نقابة للصعايدة

عاصم حنفي الثلاثاء 28-07-2015 21:16

حاجة غريبة يا أخى.. ارتفعت درجة الحرارة الأوروبية إلى 37 درجة فارتبكت الدنيا تماماً.. فى فرنسا هدد العمال بالإضراب العام.. وفى بريطانيا طالبت نقابات العمال الحكومة بأن تضع فى عينها حصوة ملح لتصرف بدل حرارة للعامل الذى يعمل فى ظروف غير إنسانية.. وفى سائر بلدان أوروبا تعطل الشغل والإنتاج.. وتعظيم سلام للعامل المصرى الذى لم يتوقف أبداً.. والدليل أنه أنجز حفر قناة السويس الجديدة فى موعدها المحدد.. والتى وصفها المؤدب وجدى غنيم بأنها تشبه طشت الوالدة باشا..!

ارتفعت درجة الحرارة الأوروبية فطلع الناس من هدومهم.. ومشوا زلط ملط فى الشارع يكلمون أنفسهم.. وفى فرنسا والنمسا وألمانيا وسويسرا خلعت البنت ملابسها ومشت عريانة فى الطريق العام.. وهى تعانى الحر والعرق والنار القايدة.. البنت عندهم تمشى عريانة نعم.. لكنها لا تمشى على حل شعرها.. هى عريانة لكن بمزاجها.. وليس من حق حضرتك التطفل والبحلقة.. لأن العرى ليس دليل مسخرة وقلة أدب.. لكنه برهان بالصوت والصورة على الحرية الشخصية التى يتمتع بها إنسان العالم الأول.. هو حر فى أن يفعل ما يريد.. يلبس مقطع أو اسموكن.. يتغطى بلحاف أو يمشى بلبوص.. هو حر وأنت لا تستطيع التدخل أو فرض ذوقك وآرائك ومزاجك الشخصى.. هو حر مادام لا يؤذى أحداً.. وأنت تلتزم حدودك ولا تتدخل.. فهكذا تسير الأحوال فى بلاد الخواجات..!

موجة الحر ضربت الموسم السياحى الأوروبى.. خصوصاً السياحة الوافدة من دول آسيا الغنية.. الذين ألغوا رحلاتهم على اعتبار أن حرارة الطقس عندهم أهون..!

انهيار الموسم السياحى أدى بالتبعية إلى انتشار موجة الكساد المخيفة فى بعض أنواع التجارة.. التى تعتمد على الرواج السياحى.. ومنها تجارة الملابس الجاهزة، وقد أثر الارتفاع الرهيب فى درجة الحرارة على حركة البيع والشراء.. على اعتبار أن موضة البلبوص هى الأكثر انتشاراً.. وأنت هناك لا تذهب لشغلك فى ظل درجة حرارة 37.. لا تذهب بالقميص والبنطلون والكرافت والجاكتة والجزمة والشراب.. وهم يذهبون لأعمالهم بالشورت والكاب والشبشب وخلاص..!

ولأن ربكم مع المنكسرين جابر.. فقد عوضت السياحة العربية غياب السياحة الآسيوية.. صحيح أن السياحة العربية جاءت متأخرة بسبب شهر رمضان.. لكنها بدأت الآن.. وأفواج السياحة العربية تهل على الشوارع الأوروبية.. خصوصاً أن هناك كرنفالات صيفية مخصوصة للسياحة العربية.. أشهرها أعياد جنيف التى تجتذب العرب والأوروبيين بدليل أن فنادق جنيف بدأت فى وضع لافتة كامل العدد بعد طول كساد.. ويراهنون أن السياحة الخليجية سوف تعوض الموسم السياحى المضروب.. والملك سلمان ذهب إلى نيس الفرنسية بصحبة أعداد ضخمة من السياحة السعودية.. فأغلقت فرنسا الشواطئ العامة لتقتصر عليهم.. ويقولون إن الملك سلمان يستعد للذهاب إلى جنيف بعد إجازته فى نيس.. وتتجمل جنيف الآن استعداداً للزيارة المرتقبة للملك السعودى!

اشتعلت الحرارة فنافست حرارة القاهرة.. أسوان.. وقد صارت أخبار الطقس هى الشغل الشاغل للجميع.. والخبر الرئيسى فى جميع نشرات الأخبار.. ينقل توقعات خبراء الأرصاد.. ويوصى بأفضل طرق مواجهة الحر.. وينصح بضرورة الاستحمام صباحاً وظهراً وعصراً. وقد هرب الناس إلى الشواطئ والبلاجات وحمامات السباحة فى كل حى وفى كل شارع.. مع أن الصيف عندهم شهرين وخلاص..!

ارتفعت درجة الحرارة فتحركت نقابات العمال.. ومن حكمة الله أن النقابات عندهم مستقلة لا تتبع البيه الوزير.. وظيفتها الدفاع عن مصالح العمال.. وقد أفتت بأن من حق العاملين بالشوارع والطرقات الحصول على زيادة فى الأجور.. والإدارة حسبتها جيداً.. إنها إذا لم تعط العمال الزيادة المطلوبة فسوف يتوقفون عن العمل.. فوافقت على الفور.. على اعتبار أن زيادة الأجور أرخص من فاتورة الإضراب.

وتعظيم سلام لحضرة العامل المصرى المحترم.. الذى يعمل ويشيد فى حر يوليو وأغسطس.. يحمل قصعة الأسمنت فوق رأسه ويصعد بها للدور العاشر.. دون أن يشكو أو يتبرم.. ودون غطاء نقابى يدافع عنه ويتكلم باسمه.. مع أنه أحوج ما يكون.. وتخيل سعادتك نقابة قوية لعمال البناء الصعايدة.. وكيف تحمى أعضاءها من تعسف أصحاب الشغل.

أحياناً أنت فى ساعة غضب تتهم العامل المصرى بالكسل والسلبية.. مع أنه يصل فى ظروف عمل لا يعرفها الخواجة الذى كشفته الحرارة عند درجة 37 فوقف يشكو ويتذمر مع أنه لا يعمل بيديه وهناك الآلة تساعده والأوناش تتولى الأعمال الثقيلة..!

والله العظيم إن ما بيننا وبين الخواجة هو مجرد فروق فى الطقس.. هم يعملون عند درجة حرارة لطيفة ومقبولة تساعد على الشغل والإنتاج.. فلما تعرضوا لدرجة حرارة 37 توقفوا عن العمل وهربوا من الشغل وطفشوا من الإنتاج..!!