أرباح 365 يوماً فى قناة السويس الجديدة!

يسري الفخراني الثلاثاء 28-07-2015 21:13

انتهت السنة، مدة أول مشروع وطنى يشهده جيلى المولود بين نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، كنت أدرك من اللحظة الأولى أن «نعم المصريون يستطيعون»، سنة لبناء قناة السويس الجديدة، أفضل أن أسميها بناء لا حفرا، إعجاز هندسى لا يختلف عليه اثنان، فى هذا العام كان هناك 38 ألف مواطن مصرى من كل مدينة وقرية وحى وشارع وزقاق وحارة فى مصر يعملون هناك فى ظل ظروف صعبة للغاية لا يتصورها أكثر المتحمسين للخيال، الواقع عبر سنة، 365 يوما، صعب إلى أقصاه، مرعب مع المفاجآت وحرب نفسية مخيفة وطقس لم يرحم ساعة، تلك ملحمة مصرية تستحق أن نفتخر بها، فى أوقات العتمة تخترع الدول العظيمة ذات الحضارات مشروعات عملاقة تطلق الأمل الخامل فى النفوس وتعيد إنتاج الفرحة المعطلة والسعادة التى شحت وغلت.

على بعد مرمى حجر من افتتاح قناة السويس الجديدة، أجدها تعيد اكتشاف موهبة المصرى فى الإبداع على كسر كل التوقعات، اكتشاف قدرته على العمل وعلى الإنجاز، تصوروا آخر مرة تكلمنا عن قدرة المواطن المصرى على العمل؟، المصريون يفرحون حتى فى غياب أرقام دقيقة عن ماهية القناة اقتصاديا، لكنها الفرحة بعمل كبير وعظيم يستحق الفرحة، تدفع الشعوب ثمنا لأفراحها، هذا هدف فى حد ذاته يستحق أن نتوقف عنده ونعظمه، نحن فى احتياج إلى عملية انتشال ضخمة من سنوات طويلة اعتاد فيها المواطن المصرى الحزن والإحباط والكلام المكرر عن شخصية هشة عشوائية باتت تسكنه.

الآن، هيا بنا نفرح، إذا كنت تحب مصر.. افرح، انقل الفرح، هذه الفرحة ليست لشخص ولا أشخاص، هذه لمصر، هل وصلنا لمرحلة يمكن فيها لمواطن مصرى أن يبخل بالفرحة على بلده؟.

مشروع وتمت مرحلته الأولى بكل دقة، تخطى كل التوقعات، ارتفعت أسهم العامل المصرى فى الأسواق العالمية لمجرد قدرته على هذا التحدى، راجع قصصا مصورة وتقارير عن القناة فى جرائد كبرى فى العالم، لتعرف ماذا يقولون عن مصر وعن المصرى، هذه أول الأرباح، العمل يعيد مصر والمصريين إلى خريطة العالم بثقة، انظر إلى هذا المشروع الذى يبدأ الصفحة الأولى بقفزة سياسية تعلن عن قوة مصر وقدرتها فى أسواق الاقتصاد، نتكلم إذًا عن مجتمع جديد يولد، المسألة لا تحتاج فلسفة، أنت صنعت مجتمعا قريبا من العالم لكى ننفخ فيه من روحنا حياة صناعية وخدمية تستوعب فى وقت يقل عن عشر سنوات حوالى 6 ملايين مصرى، لا يجب أن نقع دائما تحت طائلة الحسابات التى تبحث عن المكاسب الفورية، لا يوجد مكاسب فورية إلا فى التجارة غير المشروعة!

التشكيك فى جدوى المشروع بدأ مبكرا منذ لحظة الإعلان عنه، قبل أول ضربة من كراك، اليوم علينا جميعا أن نذهب لكى نرى، ليس القناة الجديدة، لكنها المساحة التى خلقتها القناة الجديدة جاهزة لتقديم خدمات وإنشاء مصانع وبناء حياة.

وطن جديد يصنع بأيد ملؤها عرق وكفاح، بقعة تبدو كبيرة حتى من خرائط جوجل الملتقطة من أقمار صناعية بعيدة، عالم يترقب نصيبه منها، يسيل لعابه على قطعة يضع فيها استثمارات فى سوق يتنبأ لها خبراء بالصعود.

فى كل مكان فى مصر خير كثير، مصر أرض الخير، لكن هناك لحظات اكتشاف مؤجلة يجب أن نذهب لها بكل الدعوات لله وكامل أناقتنا وقوتنا لكى نرى مصر تتحرك للأمام، المشروع تم، لا وقت لفتاوى، هذا وقت الأمنيات باكتمال مراحل تالية مع عمل عظيم لكى نصبح قوة كبيرة فى خريطة العالم.

تحليلات المقاهى وصفحات الفيس بوك، فات وقتها، أنت الآن كمصرى أمام مشروع يجب دعمه لكى نحصل منه على أعلى عائد اقتصادى واجتماعى وسياسى غير متوقع، ولا يجب إغفال عنصر على حساب آخر، فمكسبك من إنشاء مجتمع جديد يساوى أرباحك من عائد بعيد مادى وعائد أقرب سياسى.

ولا يجب أن نناقش قناة السويس الجديدة فى معزل عن شبكة الطرق التى تربط أنحاء مصر وتخلق مجتمعات جديدة فى وقت قصير، وشبكة الطرق البرية التى تصل رأس أفريقيا بذيلها، القاهرة وكيب تاون.

مصر تلعب دورا فى طى الزمن واختصاره بين دول العالم.. وسوف نكتشف ذلك بعد قليل. ويبقى لى فى النهاية أمنية: حضور كل جندى مهما كانت رتبته شارك فى انتصار أكتوبر المجيد لكى يكون شاهدا فى احتفال مصر بافتتاح القناة الجديدة، لنفرح به وهذا حقه، ويفرح وهذا واجبنا.