ترك الانتصار الكبير الذى حققه اتحاد أصحاب المعاشات مجموعة من علامات الاستفهام حول مستقبل الاتحاد، وقوته الجماهيرية، وآليات الانتصار، وكيفية المحافظة عليه واستثماره، أسئلة عدة وجدنا أنه من الأولى أن يجيب عنها البدرى فرغلى، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، الذى فجَّر عدة مفاجآت حول انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وكشف عن عزم الاتحاد تقديم مرشحين باسمه لخوض المعركة.
* متى بدأ التفكير فى تأسيس اتحاد لأصحاب المعاشات؟
- بعد خروجى على المعاش، وبعد أن كنت أتقاضى من 7 إلى 8 آلاف جنيه وجدت معاشى ألفاً وخمسين جنيهاً، وكان الأمر بالنسبة لى بمثابة سقوط من الدور السابع إلى الأرض، فالفجوة الكبيرة بين المبلغين كانت أشبه بالموت البطىء، فكرت أن أشتكى، ولكنى تساءلت إلى مَنْ أتوجه بالشكوى، فلم أجد إلا جمعيات دفن الموتى، بحثت عن اتحادات مماثلة فى دول أخرى، وكانت المفاجأة أن الجزائر بها اتحاد وكذلك مجموعة كبيرة من الدول العربية، ففكرت، لماذا لا يكون فى مصر اتحاد مماثل!
* كيف تطورت الفكرة إلى اتحاد يضم مليون عضو؟
- وضعت الخطوط العريضة فى ورقة، وزعتها على المحالين للمعاش وكان التجاوب رهيباً جداً، لدرجة أن الورقة كانت تباع وهى مجانية، وهو ما أكد الاحتقان الذى يعيشه أصحاب المعاشات، ومن 8.5 مليون مستحق للمعاشات فى مصر انضم إلينا حوالى المليون ونصف المليون مواطن، كلهم ناشطون ومستعدون لخوض المعارك،. ولا توجد أى قوى سياسية أو اجتماعية لديها هذه القوة الضاربة، ويشهد على حماس المشاركين وزخم الاتحاد مؤتمرا الإسكندرية والسويس حيث كان الحضور على مدى البصر.
ومن المواقف التى أرقتنى بشكل كبير رجل غلبان من السويس يقبض 200 جنيه معاشاً تخلى بسهولة عن 20 جنيهاً ليأتى إلى القاهرة للمشاركة فى وقفة احتجاجية، وهذا الشخص لفت نظرى إلى وجود قوة أيديولوجية وعقائدية تحركه وتحركنا معه.
* ما سر التصعيد الحكومى فى مواجهة أصحاب المعاشات ولماذا لم تنفذ مطالبهم من البداية؟
- الحكومة تتعامل مع صاحب المعاش على أنه ميت أو فى زوال وتستنكر عليه أن يطول عمره، ومشكلتنا الحقيقية مع استثمار أموالنا، فلدينا ما يقرب من 400 مليار جنيه فى ذمة الحكومة، بددت منها حوالى 335 ملياراً بالمخالفة للدستور الذى ينص على أن أموال التأمينات خاصة، واهتزت الصناديق أمام الخسائر المتلاحقة للأموال، وما أثار احتقاننا أن البنك المركزى يحدد سعر الفائدة بـ8٪، بينما تعطينا وزارة المالية 4٪ فقط، ولو تعاملوا مع أموالنا وفقاً للفائدة المقررة من البنك المركزى لتضاعفت المعاشات مرتين.
* كيف نجح أصحاب المعاشات فى كسب معركته ضد النظام؟
- خلال شهور معدودة تحولت عضوية الاتحاد من عشرات إلى مئات وإلى آلاف المواطنين، ودخل الاتحاد معارك كان من الممكن أن تنهكه وتلهيه عن أداء مهامه المختلفة،
ولكننا استطعنا بسبب الخلفية السياسية لأعضاء مجلس الإدارة المواءمة بين المهام التنظيمية والصراعات وبين دعوته فى المحافظات، واكتشفنا شيئاً جديداً ومذهلاً فى الواقع السياسى، وهو وجود 8 ملايين مصرى متحررين تماماً من عبودية الجزاءات والعقوبات والنقل والفصل وهم أصحاب المعاشات، وهى قوة جماهيرية جبارة وفاعلة حتى إنها تضم بعض الضباط الذين خرجوا على المعاش وأصبح لدينا الآن مليون ثورى على المعاش، هم سر قوة الاتحاد الذى سيلعب دوراً مهماً فى الحياة السياسية خلال الأيام المقبلة.
* هل يخطط مجلس الاتحاد للاستفادة سياسياً من القوة الجماهيرية المتمثلة فى أعضائه؟
- وضعنا خططاً للاستفادة من القوة التى نملكها، فنحن نملك تحريك قطاعات من الجماهير لا يملكها أى حزب، بعد أن تحولت الأحزاب إلى ديكورات للنظام، وأصحاب المعاشات لهم فاعلية وقوة، والدليل أنهم اقتنصوا مليارين من الجنيهات لا يستطيع أى حزب اقتناصها من الحكومة، ومن المنتظر أن نرى فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة مرشحين يرفعون لافتة «مرشح اتحاد المعاشات»، ولو أقر البرلمان نظام القائمة سننسق مع الأحزاب لنترشح على قوائمها.
* ما سر العداء بينك وبين وزير المالية ولماذا رفض مقابلتك؟
- وزير المالية «خاف يقابلنى» لأسباب لا يعلمها أحد، فأنا أول من وجه إليه استجوابات داخل البرلمان، وقد قدمت لبطرس خدمات جليلة ينكرها، منها أننى ساندته فى انتخابات مجلس الشعب، ووقفت معه ضد خصمه وأصدرت بياناً باسمى واسم الحزب فى دائرته، وبعد ذلك يعتقد الوزير أن أصحاب المعاشات عبء على الخزانة العامة ويريد التخلص منهم، وهو مفهوم غير أخلاقى.
* انتصار الاتحاد فى معركته أثار تساؤلات حول دور الأحزاب وفشلها فى العمل الجماهيرى، كيف ترد على هذه التساؤلات؟
- بعد سنوات قليلة سيكون الاتحاد الضوء البراق فى مصر، وسننعش الحياة السياسية، والبعض يؤرخ لاتحاد المعاشات وإضراب موظفى الضرائب العقارية بأنهما بداية التغيير فى مصر، فالجمهور ينتظر من يحركه بسبب غياب الأحزاب التى تعفنت، وسيستمر الأمر بهذه الصورة طالما لم يغير أى حزب قياداته المسنة أو برامجه غير المستقلة، فالنظام «يجرجر» الأحزاب من رقبتها.
* بصفتك أحد المنتمين لـ«التجمع» ما رأيك فى الصراع بين جبهتى الحزب وماذا تقول للمتصارعين؟
- سبب الصراع هو عدم وجود عمل أو نشاط، فالحزب طوال حياته موحد ولكن فى الفترة الأخيرة تلاشى العمل الجماهيرى فزادت الصراعات، كنا زمان ندفع ثمن العمل الجماهيرى فى المعتقلات والسجون، أما الجيل الحالى فغير مستعد لدفع الثمن الذى دفعناه،
ولذلك تخلى عنه الجمهور وتفرغ للصراعات، ولا حل لهذا الصراع غير الوفاق أو الموت، ولو أصرت الجبهتان على العناد سنصنع تياراً يسارياً ثالثاً داخل الحزب يكون غير محمل بأمراض الجبهات والشللية، وأقول للمتصارعين: «عودوا إلى رشدكم فالمحيط واسع وحيتان أكبر ستبتلعكم، ومن يرد أن يسلمنا إلى فم الحوت فسوف يدفع الثمن غالياً».