الجمهور الوسطى الجميل!

أسامة غريب الأربعاء 29-07-2015 21:33

دنيا الفن فى مصر واسعة وفسيحة من زمان، وقد اتسعت دائماً للموهوبين من مصر وباقى الدول العربية بصرف النظر عن الدين والجنس واللون. هذا صحيح بكل تأكيد، وأمامنا نماذج كثيرة لممثلين وممثلات ومطربين ومطربات لم يكونوا مصريين وقد حققوا نجاحاً مدوياً بفضل الجمهور المصرى.. أمامنا كذلك نماذج لفنانين وفنانات لم يكونوا يدينون بالإسلام (دين الأغلبية) ولم يكن هذا عائقاً فى سبيل وصولهم للناس وتربعهم على عرش القلوب.

كل هذا أغرانا بأن نصف أنفسنا بالتسامح وقبول الآخر الفنان، والنظر إليه بتجرد والحكم عليه من خلال موهبته فقط ودوره فى إسعاد الجمهور.

لكن رغم هذه الديباجة فإن النظر للخريطة الفنية طوال القرن العشرين تكشف لنا أن معظم الفنانين الذين أرادوا أن تكون لهم حيثية فى دنيا الفن قد اختاروا أن يغيروا أسماءهم التى حسبوها تقف عائقاً بينهم وبين الجمهور، وبعضهم قام بتغيير دينه أيضاً! كلنا نعرف ليلى مراد، لكن البعض لا يعرف أن اسمها الأصلى هو ليليان موردخاى، كذلك أخوها موريس موردخاى نعرفه باسم منير مراد. لدينا كذلك راشيل إبراهام ليفى التى لم تستطع مواجهة الجمهور باسمها الحقيقى واختارت أن تكون راقية إبراهيم، وعندنا أيضاً المطربة والممثلة ألكسندرا بدران التى أحضرها يوسف وهبى من لبنان وقدمها فى فيلمه «الجوهرة» تحت اسم نور الهدى.. ومن لبنان أيضاً أحضرت المنتجة آسيا فتاة اسمها جانيت جرجس فغالى، لكنها لم تجرؤ على تقديمها باسمها الحقيقى واختارت لها اسم صباح. نذكر كذلك الفنانة كاميليا التى لقيت مصرعها فى حادث سقوط طائرة، واسمها الأصلى ليليان كوهين، وفى نفس السلسلة لدينا نينات شالوم التى عرفها الجمهور باسم نجوى سالم، ولدينا الفنانة الكبيرة علوية جميل زوجة الفنان محمود المليجى التى لم تكن علوية ولا أبوها جميل، بل كان اسمها إلياصابات خليل مجدلانى، وواضح من اسمها الأصل اللبنانى المارونى.. وكذلك الفنان إليا مهدّب ساسون الذى مثل فى أفلام إسماعيل ياسين وعرفناه باسم إلياس مؤدب، ونذكر أيضاً الممثلة القديمة بدرية رأفت زوجة الممثل بدر لاما وقد كان اسمها الأصلى جوزفين سركيس.. ومن ممثلات الجيل الحالى الفنانة التى بدأت حياتها الفنية باسم ليز سركسيان ثم تحولت بعد ذلك إلى إيمان. حتى الفنان العظيم الذى كان والده عراقياً واسمه الأصلى: نجيب إلياس ريحانة قام بتعديل الاسم ليصبح نجيب الريحانى. وقبل هؤلاء جميعاً لدينا الممثل العالمى الذى اختاره يوسف شاهين لبطولة فيلم صراع فى الوادى ولم يستطع أن يقدمه للجمهور باسم ميشيل شلهوب فاختار له اسم عمر الشريف. المفارقة الجديرة بالذكر أن عمر الشريف الذى انطلق إلى السينما العالمية وأصبح نجماً هوليودياً كبيراً، لم تفكر هوليوود فى أن تعدل اسمه وتختار له اسماً غربياً مثل جون ريتشارد أو مارك فورد مثلاً، وإنما قبلته كما هو بالاسم العربى المسلم: عمر الشريف.. ولعل هذا يوضح لنا أى مجتمع هو المتسامح بحق.. الذى يقبل الممثل باسمه كما هو أم الذى يخشى من استقبال الجمهور له باسمه اليهودى أو المسيحى أو الأجنبى فيسمى «راشيل» راقية و«ليليان» ليلى و«موريس» منير و«ألكسندرا» نور الهدى و«ليز» إيمان و«إلياصابات» علوية؟ مَن المتسامح بحق؟.. قولوا أنتم يا متعلمين يا بتوع المدارس!