
حلّ «النبوي» ضيفًا على الإعلامي أحمد موسى، ببرنامج «على مسؤوليتي» المُذاع على قناة «صدى البلد»، مساء الأربعاء، تطرق فيه إلى أسباب إقالة «مجاهد»، قائلًا: «الدكتور مجاهد لم يعد قادرًا على أن يتناسب مع رؤيتي لتطوير الوزارة لأنني بحاجة إلى دماء جديدة، ولم أنهي انتدابه، وإنما مدته انتهت، واستخدمت حقي الدستوري في تقييم أدائه ورفض تجديد الانتداب»، كما اتهمه بإنفاق 14 مليون جنيه كنثريات بفرع الهيئة ببيروت في سوريا، بجانب نشر كتابًا لسيد قطب، في محاولة لـ«نفاق الإخوان».
«مجاهد» بعد فشله في إجراء مداخلة هاتفية للرد على «النبوي»، أصدر بيانًا رد على اتهامات وزير الثقافة، وقال: «ما ذكره وزير الثقافة بخصوص إنفاق 14 مليون جنيه، كنثريات بفرع الهيئة ببيروت في سوريا، وأنه أحاله للنيابة، فهذا حق يراد به باطل، لأننى من اكتشفت الأمر فور تولي رئاسة الهيئة، وقمت بمخاطبة وزيري الثقافة الدكتور صابر عرب، ثم الدكتور جابر عصفور بالأزمة، وإننى منعت سفر أي موظف من الهيئة لبيروت، وعندما زرت الفرع 3 مرات، كانت بناء على دعوات خاصة من مؤتمرات أو مسابقات، لم اكلف الدولة منها شئ».
وأضاف: «ادعى الدكتور عبدالواحد النبوى، نشر هيئة الكتاب أحد كتب سيد قطب نفاقا للإخوان، وحقيقة الأمر أن الهيئة نشرت رواية سيد قطب أشواك، وهى الرواية التي صادرها سيد قطب نفسه في حياته ومنعت الإخوان نشرها لأنها رواية عاطفية، وقد نشرتها الهيئة مكايدة لهم، وقاموا برفع قضية ضد الهيئة لهذا السبب، وقد كسبت الهيئة القضية، ولدى صورة كاملة من أوراقها. علما بأن هذه الرواية قد نشرتها الهيئة عام 2011 أي قبل وصول الإخوان إلى الحكم».
وتابع: «لا يخفى على أحد مجابهتى للإخوان الذين فصلنى وزيرهم في اليوم الأول لتعيينه، وإصدارات الهيئة، وكتاباتى، ومشاركتى في اعتصام المثقفين -الذي لم يقم الوزير الحالى بزيارته ولو لدقيقة واحدة رغم دعوته- يشهدون بهذا».
وكان «مجاهد» أجرى مداخلة هاتفية ببرنامج «البيت بيتك»، الثلاثاء، قال فيها، إنه يملك مستندات تدل على إضرار وزير الثقافة بمصر خارجيًا.
أخونة الوزارة
وقالت جبهة الإبداع المصري، إن «النبوي» يحاول تفريع الوزارة من مثقفيها، وإنه يجرّد الوزارة من الكفاءات قبل رحيله، مطالبة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، بإقالته.
وأضاف في بيان وجهته للمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء: «جبهة الإبداع تتابع بقلق بالغ كل ما يحدث في أروقة وزارة الثقافة، فوزيركم يعلم جيدًا أنه سوف يمضي قريباً، لكنه يطبق سياسة الأرض المحروقة، وعليه فإنه يجرد وزارة الثقافة من الكفاءات قبل رحيله، كأنه ينفذ الأجندة التي عجز علاء عبدالعزيز، وزير ثقافة الإخوان عن تنفيذها».
مثقفون ينتقدون غياب الرؤية
كما طالب عدد من المثقفين، بينهم «بهاء طاهر، وحيد حامد، سيد حجاب، يوسف القعيد، محمد فاضل، داوود عبدالسيد، إبراهيم عبدالمجيد، جمال بخيت، وخالد يوسف»، لقاءً مع «محلب»، وقالوا في بيان: «قبل إجراء اللقاء بودنا أن نؤكد على أمرين، الأول: إننا قد طلبنا هذا الموعد بناءًا على استشعارنا للخطر المتمثل في غياب الرؤية الثقافية الشاملة التي تشكل وجدان الأجيال الجديدة وتحمل هموم الوطن والمواطن ويأتي أيضًا إستجابة لمسؤولية القوي الناعمة في صناعة الحاضر وتأمين المستقبل ونشر التنوير الكفيل بالقضاء على بؤر الظلام وهزيمة التعصب والإرهاب، الأمر الثاني: نؤكد أن أسماء المسؤوليين عن المنظومة الثقافية لا يعنينا بقدر مايعنينا قدرتهم وكفائتهم لأداء دورهم وإضطلاعهم بمسؤليتهم في هذه المرحلة التي تمر بالوطن».
استجاب رئيس الوزارء، للمثقفين، والتقى بعدد منهم منذ يومين، واستعرضوا كافة الإشكاليات التي تحول دون وجود رؤية ثقافية شاملة تساهم في بناء الإنسان المصري، وقدرتنا كمجتمع في التصدي لتحديات المرحلة، كما تم شرح تفاصيل المشهد الثقافي وسوء إدارته من قبل القائمين على المؤسسات الثقافية المختلفة.
وبحسب بيان نشره المخرج السينمائي خالد يوسف على صفخته بـ«فيس بوك»، فإن «محلب تقهم كل المحاور التي تحدث عنها مجموعة المثقفين والمبدعين، ووعد بدراستها جيدًا والعمل على حلها».
دعم سلفي
ويحظى وزير الثقافة بدعم التيار السلفي، الذي رحب بتعيينه خلفًا للدكتور جابر عصفور، الذي يواجه اتهامات بـ«الردة» من قبل بعض شيوخ السلفية، آخرهم سيد العفاني، أحد مؤسسي الدعوة السلفية ببني سويف.
وقالت الدعوة السلفية في بيان عقب تعيينه: «يعتبر الدكتور عبدالواحد النبوي، هو أول أزهري يتولى منصب وزارة الثقافة المصرية، وهو الكرسي الذي طالما جاء عليه أشخاص من التيار اليساري».