مصادر حكومية أفغانية تؤكد وفاة زعيم «طالبان».. وتقارير: ابنه مؤهل لـ«القيادة» (تقرير)

كتب: غادة حمدي الأربعاء 29-07-2015 15:18

أكدت عدة مصادر في الحكومة الأفغانية ومن المتمردين وفاة زعيم حركة «طالبان» الأفغانية، الملا محمد عمر، منذ نحو عامين أو أكثر إثر إصابته بمرض، في حين قال متحدث باسم الرئاسة الأفغانية، الأربعاء، إن الحكومة تتحقق من تقارير عن وفاة زعيم الحركة الفارّ منذ نهاية 2001، والذي يبقى مصيره مجهولاً منذ سنوات.

وقال مسؤول حكومي أفغاني، رفض الإفصاح عن اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية: «لدينا تأكيد من السلطات الباكستانية ومصادر من طالبان بأن الملا عمر توفى قبل عامين في باكستان جراء إصابته بمرض»، وأضاف: «ناقشنا المسألة أيضًا خلال اجتماع لمجلس الأمن الوطني في القصر الرئاسي، ونناقش كيف سنمضي قدمًا وفقًا للمعلومات الجديدة»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول حكومى أفغاني كبير قوله إن الملا عمر «توفي منذ عامين ودفن في جنوب البلاد» حيث مسقط رأسه، فيما نقلت عن مسؤول في «طالبان»، طالبًا عدم كشف اسمه، قوله: «بناء على معلوماتي، فهو توفي»، مشيرًا إلى أنه لا يملك تفاصيل دقيقة حول أسباب الوفاة وتاريخها، في حين أكدت مصادر مسؤولة في الاستخبارات الباكستانية لوكالة أنباء «الأناضول» التركية تقاسمها معلومات حول وفاة الملا عمر مع الاستخبارات الأفغانية.

جاء ذلك بعدما تناقلت وسائل إعلام أفغانية وباكستانية هذا الأسبوع أيضًا أنباء عن وفاة الملا عمر منذ نحو عامين أو 3 أعوام، وذكرت تقارير أيضًا أن ابن الملا عمر في وضع يؤهله لقيادة الحركة التي تحارب الحكومة المدعومة من الغرب.

ومن جهته، أعلن المتحدث الرئاسي الأفغاني، ظفر الهاشمي، الأربعاء، أن الحكومة تحقق في معلومات حول وفاة زعيم «طالبان»، الذي اختفى عن الأنظار منذ نهاية 2001، وكان يُرجح إقامته في باكستان، وأضاف: «نحقق في هذه المعلومات.. وسنعلن موقفنا بعد التثبت من صحتها»، في حين قال المتحدث باسم «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، إن الحركة ستصدر بيانًا بشأن هذه المعلومات، لكنه رفض تأكيد أو إنكار تقارير الوفاة على الفور، لكن صحيفة «إكسبريس تريبون» نقلت عن عضو بمجلس القيادة المركزية للحركة قوله إن الملا عمر توفى منذ عامين بعد إصابته بـ«السل».

وكانت تقارير عن موت الملا عمر صدرت أكثر من مرة في الماضي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها تأكيد النبأ من جانب مسؤولين في الحكومة الأفغانية.

وولد الملا عمر عام 1960 في قرية شاه الهمات، التابعة لولاية قندهار الأفغانية، وبدأ القتال ضد قوات الاتحاد السوفيتي عام 1980، وقاد حركة «طالبان»، التي تزعمها عام 1996، إلى النصر على الميليشيات الأفغانية المنافسة لها في الحرب الأهلية التي تبعت انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان. وكان تحالفه مع زعيم تنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن، هو السبب الذي دفع بالولايات المتحدة إلى غزو أفغانستان على رأس تحالف دولي عام 2001، بعيد هجمات 11 سبتمبر من العام ذاته في نيويورك وواشنطن.

وهرب الملا عمر آنذاك، فيما أعلن الأمريكيون عن مكافأة تبلغ 10 ملايين دولار لمن يقبض عليه. ودأبت «طالبان» على نشر رسائل قالت إنها منه بين الحين والآخر، ونشرت الحركة قبل أسبوعين رسالة تهنئة بمناسبة عيد الفطر على لسان الملا عمر، ووصفت الرسالة التي نُشرت على أحد المواقع الإلكترونية التابعة للحركة، محادثات السلام مع حكومة كابول بأنها متفقة مع الشريعة الإسلامية، معتبرة أن «الإسلام لا يمنع الاتصالات السلمية مع الأعداء»، وأن محادثات السلام قد تكون سبيلاً لإنهاء احتلال القوات الأجنبية.

وكانت «طالبان» الأفغانية، نشرت في أبريل الماضي سيرة ذاتية مفصلة لزعيمها الملا عمر، في خطوة مفاجئة، يعتقد أنها تهدف إلى مواجهة تزايد نفوذ تنظيم «داعش» بين عناصرها. واحتفالاً بمرور 19 عامًا على تولي الملا عمر زعامة الحركة، نشرت الحركة السيرة الذاتية على موقعها، وذكرت أن الملا عمر يشارك بشكل نشاط في «الأعمال الجهادية»، نافية بذلك التكهنات بوفاته.

وجاء في السيرة الذاتية أنه «رغم رصد العدو المنتظم له، فلم تحدث تغيرات كبيرة أو عرقلة في الأعمال الروتينية التي يقوم بها الملا عمر من حيث تنظيم النشاطات الجهادية كزعيم للإمارة الإسلامية»، وأ ضافت أنه «يتابع النشاطات ضد الغزاة الأجانب المتوحشين الكفرة». ووصفته بأنه «صاحب شخصية كارزماتية»، وأدرجت عددًا من القصص التي تصف «شجاعته» في ميدان القتال، وذكرت أن سلاحه المفضل هو قاذفة الصواريخ «آر بي جي-7».

ونقلت شبكة «سكاي نيوز عربية» حينها عن الخبير في شؤون «طالبان»، أحمد سيدي، قوله إن «الحركة نشرت سيرة ذاتية لعمر، لعدد من الأسباب الاستراتيجية، وأهمها مواجهة نفوذ داعش، الذي يتغلغل في صفوفها، إلى جانب إظهار أن عمر على قيد الحياة ولا يزال يتولى السيطرة على الحركة، بوصفه زعيمها الأعلى».

ويأتي الإعلان عن وفاة الملا عمر بعد بضعة أسابيع على أول اتصال رسمي جرى بين المتمردين وحكومة كابول بغية التمهيد لمفاوضات سلام، دون أن يؤدي ذلك إلى وقف النزاع على الأرض. وفي حال تأكدت الوفاة، فإن الأمر قد يعيد خلط الأوراق في صفوف «طالبان»، مع ترقب اتصالات ثانية مع كابول في الأيام المقبلة، خاصة وأن متمردي الحركة يعانون أيضًا انقسامًا داخليًا بين جيل جديد من القياديين الذين يواصلون القتال على الأرض، والقادة القدامى الذين فروا إلى الخارج في نهاية 2001.

وكانت مجموعة من رجال دين أفغان يسمون أنفسهم بـ«علماء أفغانستان» طالبوا مطلع الشهر الجاري الملا عمر بالظهور العلني في شريط فيديو مصور لإثبات أنه على قيد الحياة، مهددين بأنهم سيبايعون زعيم تنظيم «داعش»، أبوبكر البغدادي، إن لم يستجب الملا لطلبهم.

ومن ناحيته، أعلن نبى جيتشين، زعيم إحدى الميليشيات الأفغانية، في إقليم قندوز شمالي فغانستان، الأربعاء، أنه وعد مقاتليه بمكافآت مالية لكل من يقتل أو يصيب أو يأسر أي من عناصر «طالبان»، وذلك بعدما استولى مسلحون على ما لا يقل عن قريتين في منطقة تسيطر عليها الميليشيا التي يتزعمها في وقت سابق هذا الشهر.