شوف يا حمادة، يبدو أنه من السهل أن تخلع رئيسا.. أن تكتب دستورا.. أن تشرع قوانين.. لكن من الصعب جدا بل من المستحيل أن تقتلع فسادا!!.. رغم أننا قمنا بثورة على نظام مبارك الذى لم يكن يتخيل أحد أن يتلاشى هكذا ويبقى بح مفيش، إلا أن الثورة عجزت وتجمدت أمام إزالة آثار فساد حكوماته.. أكبر مثال على كلامى هذا هو وضع الشركات الخاصة التى اتفقت معها حكومات عاطف عبيد ونظيف على جمع القمامة.. منذ توقيع هذه العقود والشركات لم تؤد مهامها، بل إنها تسببت فى انقطاع الزبال البلدى بتاع زمان اللى كان يخبط على بابك ليأخذ منك صندوق القمامة ويأخذ منك الربع جنيه كل أول شهر ويبوس إيده وش وظهر.. الآن تراكمت قمامة المنازل فى الشوارع بالإضافة لقمامة الشوارع نفسها!.. يقولون إن العقود كتبت بشكل مجحف أعطى لتلك الشركات حق انتفاع لمدة 15 سنة بالإضافة لوجود شرط جزائى كبير عند فسخ العقد، ولهذا فالحكومة لا تستطيع فسخ العقود!!.. فى رأيى المتواضع يا حمادة، أن هذا هو الكلام الفارغ بشحمه ولحمه، فما أفهمه أن العقد منصوص فيه على جمع القمامة، فإذا تقاعست الشركات عن هذا الفعل الذى هو عصب العقد فبالتالى هذا يعتبر إخلالا بالعقد يعطى الحكومة الحق لفسخ العقد أو اللجوء للقضاء فلماذا لم تفعل الحكومة هذا؟.. طبعا الإجابة واضحة، فالحكومة معتمدة على صبرنا يا حمادة وأننا لن نمانع إننا نشيل زبالتنا بنفسنا خمستاشر سنة، خصوصا إنها مش زبالة حد غريب وأهو يبقى زيتنا فى دقيقنا فى زبالتنا!!.. لذلك أقدر بشدة ثورة غضب الإسكندرانية على محافظها لإهماله رفع القمامة التى يسببها المصيفون.. الإسكندرانية بييجى عليهم الصيف من هنا وخلقهم يضيق من هنا بسبب التشويه الذى يفعله المصيفون فى بلدتهم الجميلة، فبصراحة بقى، الحكاية مش ناقصة محافظ لا يأخذون منه سوى المنظرة والألاطة.. لكن يا حمادة هى مش برضه النظافة والشياكة من لزومات المنظرة والألاطة؟.. يا عم، عايز تتمنظر إتمنظر بنظافة محافظتك مش تسيبها قذرة وقاعد تتمنظر!!.. الله يكون فى عون الإسكندرانية!.. كم يطالبون بعزله ولا يجدون استجابة.. المسألة محتاجة منهم صلاة استسقاء، يمكن ربنا يبعت الفرج من عنده!.. طبعا إذا تحدثنا عن مشكلة القمامة واقتصرنا فى الحديث عن الإسكندرية فقط نبقى مفتريين، فالمشكلة عامة، و لست أدرى ما هى المعضلة التى تحول دون حل مشكلة القمامة حتى الآن.. طبعا المحليات هى الزغلول الكبير المسؤول عن كل هذا القبح، فما بالك بقى والمحليات فاسدة على سن ورمح.. فساد المحليات يا حمادة أصبح فسادا يدرس فى المدارس، حيث هناك دليل الفاسد الصغير للمرحلة الابتدائية ودليل الفاسد الكبير، ده غير طبعا دليل الفاسد الجامعى، وبعدها يتخرج يشتغل فى المحليات على طول، حيث يبدأ صعود سلم المجد بتملق المحافظ والحكومة مهما أهملوا، ثم يليه إعطاء التراخيص المخالفة وينطلق فى سماء نجومية الفساد.. رزقهم واسع بتوع المحليات يا حمادة، اللهم لا حسد!..
لكن الشهادة لله إن حرقة دمنا من شركات النظافة فى تعمدهم ترك القمامة فى الشوارع إلى هذا الحد لا يفوقها سوى حرقة دمنا من استمرار تحصيل رسوم القمامة على فاتورة الكهرباء.. يبدو أن هذه أيضا محتاجة صلاة استسقاء يا حمادة!.. طب تصدق بالله يا حمادة، فى بادئ الأمر ظننت أن ترك أكوام القمامة فى الشوارع إنما يتم عن قصد حتى يتمكن كل مواطن من إيجاد علامة يعلم بها الشارع الذى يسكن فيه.. وظللت على هذا فترة، لذلك رغم أننى أسكن فى حى المعادى والمعروف بأنه حى راقى إلا أننى كنت عندما أصف عنوانى لأحد كنت أجد أنه من الأسهل أن أقول له:«وعند أول كومة زبالة تقابلك تدخل يمين على طول».. وكانت الوصفة سهلة فعلا، لكن مع ازدياد أكوام القمامة أصبح عنوانى صعبا بعض الشىء.. فأصبحت أصفه بأنه أول فتحة بعد خامس كومة زبالة هتقابلك.. ثم تطور الوصف إلى «عارف بقى الكومة اللى عليها قطط وفئران؟».. لذلك ولكى تخشوشن الحكومة قليلا فتفسخ تلك العقود فلنجمع قمامة منازلنا وشوارعنا ونتركها أمام دواوين المحافظات.. ولّا إيه رأيك يا حمادة نتركها عند مجلس الوزراء؟